دولي
التنسيق الأمني مع الاحتلال... إلى أين..؟
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 أفريل 2016
لم يطل الأمر كثيراً حتى يعترف صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية (الخميس) بعقد اجتماع أمني (الثلاثاء) بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، حاصراً ومحدداً اللقاء بأنه لمعرفة رد (إسرائيل) حول الرسالة الفلسطينية التي تم توجيهها إليها مؤخرًا بشأن مستقبل الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، وبعدم الالتزام الإسرائيلي بها. ورغم النفي الفلسطيني السابق المتكرر لوجود أي لقاءات سرية مع الاحتلال، جاء تصريح عريقات ليؤكد ما سبق بأن أقرّه مصدر أمني رفيع المستوى بانعقاد لقاء سري بين قيادات أمنية فلسطينية، وضباط في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي المعروف باسم (شاباك) داخل أحد مقار الارتباط في مدينة أريحا استمر لأكثر من خمس ساعات متواصلة، جرى خلاله بحث الأوضاع الميدانية المتصاعدة في مدن الضفة والقدس المحتلة، وكيفية تطويق الأحداث الجارية، وتهدئة موجة الاحتجاجات والعمليات الفردية، لمنع وصولها إلى مرحلة أشد خطورة ويصعب السيطرة عليها. وإمعانا بتأكيد اللقاء، قال المصدر الأمني، إن "الجانب الفلسطيني أبلغ المسؤولين الإسرائيليين أنهم السبب المباشر في اندلاع الانتفاضة الآن، وأن كافة الإجراءات من تصعيد واستمرار اقتحام المسجد الأقصى وتنفيذ الإعدامات الميدانية للفلسطينيين كان السبب المباشر للهبّة الشعبية"، فيما طالب الإسرائيليون بمنع المتظاهرين الفلسطينيين من الوصول إلى خطوط التماس والاشتباك مع جنود الاحتلال عند الحواجز، في حين دعا الفلسطينيون إلى تخفيف الإجراءات الأمنية وضبط تحركات المستوطنين. الجانب الإسرائيلي، رغم حساسية اللقاء وتداعياته في ظل الانتفاضة الفلسطينية، لم يعط ردًا نهائيًا، خلال الاجتماع كما قال عريقات، وأضاف أنه لا يزال هناك أسبوعان من المهلة المحددة لاستلام الرد الإسرائيلي على قرار كان قد سبق أن اتخذ في أطر منظمة التحرير الفلسطينية قبل عام بوقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، إذا لم تتم الاستجابة لمنظومة القرارات الأممية ذات الصلة. اعتراف السلطة الفلسطينية يحمل تأكيدا لما سبق أن أفصح عنه موقع (Intelligence Online) المتخصص في الشؤون الاستخبارية بأن "هناك تعاونًا وثيقًا للغاية بين جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، وجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني رغم الانتفاضة الحالية"، وبأن الجانبين عقدا نحو ثمانين لقاء سرياً خلال العام الماضي. وكشفت مصادر الموقع "أن أجهزة الأمن الفلسطينية أحبطت ما لا يقل عن 58 عملية فدائية على أهداف إسرائيلية، وضبطت كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات"، وأشارت إلى أن بعض الاعتقالات التي نفذتها هذه الأجهزة تمت بناءً على معلومات استخبارية إسرائيلية.
لم يعد هناك مجال للشك لدى الشارع الفلسطيني بأن التصريحات الرسمية التي تقول وتهدد بوقف التنسيق والتعاون الاستخباري مع الاحتلال منوط بوقف اعتداءات جيش الاحتلال على الفلسطينيين والإعدامات التي تجري في الشوارع للشباب والفتيات، ليست أكثر من إبر تخدير ومناورات مستمرة، بينما تواصل "إسرائيل" احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين بأمر من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. فقبل أيام نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر عسكرية قولها، إن الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة تلعب دوراً مهماً في منع اتساع موجة العمليات التي تتواصل في الضفة الغربية والقدس وداخل الخط الأخضر. وبحسب تلك المصادر، فقد وصل التعاون الأمني إلى درجة أن أجهزة أمن السلطة تعمل بالتنسيق وتبادل المعلومات مع (الشاباك) من أجل منع الأعمال الشعبية التي تشتبك مع حواجز الاحتلال، بل تتجاوزها إلى العمل الحثيث لمنع تصاعد الانتفاضة، سواءً في بعدها الشعبي من حيث المسيرات والإضرابات، أم من حيث المواجهات الانفرادية، بما فيها الطعن بالسكاكين، وصارت مراقبة مواقع التواصل لكشف النوايا جزءاً لا يتجزأ من عملها في هذا السياق.
جواد محمود مصطفى