دولي
الكيان الصهيوني يتخبط في عجزه عن فهم الانتفاضة وقمعها
دراسة أكاديمية تؤكد أن حماس هي المحرك لعمليات المقاومة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 12 مارس 2016
لم يتوقف البحث الصهيوني في أجهزة الاستخبارات ومراكز الأبحاث وأروقة السياسة عن أسباب الانتفاضة الفلسطينية الحالية وجذورها، على الرغم من محاولات إنكار حقيقتها باعتبارها انتفاضة على الاحتلال. كما وصفت دولة الاحتلال الهبة الشعبية الفلسطينية بأنّها بداية موجة إرهاب، وحاولت كل من الرقابة العسكرية الإسرائيلية، وقيادة الجيش، ومكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي منع أو تفادي استخدام تعبير "الانتفاضة".
وفيما يواصل المستوى السياسي ممثلاً بحكومة بنيامين نتنياهو التمسك بتعبير "موجة الإرهاب" لربط الانتفاضة بالحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وتوظيفها لخدمة السياسة الإسرائيلية، خرج المستشرق شاؤول برطيل، أخيراً، بدراسة أكاديمية يدعي فيها، أن كافة الخيوط والمؤشرات تفضي إلى استنتاج أنّ الانتفاضة الحالية، ليست انتفاضة أفراد وغير منقطعة عن تشكيل سياسي فلسطيني، "بل يتم توجيه الانتفاضة بطريقة ذكية للغاية من قبل حركة المقاومة الإسلامية، حماس".
ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في ملحقها الأسبوعي الأخير، ملخّصاً لدراسة أكاديمية أعدّها الباحث الإسرائيلي من جامعة بار إيلان (ذات توجه ديني قومي صهيوني)، أنّه خلافاً للاعتقاد السائد في وسائل الإعلام وعند الدوائر العسكرية (الجيش)، والأمنية المختلفة (الشاباك)، فإنه من الخطأ الاعتقاد بأن الانتفاضة الحالية هي انتفاضة أفراد، لا يتبعون لتنظيم محدد. ووفقاً للدراسة التي وضعها بارطيل، فإن أحداث، الثلاثاء الماضي، الذي شهد جملة عمليات أوقعت إصابات عديدة في يافا، والقدس، وبيتاح تكفا، في صفوف الإسرائيليين، "لم تكن مثلاً وليدة الصدفة ولا هي عفوية. بل إن تنفيذها بتاريخ 8 مارس، يؤكد انتماءها لتيار محدد هو حركة حماس" بحسب روايته. ويعتبر أن العملية تأتي في ذكرى قيام حكومة الاحتلال بتصفية واغتيال الرجل الثاني، فكرياً، في حركة "حماس" بعد الشيخ أحمد ياسين، عندما قتلت عام 2003، بواسطة صاروخ أطلق من الجو، الدكتور إبراهيم مقادمة وكل من كان معه في سيارته.
ويستشهد الأكاديمي ذاته لإثبات كلامه بخطاب نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، الذي استذكر في خطابه الثلاثاء، جريمة اغتيال إبراهيم مقادمة. كما يورد بارطيل تفاصيل مأخوذة من نشاط وانتماء عدد من منفذي العمليات الفدائية في الانتفاضة الحالية، تشي بعلاقات تربطهم بحركة المقاومة الاسلامية، وتبنيهم لفكرها، أو انتماء عائلاتهم لها. ويلفت الباحث الإسرائيلي إلى أن "حماس" أصدرت بيانات نعي متشابهة من حيث النص والتصميم للشهداء، مشيراً إلى مضامين على صفحة منفذ عمليات الطعن في يافا، الشهيد بشار محمد مصالحة، والنعي الذي أصدرته "الحركة" لكل من الشهيد عبد الرحمن محمود رداد، وفؤاد أبو رجب التميمي.
ويدعي الباحث الإسرائيلي أن منفذي العمليات الفردية عملوا في واقع الحال بناءً على توجيهات لكرّاس أصدرته "حماس" بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 تحت عنوان، "جهود حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتفاضة الفلسطينية 1987-1994" وشمل إرشادات بوجوب "من يقرر تنفيذ عملية بمفرده، ألا يطلع عليها أحداً، حتى لا يكون تحت دائرة الرصد الإسرائيلية، وحتى يضع عراقيل أمام الاحتلال تمكّنه من تتبع خيوط العمل وانتماءات منفذها". ويضيف هذا الباحث أنه على الرغم من أن الكراس المذكور وضع قبل ولادة عدد من منفذي العمليات الحاليين، يبقى ساري المفعول اليوم ويبيّن مدى الجهد الذي تبذله "حماس" في إخفاء بصماتها، لمنع إدانتها عالمياً، بحسب ادعائه.
ويعتبر هذا الأكاديمي أنّ الإخفاق الإسرائيلي في مواجهة الانتفاضة نابع من "التحجر وتشبّث أجهزة الأمن بنظرية الفدائي الفردي المستقل عن أي تنظيم. كما يضع ذلك عراقيل أمام الجهاز القضائي الإسرائيلي بالعمل ضد ذوي منفذي العمليات الفدائية ويضر بالتالي بقوة الردع الإسرائيلية". ويبدو أن نشر هذه الفرضيات والاستنتاجات يتماشى في الواقع مع محاولات الحكومة الإسرائيلية، التمهيد لخطوات وعقوبات جماعية في هذا المضمار، خصوصاً في ظل عجز الاحتلال عن وقف الانتفاضة وكسرها، على الرغم من جهود التنسيق الأمني المشترك مع السلطة الفلسطينية. ويزعم بارطيل أنّه "استناداً إلى 17 عملية وقعت بين جولية 2014 وأوت 2015، فإنّها كلها باستثناء عملية واحدة نفذت من قبل أشخاص ينتمون بشكل أو بآخر لحركة حماس أو كانوا أعضاء فيها لبعض الوقت". ويشير إلى أن نمط تنفيذ العمليات بشكل فردي من قبل مَن ينتمون لفصائل فلسطينية بات سائداً ويدلّ على ذلك بأن منفذ إحدى العمليات إبراهيم عكاري من جبل المكبر، هو شقيق موسى عكاري أحد خاطفي الجندي الإسرائيلي نحشون فاكسمان عام 1994.
سالم. أ/ الوكالات