الوطن

شلل في مشاريع السكن الأشغال العمومية والمنشآت الكبرى

بعدما قررت وزارة العمل الاستغناء عن اليد العاملة الأجنبية من كل الجنسيات


•    خبراء يعتبرون اليد العاملة المحلية غير كافية وغير مؤهلة

تواجه المشاريع الكبري وفي مقدمتها السكن والأشغال العمومية والمنشآت الفنية الكبرى، والمحروقات الفترة المقبلة الشلل التام بعدما قررت وزارة العمل والضمان والتشغيل الاجتماعي تجميد رخص العمل للأجانب من كل الجنسيات، وهو قرارا وصفه الخبراء والمختصين بالمتهور وغير المدروس بسبب افتقاد سوق العمل في الجزائر ليد عاملة مؤهلة وكافية لتغطية المشاريع قيد الإنجاز.
دفع تهاوي أسعار النفط ودخول الجزائر في أزمة اقتصادية، الحكومة للتخلي عن العمالة الأجنبية والاستنجاد بالعامل الجزائري حيث قررت وزارة العمل تجميد جميع رخص العمالة التي كانت تمنح لليد العاملة الأجنبية بما فيها الصينية، في حين سيستثنى الذين مازالت مشاريعهم لم تكتمل حتى الآن، وكان وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي محمد الغازي قد أكد في تصريحات له أن كل العمّال الأجانب الموجودين في الجزائر لن تجدد رخصهم، موضحا أنه يستثنى كل من لازالت تربطه معهم عقود شغل ولم تنته المشاريع التي قدموا من أجلها، مضيفا أن كل من انتهت مهامه في المشروع الذي قدم لأجله سيكون مجبرا على العودة إلى بلاده بموجب انقضاء صلاحية الرخصة الممنوحة له، كما كشف الغازي عن تشكيل لجنة خاصة تعمل بالتنسيق مع جميع الجهات المعنية تقوم بمراقبة هؤلاء العمّال، واتخاذ القرارات المنصوص عليها قانونا فيما يخص بقائهم في الجزائر، من جانب آخر أشارت تقارير واردة لوزارة العمل قيام شركات أجنبية بإدخال عمال أجانب في إطار عقود إنجاز مشاريع ليتم تحويلهم إلى مشاريع خاصة من دون أي وثائق رسمية تضمن تأمينهم، مشيرا إلى أن التقرير الذي نجم عن تحقيقات أجريت حول القضية أثبت تورط العديد من الشركات الأجنبية في هذا الأمر، حيث سيتم إعداد قائمة لهذه الشركات والتي ستدرج في القائمة السوداء التي يمنع منحها رخص عمالة، بالإضافة إلى طرد كل هؤلاء العمّال إلى بلدانهم.
من جانب أخر وصف العديد من الخبراء والمختصين  الإجراءات التي اتخذتها وزارة العمل وتحدث عنها الغازي بالمتهورة وغير المدروسة رغم أن قرار توقيف العمالة الأجنبية في الجزائر إيجابي من ناحية أن ذلك من شأنه خلق الالاف من مناصب الشغل التي يحتاجها الجزائريون خاصة في ظل الازمة الحالية إلا أن المشكل يكمن في وفرة هذه اليد العاملة ومدي تأهيلها خاصة وأن أغلب الجزائريين معروفين بهروبهم من الأشغال الشاقة إلى مهن تضمن الربح السريع والمريح، ما جعل سوق العمل خلال السنوات الفارطة يعيش حالة من التناقص الغريب بين العرض والطلب فرغم ارتفاع نسبة عدد العاطلين عن العمل، إلا أن عدد من القطاعات على غرار قطاع البناء والفلاحة والاشغال العمومية تعاني من نقص كبير في اليد العاملة المؤهلة، ما جعل الحكومة تلجأ إلى العمالة الأجنبية لسد العجز المسجل لإنجاز مشاريعها، وقد حمل المختصون هذا التناقض في سوق العمل لوزارات معنية بملف الشغل على رأسها وزارة العمل، التكوين المهني ووزارة الأشغال العمومية ووزارة التعليم العالي حيث لم تعمل هذه الوزارة بالتنسيق فيما بينها بطريقة تسمح بربط الجامعات ومراكز التكوين بعالم الشغل بصفة مباشرة فبدل تكون الجامعة ومراكز التكوين حامل لمشاريع البلاد أصبحت عبء عليها بتخريجها لجيوش من العاطلين عن العمل.
عامل أخر يراه الخبراء سبب مباشر في فرار اليد العاملة الجزائرية من قطاعات كالبناء الفلاحة والأشغال العمومية وتفصليهم قطاع الخدمات وهو ضعف الأجور في هذه القطاعات ومشكل توزيعها، ما جعل آليات التشغيل التي لجأت إليها الحكومة مثل لونسانج بديل للفلاحة والبناء.
من جانب اخر فان الخطأ الذي وقعت فيه وزارة العمل خلال استقدامها الالاف من العمالة الأجنبية والذي سيكون عائق امام إكمال المشاريع قيد الإنجاز بعد التخلي عن هذه العمالة هو عدم الحرص على المؤسسات التي تعتمد على يد عاملة اجنبية على تطبيق الشرط الذي وضعته الوزارة
حيث اشترطت هذه الأخيرة على اليد العاملة الأجنبية من أصحاب الشركات توفير فرص تكوين لفائدة اليد العاملة الوطنية خاصة منهم الشباب وذلك في تخصصات تمكنهم من اكتساب مهارات ومؤهلات في المهن التي تعمل فيها، إلا ان هذه الشركات تجاهلت هذا الشرط فلم تتعدّ مهام العمالة الجزائرية في ورشات الصينيين على سبيل المثال، مجالات الحراسة والسياقة والترجمة، ما يجعل استخلاف مناصب هؤلاء العمال الأجانب بعمال جزائريين صفقة خاسرة
للإشارة فقد قدرت آخر أرقام قدمتها وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي عدد العمالة الأجنبية في الجزائر بـ140 ألف عامل أجنبي من 125 جنسية من بين هؤلاء العمال الأجانب بالجزائر ممثلي شركات وأصحاب صفقات لا سيما مع متعاملين جزائريين خواص وقد اضطرت الحكومة الجزائرية للاستعانة باليد العاملة الأجنبية في معظم المشاريع الكبرى التي رفعت الدولة التحدي بها في تطوير مختلف المرافق الضرورية والمنشآت في البلاد، وهذا في ظل امتناع الكثير من المؤسسات الجزائرية المقاولاتية عن المشاركة في إنجاز هذه المشاريع بسبب محدودية الإمكانيات المادية والبشرية، وكذا الامتيازات المادية ونوعية العمل التي تقدم للعمالة الأجنبية على حساب المحلية


س. زموش

من نفس القسم الوطن