دولي

مؤتمر فلسطينيي أوروبا والتيه العربي

القلم الفلسطيني

 

بات من أهم الفعاليات الفلسطينية في القارة الاوروبية، بل العالم العربي بتأكيده حق العودة بقدرته على حشد الدعم والتأييد للقضية الفلسطينية، وتوجيهه انظار الفلسطينيين في العالم الى قضيتهم المركزية وتعبئتهم بشكل فعال، بعيدا عن التشتت والتشرذم السائد في العلام العربي والاسلامي، خصوصا بعد تراجع دور منظمة التحرير الفلسطينية، وحالة الهرم والشيخوخة التي تعاني منها؛ فالمؤتمر واشباهه يمكن ان يتحول الى مرجعية فلسطينية قادرة على التكاثر في العالم العربي والاسلامي، لتتحول الى مرجعية يتم فيها مواجهة حالة التيه والتشرذم التي يعاني منها العالم العربي، مجنبًا الفلسطينيين المعارك الجانبية و»العنطزات» العربية؛ محددا بذلك قواعد الاشتباك والاولويات بالنسبة للفلسطينيين. المؤتمر بات محط اهتمام المسؤولين الاوروبيين والعرب؛ إذ شارك فيه وزراء من الحكومة المغربية ليتحول الى مركز اهتمام عربي واوروبي وعالمي؛ فرغم الجهود التي بذلها الكيان الاسرائيلي ممثلا بجماعات الضغط او بسفرائه، الا انه لم يستطع ان يثني الحكومة السويدية او الشعب السويدي عن اتخاذ موقف سلبي تجاه انعقاده في ستوكهولم. مركز العودة باعتباره واحدا من اهم المشرفين على الفعالية تمكن من توسيع نشاطه وشرعنته؛ بحصوله على عضوية او صفة مراقب في العديد من المؤسسات الدولية، النشاط الفلسطيني في اوروبا والقارة الامريكية حيوي، وفي صعود دائم، ويمكن تعميمه في العالم العربي التائه، فرغم العوائق الكبيرة التي تواجهه، الا انه ما زال يسير في خطى ثابتة، متجاوزا الانشغالات العربية او سياسات التطبيع الرسمية المتبعة من قبل الدول العربية للأسف، ليتحول الى مركز ثقل ضاغط على السياسة الرسمية العربية التائهة والمتخبطة في مستنقع الصراعات الاقليمية والمحلية. فالمؤتمر ترافق هذا العام مع تصعيد اسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل بفتح ملفات خطرة كملف الجولان المحتل، موسعا بذلك دائرة اشتباك الكيان مع القوى الاوروبية، سواء في فرنسا ام المانيا ام عموم الاتحاد الاوروبي، مسألة لا بد من استثمارها وتوظيفها للدفاع عن حقوق الفلسطيني، وعلى رأسها حق العودة، فالسياسة الاسرائيلية غير قابله للتجميل؛ باعتبارها مصدرا لتهديد السلم الدولي.

 

الاستراتيجية الصهيونية لتفكيك النشاط الفلسطيني والكتلة الصلبة تتمثل بمحاولة مشاغلتها بصراعات جانبية في البيئة العربية الملتهبة، خصوصا دول الجوار العربي؛ لذلك فإن التركيز ينصب على فتح قنوات جديدة مع القيادات الرسمية العربية او طرح مشاريع لا مستقبل لها لمعالجة ازمته في الضفة الغربية او القطاع في محاولة لنقل المعركة المحتدمة في الاراضي الفلسطينية والقارة الاوروبية الى العالم العربي، محاولة لمشاغلة الفلسطينيين في صراعات جانبية بائسة مع بيئتهم العربية، واستنزافهم كالعادة في معارك مع الانظمة الرسمية العربية المأزومة؛ فالكيان لن يقدم حلولا حقيقية للدول العربية، بل مزيداً من وصفات التأزيم على الأرجح. رغم التفوق العسكري والاستعراضات السياسية والدبلوماسية للكيان حول علاقته بالدول العربية، الا انه ليس في افضل احواله، ومحاولته الخروج من العزلة من خلال الترويج لمشاريع تصفوية، او تعاون مصلحي مع بعض الدول العربية لن يزيد واقع الدول العربية الا تأزيمًا، لا يرغب الفلسطينيون ان يكونوا طرفا فيه، ومسؤليته تقع على كاهل المنخرطين فيه فقط، فالجهود الصهيونية لن توقف تدحرج كرة الثلج، فالمواجهات اليومية في الضفة الغربية، والتوتر على حدود غزة، والمعارك القانونية الممكن اشعالها مع الكيان لن تقدم اي فسحة امل حقيقية لإخراج الكيان من مأزقه؛ فالساحة الفلسطينية باتت اكثر فاعلية، وخبرة في ادراتها لمعركتها مع الكيان واكثر قناعة بضرورة تجنب البيئة الهشة والمتقلبة في العالم العربي. فقدان التركيز والتشتت ما يعول عليه الكيان الاسرائيلي بعد ان فشل في وقف النشاط الفلسطيني المتمدد في مناطق نفوذه التقليدية في القارة الاوروبية، بل الولايات

المتحدة نفسها؛ لذلك فإن الرد الطبيعي هو عدم الانخراط في المعارك الهامشية التي يحاول ان يشعلها بين الفلسطينيين وبيئتهم العربية المضطربة التائهة والمأزومة؛ فالحل ليس بالاشتباك مع العالم العربي وإنما بالعمل على جذب الدول العربية الى مربع يخدم الاستراتيجية الفلسطينية او على الاقل احراجها. 

 

حازم عياد

من نفس القسم دولي