دولي
انتفاضة القدس "لم تزل يتيمة!"
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 05 مارس 2016
أوّل القول وخلاصته، إن ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، انتفاضة شعبية بامتياز، وإن كانت يتيمة، ولا بواكي لها من أبناء العمومة العرب، والأخوة المسلمين، ولولا إصرار هذا الجيل الفلسطيني على البطولة والعطاء، ولولا انحياز الشعب، لما كان لها أن تستمر كل هذا الوقت.
ستة أشهر متوالية منذ انطلاقة الانتفاضة في بداية أكتوبر من العام الماضي، وفتية وفتيات فلسطين يتساقطون بشرف وكرامة دفاعاً عن بيت المقدس، رغم كل عناصر الشد العكسي الإقليمية والدولية. هذا الجيل الفلسطيني الناشئ الموزع بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لم ير أي نتائج لخديعة (أوسلو 1993) وما تلاها من اتفاقات بين منظمة التحرير وسلطات الاحتلال، جيل يرى في موضوع القدس والمسجد الأقصى المبارك تحديداً سبباً دائماً في الانتفاض والولوج في حروب فداء لتبقى المقدسات، ولتبقى الأرض بهويتها العربية والإسلامية، بينما الأخوة والأشقاء غارقين في سبات عميق. ومع دخول (انتفاضة القدس) الشهر السادس، نقرأ ما جاء في وثيقة مشتركة لجيش الاحتلال وجهاز المخابرات (شاباك) كيف تميّز الأجهزة الإسرائيلية بينها، وبين انتفاضتي الحجارة العام 1987 والأقصى 2000، وتبيّن كيف تنظر قيادات هذه الأجهزة إليها، وما الذي يميز الفلسطينيين في الانتفاضة الحالية. القسم الأول من وثيقة (شاباك) يفصل معطيات العمليات التي تشير إلى الضلوع المتزايد للشبان والنساء في الانتفاضة الحالية، وأماكن سكنهم بأن من بين 219 فلسطينياً، وصل 174 من الضفة الغربية و36 من شرق القدس، والبقية من داخل الخط الأخضر. وحسب الجدول المفصل الذي نشرته صحيفة (يديعوت أحرونوت) إلى جانب هذا التقرير فإن 74% من العمليات وقعت في الضفة الغربية و16% في منطقة القدس و10% داخل الخط الأخضر. وبالنسبة للجيل الذي ينتمون إليه فقد توزع على النحو التالي: 37% في جيل 16 – 20 سنة و33% في جيل 21- 25 سنة، وحوالي 10% من جيل 30 سنة وما فوق، و10% قاصرين و11% فتيات. أما بالنسبة للتوزيع المناطقي فيشير الجدول إلى أن 40% من منطقة الخليل وبتير و25% من رام الله وشمال الضفة و4% من داخل الخط الأخضر. ومن بينهم 21 تواجدوا داخل "إسرائيل" بشكل غير قانوني و2 تواجدوا في "إسرائيل" بموجب تصريح مكوث في "إسرائيل" و1٪ تواجد بموجب تصريح عمل، و1 مهاجر سوداني كان يقيم في عسقلان. وبعد تحليل مجمل المعطيات تبين للجيش الإسرائيلي، عدة أسباب لاندلاع الانتفاضة الشعبية منها غياب أفق سياسي وفشل نهج التفاوض كطريق للحصول على الحقوق الوطنية، والشعور بانتهاء عهد الرئيس محمود عباس، وسأم الشعب من السلطة الفلسطينية وفي ظل استمرار قوات الاحتلال في عمليات القتل والإعدام الميدانية بحق العديد من الأطفال والشبان. ولكن البند الأكثر إثارة هو ارتقاء الجيل الشاب الذين لم يعرف الانتفاضة الأولى ويكاد لا يتذكر الثانية، جيل خبر بطش الاحتلال وتوحشه، ويأس من قياداته ويتحدى العائلة الأمنية وهرمها التسلطي، ويتمسك بحقوق الإنسان. ولم يتوقف الأمر في "إسرائيل" بالحديث فقط عن إحصاءات حول العمليات الفدائية، بل إن موقع (واللاه) العبري نقل على لسان مصادر أمنية إسرائيلية وفلسطينية أن مسؤولين من الجهازين الأمنيين ما زالوا يلتقون ويبحثون في التنسيق بين الجانبين، ويحافظون على قنوات مفتوحة لتبادل ولنقل المعلومات، فكيف لا يخرج هذا العملاق الفلسطيني على محاصريه وقاهريه؟.
جواد محمود مصطفى