الوطن

البرلمان يتحول إلى حلبة للصراعات وتصفية الحسابات الحزبية.. والعمل "يجيب رب"

نواب ينهون عهدتهم التشريعية بتبادل التهم ونشر الغسيل بدل التشريع وطرح الحلول البديلة

 

رسم بعض النواب داخل قبة البرلمان على طول عهدتهم التشريعية التي تشارف على نهايتها مفهوم "الرداءة السياسية", بعد أن حولوا المجلس إلى حلبة للصراع السياسي عوض البحث عن حلول وعم قضايا لطالما شكلت قضايا للرأي العام, حيث صنع الصراع الحزبي وتبادل الشتائم الحدث بدون منازع في حين غاب العمل الجدي المتمثل في التشريع.

لم تكن حادثة الصراع الذي دار مؤخرا بين الرجل الثالث في الدولة والنائب طاهر ميسوم الأولى من نوعها في تاريخ هذه الهيئة التشريعية، التي باتت تعيش على وقع صراعات ومناوشات كلامية حضر فيما كل شيء ماعدا التشريع ومساندة القضايا الحقيقية, حيث أصبح النواب داخل جلسة المناقشات يتكلمون عن كل شيء ما عدا الخوض في موضوع القانون محل النقاش، وهو ما حدث في الجلسة الأخيرة الأسبوع الماضي، حين تحولت جلسة مناقشة مشروع قانون العقوبات، بالغرفة السفلى للبرلمان، إلى "سوق عكاظ"، وعادت الفوضى لتطغى على جلسات مناقشة مشاريع قوانين الحكومة أمام مرأى ومسمع وزير العدل الطيب لوح، ولم يكن النائب الطاهر ميسوم الوحيد الذي وجه انتقادات لاذعة إلى ولد خليفة, حيث ومنذ بداية العهدة تلقى الرجل الثالث في الدولة العديد من الانتقادات من مختلف الأحزاب السياسية وصلت إلى حد مطالبته بالرحيل, لعديد الأسباب في مقدمتها تحكم الإدارة في تسيير المجلس وخرق القانون الداخلي وكذا قرصنة الأسئلة الكتابية.

بالمقابل، انتقل الصراع بين "الأفلان" و"الأرندي" إلى قبة البرلمان، وتعدى مسؤولي الحزبين، عمار سعداني وأحمد أويحيى، إلى نواب خرجوا عن موضوع الجلسة العلنية المخصصة لعرض مشروع متمم لقانون العقوبات، وتحولت مداخلاتهم إلى حرب باردة استعملت فيها تصريحات حملت نوعا من الاستفزاز المباشر، بدأت عندما فاخر النائب عن الأفلان الياس سعدي الحزب الغريم، بسيرة أكثر من 30 وزيرا مناضل في جبهة التحرير منذ التسعينات، لم يتورطوا في قضايا فساد ولم تشهد قطاعاتهم فضائح، في إشارة إلى وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب الأرنداوي.

بالمقابل, تعدت أزمة حزب العمال بيت العمال وانتقلت إلى البرلمان, حيث تحول الصراع بين زعيمة العمال والأمين العام لجبهة التحرير الوطني، بعدما اتهمته بخلق حركة تصحيحية داخل حزبها، إلى مواجهة حقيقية وصلت إلى حد الضرب داخل قبة البرلمان، حيث تفاجأ العديد من النواب، بالمجلس الشعبي الوطني، قبل الانطلاق الرسمي لاختتام الدورة الخريفية بالمجلس الشعبي الوطني، بنشوب مشادة بين النائب رمضان تعزيبت عن حزب العمال، وقائد الحركة التصحيحية في ذات الحزب سليم لباطشة، وكان الصراع في بداية الأمر عبارة عن ملاسنات كلامية بين الطرفين ببهو المجلس، ليتحول في غفلة من الأمر إلى عراك بالأيدي، ما حتم على بعض نواب المجلس الشعبي الوطني، ممن شهدوا الواقعة، التدخل العاجل وفض العراك بين الطرفين قبل انفلات الأمور. هذا ونال وزراء ومسؤولون حصة الأسد من "التبهديل"، في مقدمتهم وزير المالية الذي لاقى انتقادات لاذعة من نواب الأفلان وكذا وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب إلى جانب محافظ بنك الجزائر, دون إغفال ما وقع داخل قبة البرلمان خلال جلسة مناقشة قانون المالية 2016.

هذا وتأتي عدم مبالاة النواب الذين يشرفون على اختتام عهدتهم التشريعية, في وقت تحضر السلطة للإفراج عن حزمة من القوانين، وتسعى جاهدة لتمرير عدد من المشاريع المهمة قبيل انطلاق العمل بنظام الدورة الواحدة شهر سبتمبر المقبل، نظرا لتزامنها مع انطلاق التحضير لتشريعيات ماي 2017، التي ستجمد نشاط البرلمان بغرفتيه، بسبب تركيز النواب والأحزاب السياسية على حملة انتخابية مبكرة. والأكيد أن السلطة ستصطدم خلال هذه الدورة التي برمج فيها 30 قانونا بما فيها القوانين العضوية المنبثقة عن الدستور، بسباق تشريعيات 2017، الذي دخلت فيه الأحزاب. في حين دخل النواب في عطلة بدليل الغيابات التي تسجل أثناء الجلسات التي اضطرت الرجل الثالث في الدولة إلى توبيخهم ومطالبتهم بالالتزام بالقوانين.

أمال. ط

 

من نفس القسم الوطن