دولي

دلالات تضخيم قدرات حماس العسكرية في الإعلام الإسرائيلي

القلم الفلسطيني




طيلة الفترة الماضية واصل الإعلام الإسرائيلي الحديث عن قدرات حماس العسكرية سواء على مستوى الخطط الاستراتيجية أو الإعداد البحري أو الجوي أو الاستخباري، وركز حديثه عن محاولتها استعادة قدراتها العسكرية والعودة للوضع الذي كانت عليه بعد الحرب الأخيرة عام 2014.
الحديث الإسرائيلي عن قدرات غزة ينقسم ما بين التضخيم المتعمد لأهداف سياسية من جهة والتهيئة الداخلية من جهة أخرى، وذلك في إطار خدمة أهداف سياسية تريد "إسرائيل" الوصول لها. التقارير الإسرائيلية تحدثت عن قدرات حركة حماس العسكرية بعد عدة أشهر من انتهاء الحرب الأخيرة على قطاع غزة، حيث تحدثت عن عودة الحركة لإعادة بناء الأنفاق وتصنيع الصواريخ، وزيادة عدد قواتها الخاصة والبحرية. وقد تدرج الإعلام الإسرائيلي في تجهيز الجبهة الداخلية الإسرائيلية بنوعية الأخبار التي بدأت بعودة حماس للإعداد وصولاً للحديث مؤخراً عن إتمامها استعداداتها فيما يتعلق بالأنفاق التي تجاوزت الحدود، وإعادة بناء منظومة الصواريخ كما كانت سابقاً، بالإضافة لتخطيطها لعمليات بحرية تستهدف منصات الغاز والمدن الساحلية. ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية أن المقاومة بدأت تجمع المعلومات عبر طائرات صغيرة يتم التحكم فيها عن طريق "الريموت" وتحمل كاميرات، كتلك التي استخدمتها في الحرب الماضية، وادعت أن "كتائب القسام" تستخدم مناطيد وأبراج تصوير وكاميرات عالية الدقة في التجهيز لعملياتها المقبلة. على المستوى الداخلي يهدف الإعلام الإسرائيلي بالحديث عن قدرات حماس لعدة أمور؛ أولها إبقاء الإسرائيليين في مستوى جيد من الاستعداد لإمكانية دخول حرب جديدة تكون مفاجئة، بما يضمن تخفيف الصدمة على الجبهة الداخلية، بالإضافة لتسهيل امتصاص أي ضربة قد تتعرض لها الجبهة الداخلية عند تنفيذ أي هجوم مفاجئ يجتاز حدود قطاع غزة. على المستوى السياسي تسعى "إسرائيل" من وراء تضخيم قدرات المقاومة في غزة لرفع قيمة خطر القطاع على "إسرائيل" داخلياً بما ينعكس إيجابا على مستوى الرأي العام الإسرائيلي في حال قررت الحكومة الإسرائيلية التوصل لاتفاق تهدئة طويلة الأمد مع غزة. أما على المستوى الاستخباري تحاول التقارير الموجهة من أجهزة الأمن الإسرائيلية عبر وسائل الإعلام استفزاز المقاومة وعناصرها للبوح بأحدث ما وصلت له عمليات الإعداد التي تجري بشكل سري، ما يعطي الجهات الأمنية الإسرائيلية معلومات تستطيع من خلالها تقييم الوضع الميداني وتقدير الموقف للقيادة السياسية. على المستوى الدولي يتعمد العدو الصهيوني إظهار قدرات المقاومة بشكل متواصل ويحاول أن يصور المشهد بين جيشين متكافئين في القدرات العسكرية، وكل هذا يسعى من خلاله لتخفيف الضغط عليه، عبر خلق مبررات أمام المجتمع الدولي لاستمرار الحصار بكافة أشكاله على القطاع. من جهة أخرى، تحاول الأوساط العسكرية والأمنية الإسرائيلية تسريب الأخبار وتضخيمها عن المقاومة في قطاع غزة لزيادة الدعم المخصص لها على أجندة الموازنة الإسرائيلية العامة، وقد أثمرت هذه الضغوط طيلة الأشهر الماضية على موافقة اللجنة المالية التابعة للكنيست الإسرائيلي، على نقل مبالغ إضافية قدرها (2.5 مليار شيكل) في ميزانية الجيش الإسرائيلي للعام الحالي زيادة عن عام 2015. الحديث الإسرائيلي عن خطر الأنفاق وتضخيمها دفع الإدارة الأمريكية والكونغرس للموافقة على تقديم 120 مليون دولار لإكمال إنشاء منظومة متقدمة للكشف عن الأنفاق باعتبارها خطرا استراتيجيا يهدد أمن "إسرائيل". وكثفت الأوساط العسكرية مؤخراً حديثها عن الخطر الداهم في قطاع غزة في ظل عودة المفاوضات الأمريكية الإسرائيلية لزيادة حزمة الدعم السنوية لتصبح 5 مليار دولار بدلاً من 3 مليارات، التي يتوقع أن توافق عليها الإدارة الأمريكية خلال الفترة المقبلة، وهنا يسعى الجيش لأن يبقى صاحب نصيب الأسد فيها. وفي سياق آخر "إسرائيل" تسعى عبر تضخيم مكانة المقاومة لتقليل الانتقادات الدولية الموجهة في حال شنت حرب جديدة على قطاع غزة، وعدم الوصول للجان تحقيق على غرار تقرير "غولدستون" الذي كاد أن يتسبب بتشكيل حالة من العزلة وينزع الشرعية الدولية عنها. ليس مستبعداً أن يكون هدف ذلك التضخيم الإعلامي حول قدرات المقاومة الفلسطينية تبرير أي عدوان محتمل ضد قطاع غزة، فجميع الحروب الثلاث السابقة التي مرت على قطاع غزة سبقتها عملية تضخيم إعلامي لقدراتها يتم خلالها تهيئة المجتمع الإسرائيلي بأنه أمام خطر كبير يجب الانقضاض عليه. ولا يفوتني الإشارة إلى أن هذه التقارير الإسرائيلية تنضوي تحت الحرب النفسية على سكان قطاع غزة بهدف إخافتهم وتشكيل ضغط داخلي على المقاومة لمنعها من الذهاب لأي حرب مقبلة عبر عملية كبيرة تنطلق عبر الأنفاق.

أيمن الرفاتي

من نفس القسم دولي