الوطن

القروض الاستهلاكية لم تتعد مرحلة الترويج إلى التطبيق

لم يظهر أي مستفيد فعلي لغاية الآن رغم مرور ثلاثة أشهر على إطلاق العملية

 

  • •    جزائريون ينتظرون فتوى بن عيسى للاستفادة من "الفاسيليتي" على رقبته!


رغم مرور حوالي ثلاثة أشهر على إطلاق الحكومة القرض الاستهلاكي ودخوله حيز الخدمة ألا أن هذه القروض لم تري النور إلى غاية الآن بسبب تخوف الجزائريين الراغبين في الاستفادة من هذه الصيغ من الفوائد الربوية المفروضة عليهم وتأخر وزارة الشؤون الدينية في الفصل حول جواز هذه القروض من عدمها بالإضافة إلى نسب الفائدة المرتفعة وغلاء أسعار المنتجات التي شملها هذا القرض موازاة مع مزيد من التدني في القدرة الشرائية للمواطنين وتزايد مديونتيهم.
مرّت حوالي ثلاثة أشهر منذ إطلاق القروض الاستهلاكية التي تضمنت المنتوج المحلي الصنع والتركيب وقد أبدت العديد من البنوك جاهزيتها للعمل ضمن هذه الصيغ حيث بدأت المؤسسات المالية في استقبال ملفات للحصول على هذه القروض وعلى رأسها بنك "بي أن بي باريبا" و"سوسيتي جنيرال" و"بنك البركة"، إلا انه ولغاية الأن لم يظهر أي مستفيد ضمن القروض الاستهلاكية لتبقي هذه العملية محصور في الترويج فقط.
•    جزائريون ينتظرون فتوي بن عيسى للاستفادة من "الفاسيليتي" على رقبته!
لا يزال الجزائريون ينتظرون الفتوي التي وعدت بها وزارة الشؤون الدينية والاوقاف حول القروض الاستهلاكية والفوائد التي تتضمنها، فتأجيل هذه الفتوي من طرف الوزارة إلى أشعار غير معلوم جعل الجزائريين يعرضون عن هذه القروض بسبب الفوائد المرتفعة التي تضمنتها والتي ترتبط بشبهة الربا خاصة بعدما افتي العديد من رجال الدين والعلماء بحرمة هذه القروض شرعا، وقد كان وزير الشؤون الدينية والأوقاف  محمد عيسى قد أكد في وقت سابق أن الوزارة تعكف على التحضير لفتوى من شأنها أن تزيل اللبس الحاصل حول شرعية أو عدم شرعية القرض الاستهلاكي، لكن فتوي عيسى تأخرت ما جعل الكثير من المواطنين يعرضون عن القرض الاستهلاكي، سواء ما تعلّق منه بالسيارات أو الأجهزة الالكترونية،  بسبب نسبة الفائدة التي تحصّلها البنوك أثناء تقديمها للقرض الاستهلاكي، ولجوء بعض البنوك إلى طريقة اخرى اعتبرها البعض غير ربوية ويري العديد من المتابعين لملف القروض الاستهلاكية أن هذه الأخيرة  لن تنجح أبدا طالما ان المواطن الجزائري متخوف من حرمة هذه الفوائد مما جعله يرفض اللجوء اليه رغم حاجته الماسة له مطالبين البنوك باستبدال الفوائد الربوية بمصاريف بنكية تدفع دفعة واحدة عند طلب القرض بغاية تغطية أعمال النبوك  كما أعاب عدد من رجال الدين والائمة على الحكومة طرحها لملف القرض الاستهلاكي على المواطنين قبل المرور على هيئة شريعة للإفتاء  معتبرين أنه لا يمكن فك لبس القرض الاستهلاكي وما رفقه من شبهة الربا إلا بإنشاء هيئة وطنية مرخصة للإفتاء تباشر عملها وتتحمل مسؤولية تحريم وإباحة هذا القرض أمام المواطنين وأمام الله، باعتبار أن علماء الدين لهم دور كبير في توجيه الشعب وتوضيح ماهية القرض الاستهلاكي الذي طرحته الحكومة، فنجاح هذا القرض  مقترن بالأساس بهذه النقطة التي تعتبر حساسة لدى المواطن الجزائري، لذلك وجب إسراع الفصل في الملف على مستوي وزارة الشؤون الدينية.
•    صعوبات إدارية وشروط معقدة تجعل من القرض الاستهلاكي "تكسار رأس"
وبعيدا عن الفوائد الربوية فأن الصعوبات الإدارية ومسألة تأمين القرض تعد عائق آخر يقف أمام الراغبين في الاستفادة من القروض الاستهلاكية فإجراءات طلب هذه القروض تعد معقدة بنظر الكثير من الجزائريين فالراغبين في الاستفادة من القروض الاستهلاكية عليهم تقديم فاتورة شكلية إلى البنك الذي يتعامل مع صاحب المنتوج، وعليه فالبنك سيقوم بدراسة المعطيات المالية لذلك الفرد بالقيام بتشخيص قدرته المالية على دفع قيمة القرض وهي العملية التي تأخذ وقتا، أضف إلى ذلك مسألة تأمين القرض وهي عبارة عن تأمين يقدّمه طالب القرض الاستهلاكي لشركات التأمين، كضمانة يعتمد عليها هذا الأخير في حالة إكمال أقساط القرض أو في حالة الوفاة، وبما أن الجزائريون لا يملكون ثقافة التأمين سيكون هذا العامل عائقا أمام استفادتهم من القروض ككل، هذا وقد أكد عدد من رؤساء البنوك أن المؤسسات المالية ستكون لها سلطة التقدير والفصل في وضعية كل مواطن، وإذا ما كان هذا الأخير قادرا على تسديد القرض والاستفادة منه أم لا، بالأخذ بعين الاعتبار راتبه الشهري، والأقساط التي يسددها وحجم الفائدة وطبيعة العمل الذي يشغله وكذا خضوعه لمختلف أشكال الضمان الاجتماعي.
•    غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار يرهن القرض الاستهلاكي
من جانب أخر فأن الأزمة الاقتصادية وحالة التقشف التي تعيشها الجزائر وأغلب الاسر بسبب ارتفاع كارثي في أسعار كل المواد الاستهلاكية والخدمات تجعل من القرض الاستهلاكي عبئا جديدا لا تريد الاسر اضافته في الفترة الحالية خاصة وان البنوك وفي حالة عدم تسديد أقساط القرض في أوقاتها تفرض غرامات إضافية تضاعف من قيمة القرض والاقساط ما يوقع الراغبين في الاستفادة من القروض في فخ المديونية الأمر الذي يعقد من وضعيتهم الاقتصادية خاصة مع حالة الارتفاع في الأسعار غير المسبوقة، التي تعرفها الأسواق وذلك راجع إلى تدنّي قيمة الدينار من جهة، وقانون المالية من جهة أخرى الذي أقرّ زيادات في الأسعار والخدمات، على غرار أسعار الوقود وخدمات الهاتف النقال، وهي أسعار بطبيعة الحال ستكون كتكاليف إضافية على دخل المواطن، في الوقت الذي لم تشهد فيه الرواتب الشهرية أي زيادة.
•    نسب فائدة مبالغ فيها وأسعار جنونية للمنتجات التي شملتها القروض
من جانب اخر فان ارتفاع أسعار المواد التي شملها القرض قللت من الاقبال على هذه القروض فمثلا سيارة سامبول محلية التركيب بلغ سعرها 140 مليون سنتيم وهو مبلغ مبالغ فيه كثيرا يضاف لنسب فوائد مرتفعة حيث  يتحتم على المستفيدين من القروض الاستهلاكية دفع معدلات فائدة مرتفعة ستصل حد 6 بالمائة، على عكس ما كانت تروج الحكومة له من تسهيلات لتشجيع المواطنين على الإقبال على المنتجات المحلية، لدعم الإنتاج الوطني، وهذه النسب اعتبرها البعض جد مرتفعة خاصة وان الحكومة تركت المجال للبنوك من أجل تحديد هذه الفوائد دون ان تفرض نسبة قارة وهو ما يجعل المواطنين مجبرين على اقتناء السلع والبضائع التي تضمنتها قائمة المنتجات المستفيدة من القرض الاستهلاكي، بأسعار تمثل ضعف تلك التي كانوا يتوقعونها، هذا وقد صنفت المؤسسات البنكية اعتمادها لهذه الفوائد المرتفعة ضمن الإجراءات الاحترازية لضمان مردودية القروض من جهة، والحفاظ على توازنها المالي من جهة أخرى، خاصة بعد أن خاضت تجربة في السنوات السابقة، جعلتها عاجزة عن تسيير ملف القرض الاستهلاكي، لكثرة عدد الزبائن الذين أخلوا بالتزاماتهم وسداد ديونهم


س. زموش

من نفس القسم الوطن