دولي
من مزايا العنصرية الصهيونية
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 20 أفريل 2016
أن تتصرف تجاه الآخر باستعلاء مطلق؛ سياسيا، ثقافيا، اجتماعيا، ودينيا، معتقدًا أنك الأعلى، وصاحب الحق المطلق والصفات العليا (المختارية)، وأن الآخر هو الأدنى، منتهك القداسة، ممسوخ الصفات، مسلوب الحقوق، فهذه هي العنصرية. فليس غريبًا أن الكونت جوزيف آرثر الذي يعدّه البعض عميد المدرسة العرقية العنصرية الحديثة، طرح نظريته التي قسم بها الشعوب إلى ثلاثة أصناف أبيض قوقازي أسود زنجي أصفر منغولي. فيما أن الأبيض لديه الصفات المتفوقة، من ذكاء، أخلاق وإرادة، مكنت العالم الغربي أن يسيطر على بقية الشعوب، أما السود فيقتربون من المرتبة الحيوانية في افتقارهم إلى القيم الأخلاقية والاكتفاء العاطفي، فهذه النظرية ومجمل النظريات العرقية جاءت في نهاية القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر، لتبرر النظام الاجتماعي الناشئ عن السيطرة الاستعمارية (سوبرمان وسبمان). عودًا إلى قضية النقاش ومجملها أن زوجة عضو الكنيست الصهيوني تسلال سموترتش طالبت أن يتم فصل النساء اليهوديات عن العربيات في أقسام الولادة في المشافي الإسرائيلية، ومطالبة أن لا يشرف أي طبيب عربي على ولادة النساء اليهوديات، مفسرة ذلك أن اللحظات الأولى لمجيء الطفل اليهودي والأيدي التي تلمسه لأول مرة لها أهمية روحية ونفسية كبيرة في حياته. فيما قام زوجها عضو الكنيست عن تكوما في قائمة البيت اليهودي تسلال سموترتش بتأييد تلك الدعوة داعيا إلى تقنينها، فيما قام رئيس كتلته البرلمانية نفتالي بنت باستنكار تلك الدعوة مباشرة. ربما يذهب قائل أن سلوك عضو كنيست معلوم التطرف، لا يمثل حالة المجتمع الصهيوني كله. وهنا سنقع في الوهم المضلل إذا قبلنا بذلك، فالدكتور أحمد الطيبي عضو الكنيست عن القائمة العربية والطبيب النسائي المختص، تحدث لموقع ynet العبري عن تجربته في هذا المجال، مؤكدا أن الواقع في المستشفيات يمثل حالة حقيقية من الفصل والسلوكيات الأخرى. وأن الغضب الإسرائيلي من تصريحات سموترتش جاءت لأنه وضع الأمر على الطاولة وكشف الوجه القبيح للمسألة. أما الطبيبة النسائية لينا قاسم حسن تحدثت عن واقع بشع من خلال تجربتها كطبيبة نسائية، فمما قالته لينا لصوت "إسرائيل" بالعبرية يوم 6-4 -2016: إنه من الناحية العملية يتم الفصل بين النساء اليهوديات والعربيات، فيا ترسل النساء العربيات إلى أقصى غرف أقسام الولادة لتكون شبه معزولة ما يؤثر على طبيعة الخدمات الطبية وسرعتها، فيما أن بعض حالات المشافي لا تستقبل النساء العربيات أصلا، وعندما جادلت هي الطاقم الرافض في إحدى الحالات في مشفى هداسا قال لها الطاقم أنهم لا يريدون أن يبدو المشفى بمظهر عربي ما يجعل النساء اليهوديات يعزفن عن المجيء إليه. أضافت الطبيبة قاسم أنها خلال دورة التخصص لها في هداسا، وكانت برفقة طبيبة يهودية سمعت إحدى المريضات تتحدث مع صديقها على الهاتف وتجيبها فيما يبدو عن الحالة في المشفى: إن الوضع ممتاز، والخدمات كذلك لولا وجود بعض الأطباء العرب الملوثين. إذًا المسألة لا تتعلق برأي هنا وآخر هناك، بل إن المنهج العنصري القائم على النفي والتهجير والمذابح - (التي ادعى مؤرّخوه الجدد أنها كانت ضرورية لقيام الكيان، برأي بني موريس أنه لا يمكنك صنع العجة دون أن تكسر البيض) -والمحو المادي والمعنوي، هي كلها مركب بنيوي في هذا الكيان القائم على أنقاض الآخر.
فالكيان قبل نشأته، وخلالها، وبعدها قائم على جملة من التصورات التي تطرد الفلسطيني وتنفيه بكل الأبعاد، وعندما حضر العربي مرة أخرى -متجاوزا كل محاولات التغييب التي مورست عليه - حاولوا تهميشه ونفيه نفسيا وذهنيا (طرده معنويًّا). فيما يلخص حاييم وايزمان - أول رؤساء الكيان ورئيس الوكالة اليهودية قبل الكيان - العقل المشكل (بكسر الكاف) لسلوك الصهاينة، عندما سأله آرثر روبين رئيس دائرة الاستيطان في الوكالة اليهودية عن العرب والفلسطينيين، وكيف حصل على وعد بلفور، أجاب وايزمان: لقد أخبرنا الانجليز أن هناك بضع مئات الآلاف من الزنوج (negroes)، وهؤلاء لا قيمة لهم. فلا يظن أحد أن زنوج آرثر وبلفور غائبون عن دائرة التصور والسلوك الصهيوني في الحاضر.
عبد الباسط الحاج