الوطن

خبراء يحذرون من استغلال دسترة الأمازيغية لأغراض شخصية

رأوا بأن فرض الحضور على النواب لا يعد مساسا بكرامتهم كما يروج البعض

 

أكد خبراء وأساتذة في القانون الدستوري أن "فرض الحضور على أعضاء المجلس والنواب لا يعد مساسا بكرامتهم ولا يخدشها"، موضحين أن "احتساب الغيابات للنواب الذين يقاطعون جلسات البرلمان هو من صلاحية الأنظمة الداخلية للبرلمان التي تقرر ذلك"، منتقدين "المشككين في طبيعة نظام الحكم في الجزائر داعين إياهم بالكف عن سياسة التهويل".
وأوضح في هذا الصدد كايس الشريف، أستاذ القانون ومدير مخبر البحث "القانون والتكنولوجيات الجديدة"، أن "التجربة الدستورية الجزائرية من أغنى التجارب الدستورية في العالم، والتي عرفت عدة أنواع من الدساتير تمخضت عنها عدة أنماط لتنظيم السلطة السياسية، بدءا من الدستور المادي الصغير لسنة 1962 إلى دستور 1996"، مؤكدا أن "الدستور بالجزائر تأرجح بين الدساتير المادية المقدر عددها بأربعة والدساتير الشكلية المقدرة عددها بأربعة".
وأوضح كايس، أمس، في محاضرته التي ألقاها خلال اليوم الدراسي حول تعديل الدستور وانعكاساته على المنظومة القانونية الجزائرية، أن "دستور 1996 يعتبر من أهم القوانين الأساسية التي توجت تجربة قرابة نصف قرن من البناء والإصلاح المؤسساتي"، مضيفا أنه "جاء بعدة مبادئ جديدة لم يكرسها النظام السياسي منذ الاستقلال، حيث عمم الازدواجية المؤسساتية في تنظيم السلطات الثلاث"، مستطردا أنه "وبالإضافة إلى الاحتفاظ بازدواجية السلطة التنفيذية تم تكريس الازدواجية البرلمانية والقضائية".
وأفاد المتحدث أن "من بين الآثار الجوهرية التي أحدثها هذا التعديل الدستور على المنظومة القانونية المؤسساتية، عقلنة سيرها عبر إرساء بعض التوازنات بينها، خاصة بين السلطة التشريعية والتنفيذية، وذلك بضبط قواعد كل منها"، مؤكدا أن "تعديل الدستور أعاد الاعتبار للانتخابات التشريعية من خلال التنصيص على وجوب استشارة رئيس الجمهورية للأغلبية البرلمانية عند تعيين الوزير الأول، طبقا للمادة 91 من الدستور، كما تبرز هذه الأهمية من خلال مخطط عمل الحكومة الذي يعتبر البرنامج السياسي للحكومة الذي تنال ثقة المجلس الشعبي الوطني على أساسه وتحاسب عليه في نهاية كل سنة مالية بمناسبة تقديم الوزير لبيان السياسة العامة لفريقه الوزاري طبقا للمادة 153 من الدستور".
وأضاف كايس الشريف أنه "تتجلى إعادة الاعتبار للجهاز التشريعي من خلال توسيع نشاط مجلس الأمة الذي يمكن لأعضائه المبادرة بالقوانين في مجال التنظيم المحلي والتهيئة والتعمير والتقسيم الإقليمي، وذلك طبقا للمادة 137 من الدستور"، مؤكدا أن "هذا التطور سيعطي أهمية بالغة للانتخابات المحلية، وعلى هذا الأساس سيتغير نمط إيداع المشاريع والمبادرة بالقوانين تبعا للموضوع محل التشريع"، معتبرا أن "مجلس الأمة لم يعد غرفة تسجيل لما يتم المصادقة عليه في المجلس الشعبي الوطني، وإنما أصبح هيئة تتمتع باختصاص التشريع والمناقشة والتعديل"، مذكرا أنه "تدعم هذا الإجراء من خلال التنصيص على وجوب الاهتمام بما تريد المعارضة البرلمانية برمجته من مواضيع ومبادرات، وذلك بوجوب تخصيص جلسة شهرية في كل غرفة برلمانية لمناقشة انشغالات المجموعات البرلمانية التابعة للمعارضة، عملا بالمادة 114 من الدستور"، مذكرا أنه "أنشأ هذا التعديل مركزا قانونيا دستوريا للمعارضة لم يكن موجودا في الأنظمة السابقة".
وفي نفس السياق، قال بوزيد لزهاري، عضو مجلس الأمة السابق والمختص في القانون الدستوري، أن "تعديل الدستور من أحسن الدساتير، حيث أن الجزائر عرفت منذ الاستقلال 3 دساتير آخرها دستور التعددية سنة 1989 الذي عرف بدوره 4 تعديلات سنوات 1996 و2002 و2008 و2016، مؤكدا أن تعديل الدستور الجديد يتجه إلى أبعد من تكريس الحقوق والحريات نحو لائحة الحقوق والحريات، من خلال 20 حقا جديدا تكرست في الفصل 4 الذي يحتوي 30 مادة، تضمن جميع الحقوق والحريات في شتى المجالات". وأشار لزهاري أنه "يتم حاليا العمل على تكريس دسترة اللغة الأمازيغية في الميدان"، محذرا بهذا الخصوص "من مغبة استغلال هكذا قضايا لأغراض شخصية"، مستنكرا "اعتماد التهويل من قبل الساسة خصوصا المادة 51 من الدستور الجديد والتي نص صراحة على وجوب وجود الجنسية الجزائرية للراغبين في اعتلاء مناصب عليا في البلاد".
مضيفا أن تعديل الدستور سيمكن المعارضة والوزير الأول وحتى المواطنين المتقاضين من إخطار المجلس الدستوري، وهو الحق الذي كان سابقا من صلاحية رئيس الجمهورية ورئيسي الغرفتين التشريعيتين، مؤكدا أن "الحكومة ملزمة بالإسراع في إعداد القوانين التي ينص عليها الدستور الجديد، حتى يتسنى للمواطنين ممارسة حقوقهم"، موضحا أن "الأغلبية التي يعنيها الدستور هي الأغلبية النسبية التي تمكن من تمرير برنامج الحكومة"، مشيرا أن "الأغلبية لا تقتصر على حزبي الأفلان أو الأرندي في ظل الديمقراطية التي تمكن التحالفات تحت قبة البرلمان من تشكيل أغلبية مضادة، وعليه فالاستشارة تكون على هذا الأساس".
وأفاد عضو مجلس الأمة السابق بأن "ما جاء من تعديلات هو تكريس لوحدوية السلطة التنفيذية، بمعنى أن رئيس الجمهورية هو الرئيس الوحيد للجهاز التنفيذي، وتم بالفعل، حسبه، تعويض منصب رئيس الحكومة بمنصب وزير أول يتولى مهمة التنسيق بين أعضاء الطاقم الحكومي وتنفيذ برنامج وسياسة رئيس الدولة"، مؤكدا أنه "سمح بإمكانية تعيين نائب أو عدد من النواب للوزير الأول لمساعدته على أداء مهامه"، مذكرا أن "التعديل حمل تدقيقا وضبطا لتنظيم السلطة التنفيذية، مع الحرص الشديد على عدم المساس بأي صلاحية من صلاحيات البرلمان في مراقبة الجهاز التنفيذي، وهذا ما يعني أن بوتفليقة لم يمس بالتوازنات ما بين السلطات".
 
هني. ع

من نفس القسم الوطن