الوطن

" تسريبات بنما " توتر العلاقة بين الجزائر وباريس

لعمامرة يستدعي إيمي لتبليغه احتجاج الجزائر

 

لوقت قريب كان الوزير عبد السلام بوشوارب أحد العناصر المهمة التي يشار إليها في ملف التقارب الجزائري الفرنسي، وخاصة في تفضيل الشركات الفرنسية الاستثمار في الجزائر على شركات أخرى عريقة في المجال، سواء أوروبية أو عربية، على غرار ما حدث في ملف مصنع "بيجو"، وقبله "رونو"، ليأتي ملف تسريبات "بنما بيبرز"، ليعكس الصورة بشكل تام، خاصة بعد أن أصرت بعض وسائل الإعلام الفرنسية، أثناء تناولها للملف خاصة فيما يخص الشخصيات الجزائرية المتورطة في القضية، على عدم الاكتفاء بتسمية بوشوارب في الملف، بل حرصت على إلحاقه بالرئيس أو بأحد المقربين منه، وأثارت هذه الإضافة وهذا التعمد في ذكر هذه الصفة، وزارة الخارجية الجزائرية حيث أصدرت بيانا، أمس، جاء فيه التأكيد على أن الجزائر تكون قد أبلغت السفير الفرنسي في الجزائر برنار إيمي احتجاجا رسميا على ما وصفته بـ"التحامل" على مؤسسة الرئاسة الجزائرية.
وقال البيان أن وزير الخارجية الجزائرية، رمطان لعمامرة، يكون قد استدعى، أمس الأربعاء، السفير الفرنسي في الجزائر، برنار إيمي، لإبلاغه احتجاجا رسميا من الجزائر، حيث أبلغ لعمامرة السفير الفرنسي احتجاج الجزائر إزاء الحملة الإعلامية ضد مسؤولين جزائريين. وأكدت الخارجية الجزائرية، في بيان لها، أن التحامل على مؤسسة الرئاسة الجزائرية من قبل وسائل إعلام فرنسية باسم حرية التعبير غير مقبول.
ويتعرض عدة مسؤولين في الحكومة الجزائرية إلى "حملة إعلامية منظمة" قبل زيارة الوزير الأول الفرنسي، مانويل فالس، إلى الجزائر السبت القادم. ويأتي هذا الموقف والجزائر تستعد لاستقبال وفد فرنسي رفيع المستوى يقوده الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس، وكان من المتوقع أن يكون لهذه الزيارة نتائج كبرى في التعامل الاقتصادي بين البلدين، إلا أن هذه الحادثة أعادت تعكير الأجواء وخاصة أن الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند كان قد صرح بعد تسريبات الأحد الماضي بأنها أخبار سارة لكشف المحتالين على الضرائب، على حدّ تعبيره، ويرتقب أن تلقي هذه الأحداث بظلالها على الزيارة التي سيقوم بها الوفد الفرنسي رفيع المستوى إلى الجزائر يومي 9 و10 أفريل الجاري، والتي تحمل استحقاقات اقتصادية بالدرجة الأولى، وسبق أن عبرت أطراف فرنسية هامة بأن الغرض منها هو إعادة الاعتبار للاستثمارات الفرنسية بالجزائر، خاصة وأن الزيارة تحمل طابعا اقتصاديا وتجاريا بامتياز.
واستنادا إلى ما كشفته وكالة الأنباء الفرنسية على لسان مصادر مسؤولين باريسيين، فإنّ فالس، ومرافقيه، سيقوم بإتمام عدد من الاتفاقات الاقتصادية (لم يُكشف عن فحواها)، على أن يرأس الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، ونظيره الفرنسي اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة رفيعة المستوى والتي انعقدت من قبل في 2013 و2014.
وأبرز بوشوارب في وقت سابق على رغبة الحكومة "مسار يقود إلى شراكة حقيقية"، وتابع: "نحن في مفاوضات مع إدارة بيجو، لكن المباحثات ليست عادية، ووصلنا إلى مرحلة صرنا فيها أكثر تطلبا مع الشريك الفرنسي".
وخصصت، أمس، الأسبوعية الفرنسية "لكسبراس" عددها للحديث عن العلاقة بين الجزائر وفرنسا، وقالت إن الجزائر تمثل بالنسبة لفرنسا رهانا جيوسياسيا "كبيرا" وسوقا ذات إمكانيات "معتبرة"، وكتبت "لكسبراس" في مقال بعنوان "باريس-الجزائر: الوفاق الحيوي"، نشر عشية احتضان الجزائر للدورة الثالثة للجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى، أن "فرنسا تعتبر الـ40 مليون جزائري، 55 مليونا سنة 2050، رهانا جيوسياسيا كبيرا وكذا سوقا ذات إمكانيات معتبرة". كما أشارت الأسبوعية أن الرئيس هولاند ومنذ انتخابه "ما فتئ يكثف الإشارات الرمزية تجاه الجزائر"، مذكرة بأن زيارتين إلى الجزائر سنتي 2012 و2015 "قد سمحت بتطبيع العلاقات بين البلدين التي كانت جامدة خلال فترة نيكولا ساركوزي".
وأضافت أن "كلماته التي أدلى بها خلال زيارة الدولة التي قام بها في ديسمبر 2012 حول "الآلام التي سببها الاستعمار للشعب الجزائري وحول التعذيب لم يسبق وأن صرح بها من قبل". وتابعت الصحيفة أنه حتى وإن كان الوفاق "جيدا" أيام حكم جاك شيراك إلا أن "هذا التجديد ينم كذلك عن مقاربة براغماتية"، مؤكدة ذلك بكون البلدين "يواجهان عدوا إرهابيا مشتركا". وفي هذا الصدد أشارت الأسبوعية الفرنسية إلى أن "فرنسا ترى في الجزائر الجدار الوحيد في المنطقة" الذي "يجب الحفاظ على استقراره".
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد دعم الصحفي رومان روسو مقاله باستناده على تحليل منصورية مخفي، مختصة في الشؤون المغاربية بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، التي أكدت "أن الجزائر قد اقتنعت بأن نظراءها يعتمدون بشكل كبير على مشاركتها وبالمقابل يمكنها الحصول منهم على الاستثمارات"، مشيرة إلى الحركة الوزارية الكثيفة بين البلدين، كما أسر لها مصدر مقرب من الوزير الأول الفرنسي أن "جميع المجالات تقريبا من العمل الحكومي معنية"، مضيفا أن "أشكالا" دبلوماسية قد تم "إرساؤها من أجل إحراز تقدم حول الملفات".
 
إكرام. س

من نفس القسم الوطن