الوطن

عودة قوية للاجئين الأفارقة بشوارع العاصمة والمسؤولين عن الملف يقرون بالفشل!

رغم ترحيل عدد كبير منهم إلى المناطق الجنوبية

 

المهاجرون يغيرون محطات إنزالهم من ولايات الجنوب نحو الولايات الداخلية  

 

تشهد العاصمة والمدن الكبرى هذه الأيام عودة قوية للاجئين الأفارقة ما يطرح تساؤلات لدي الجزائريين عن خلفيات هذه العودة بعدما قامت السلطات العمومية بترحيل عدد كبير منهم وتجميع البقية في مناطق الجنوب وهي الوضعية التي تقر بفشل الحكومة في التعامل مع هذا الملف رغم الملايير التي صرفت ليبقي الوضع على حاله ما يستدعي إعادة اتخاد التدابير اللازمة في هذا الصدد والاسراع في إعادة تجميع هؤلاء اللاجئون في أمكان محددة وترحيلهم مجددا إلى بلدانهم الأصلية.

تعرف مدن الشمال خاصة العاصمة هذه الأيام نزوح جماعي للاجئين الأفارقة الذين عادوا مجددا بعدم قامت السلطات العمومية بترحيل الالاف منهم لبلدانهم الاصلية وتجميع البقية في مراكز الايواء بالجنوب إلا أن هذه الإجراءات لم يتم متابعتها من طرف المسؤولين على الملف ليعود اللاجئون من جديد للعاصمة والمدن الكبرى ويحتل هؤلاء محطات النقل البري للمسافرين والأرصفة والساحات العمومية والحدائق العامة أيضا، ويتفق هؤلاء بينهم للالتقاء بأماكن محددة، لبرمجة رحلات باتجاه مناطق معينة، وهي الظاهرة التي تكرر بالعاصمة، حيث تشهد عدد من شوارع العاصمة حركية مكثفة من قبل الأفارقة، أرباب أسر، نساء وأطفال، يحملون أمتعتهن ويمتهنون حرفة التسول عبر محاور الطرقات وإشارات المرور، هذه الوضعية أثارت تساؤلات لدي الجزائريين عن خلفيات هذه العودة القوية للاجئين الأفارقة وهل هم نفسهم الذين قامت السلطات بترحيلهم الأعوام الفارطة ام أن هماك موجة جديدة من الهجرة السرية على الجنوب رغم الإجراءات الأمنية المشددة أو أن اللاجئين المنتشرين هذه الأيام هم اللاجئون الذين كانوا بمراكز التجميع وغادروها وفي حال ما إذا كان هؤلاء اللاجئون جاءوا عن طريق موجات جديدة من الهجرة يتساءل الجزائريون عن الطريقة التي تسلل بها هؤلاء إلى الأراضي الجزائرية في ظل التعزيزات الأمنية المشددة التي تقوم بها وحدات الجيش مدعومة بالدرك وحراس الحدود  عبر مختلف نقاط المراقبة على مستوى الحدود البرية للجزائر مع دول مالي والنيجر والتشاد ما يعني استحالة عبور الحدود.

المهاجرون يغيرون محطات إنزالهم من ولايات الجنوب نحو الولايات الداخلية  

هذا وقد كشف تقرير أمني مؤخرا أن منطقة السهوب، خاصة ولايتي الجلفة والمديّة، تحولتا إلى ملاجئ عشوائية للمهاجرين السريين من جنسيات أفريقية، خصوصا أولائك القادمين من دول الساحل كمالي والنيجر. وحسب المعطيات ذاتها الخاصة بتفاصيل الهجرة غير الشرعية، التي أخذت في الآونة الأخيرة أبعادا جديدة، غير معها المهاجرون محطات إنزالهم صوب ولايات السهوب كالجلفة والمديّة، إلى درجة أن مستويات زحف الأفارقة على ولايات السهوب باتت ـ حسب التقارير ـ توازي مستوى الهجرة المعتاد بولايات الجنوب، تمنراست، أدرار، إليزي وغرداية التي كانت تعتبر الأكثر استقطابا للمهاجرين السريين، وتعتبر الولايات التي تفتح مخيمات خاصة بالفارين من النيجر ونيجيريا ومالي. وأشارت المعلومات إلى أنّ تجمعات هؤلاء غير الشرعيين أخذت شكل ملاجئ عشوائية في غياب مخطط أمني تفرضه مصالح الأمن المختصة في مكافحة الهجرة غير الشرعية، وغالبا ما تلجأ السلطات المحلية لتبرير غزو الأفارقة بعائلاتهم للساحات العمومية إلى دواعي إنسانية ما يقتضي التعامل بليونة مع هؤلاء. والملفت في ملف الهجرة السرية للأفارقة أنّ ولايتي الجلفة والمديّة تشهدان، منذ أشهر، إنزال العشرات من المهاجرين الأفارقة يأتون على شكل دفعات وبشكل منظم، وبدأت العاصمة تعرف الظاهرة نفسها، في الأيام الأخيرة، باستقبال حشود من اللاجئين الأفارقة الذين عادوا لممارسة التسول، خاصة منهم الذين يحملون الجنسية النيجيرية رغم أن الحكومة قامت خلال الأشهر القليلة الماضية بترحيل العشرات منهم.

المسؤولين على ملف اللاجئين يتعرفون بالفشل 

لكن بالمقابل فأن مسؤولي الهلال الأحمر الجزائري المكلف بهذا الملف نفوا أمكانية وجود مزيد من عمليات الهجرة السرية للأفارقة هذه الفترة حيث اكدت سعيدة بن حبيس رئيسة الهلال في وقت سابق أن الأفارقة المتواجدون حاليا بالعاصمة، وباقي ولايات الوطن هم اللاجئون الماليون اللذين كانوا بمراكز الإيواء بولايات الجنوب الجزائري، نتيجة وقوع حرب في بلادهم، وفي كل مرة يتركون هذه المراكز ويتوجهون لمناطق الشمال بحثا عن العمل ورغبة منهم في الاستقرار في ولايت الشمال  وأضافت بن حبيلس أنه لم يتم تسجيل أي نزوح من طرف اللاجئين النيجريين اللذين تم ترحيلهم بطلب من حكومتهم و كانت عملية ترحيلهم ناجحة وذلك باعتراف السلطات النيجرية وحتى الهيئات الدولية، لكن تصريحات بن حبيلس حملت التناقض عندما أكدت أن الهلال الأحمر الجزائري لا يحمل أرقاما واحصائيات واضحة عن العدد الحقيقي الموجود في الجزائر من اللاجئين الافارقة مبررة ذلك بالقول أن في كل مركز عدد معين ويتغير من يوم لآخر نظرا لكون هؤلاء اللاجئين منهم من يغادر ومنهم من يأتي، فلا يمكن أن نحصيهم.  من جانب اخر و عن وضعية هؤلاء اللاجئين التي لم تتغير منذ قدومهم قالت بن حبيلس أن  المشكل المطروح فيما يخص التكفل بالأفارقة بالنسبة للتعليم والصحة والإيواء، يكمن في اختلاف الثقافة واللغة عكس اللاجئين السوريين الذين استطاعوا الاندماج في المجتمع الجزائري بسبب التشابه الموجود بينهم وبين الجزائريين في العادات والتقاليد وكذا اللغة وهو الأمر الغائب في حالة اللاجئين الافارقة المعروفين بكثرة التنقل ما يصعب التحكم فيهم والتعامل معهم. من جانبها اعترفت وزير وزيرة التضامن والأسرة وقضايا المرأة مونية مسلم، في تصريح لها بصعوبة تجميع اللاجئين الماليين ومن اعتبرتهم بـ المواطنين النازحين من النيجر، وقالت إن هؤلاء يخافون من فكرة تجميعهم، وهو ما زاد في صعوبة المهمة، مؤكدة إعطاء تعليمات لمديرياتها بإنشاء مراكز ونقاط للتكفل بهم من الناحية الصحية والإيواء والإطعام، حسب مبادئ وتقاليد الدولة الجزائرية.

وأكدت في السياق ذاته  أنه ليس لديها أرقام تحدد عدد اللاجئين الأفارقة، معترفة في السياق بالآلاف منهم. هذا الإقرار بالعجز والفشل في معالجة ملف اللاجئين من طرف المسؤولين المباشرين عليه دفع عدد من الجمعيات للتحذير من الخطر القادم من الأفارقة الفارين من ديارهم، كأن ينتقل المهاجرون بأطفالهم ومتاعهم دون أن يكونوا محل تفتيش وتفحص لوثائقهم من أجل التأكد من هوياتهم، خصوصا إذا علم أنّ أغلب الأفارقة المهاجرين السريين قد يتورطون في جرائم مختلفة، وهو ما تعكسه القضايا المحالة على عدد من محاكم مختلف ولايات الوطن، التي تعالج يوميا جرائم شعوذة و النصب و الاحتيال و التزوير و تجارة المخدرات. وفي انتظار تحرك السلطات الأمنية لإيقاف انتشار الملاجئ العشوائية وتطويق التنقلات الجماعية للمهاجرين السريين الأفارقة، تحذر المصادر ذاتها من خطر الأمراض المتنقلة، التي يحملها الأفارقة في حال عدم الإسراع في تجميهم وترحيلهم مرة أخرى، مطالبة الحكومة بتحمل مسؤوليتها والتحرك.

س. زموش

من نفس القسم الوطن