دولي
فلسطينيو 48 مصير مجهول في ظِلِ الغطرسة الصهيونية
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 04 مارس 2016
هدمٌ يتلوه هدم، شعبٌ عايش الهجرة ولا يزال، أوجاع تتجدد، قرىً يتم ترحيل سكانها لأجلِ إقامة مستوطناتٍ يهودية، وأطفالٌ يُحرمون من حقهم في التعليم والعيش بأمانٍ وسلام في ظل سياسة التمييز العنصري بين العرب واليهود، ظلمٌ يتجرعون مرارته يوماً بعد يوم، معاناةٌ تتفاقم بلا هوادة رغماً عنهم، حظرٌ وإغلاقٌ لمكاتبهم ومؤسساتهم بلا وجه حق، تفرقةٌ عنصرية في دولة تدّعي الحرية والعدالة عنواناً لها، دولةٌ تبسط سيطرتها بالقوة على أراضٍ لم ولن تكون لها في يومٍ من الأيام.
مُنذ سنوات طوال وأنا أتابع قضايا الأهل في الداخل المحتل 48 م عن كثب وأكثر ما كان يضايقني هو جهل الناس بمعاناتهم ونضالهم، الناس لا تدري عنهم شيئاً، يؤلمني أن أذكر موقف صديقة لي حينما قالت بأنها لا تُحب أن تعرف عنهم شيئا وأنهم لا ينتمون إلينا، والأشد قسوة حينما كنت أتابع قضايا الهدم للبيوت العربية في الداخل المحتل عام 48 م، تلك البيوت التي بناها أصحابها بعرق جبينهم، تلك التي أفنوا حياتهم وتخلوا عن سعادتهم من أجل توفير المال لبنائها كي تؤيهم هم وعائلاتهم كأي إنسان يحلم بالحياة الكريمة على أرضه، فبين لحظة وضحاها يقوم الاحتلال بهدم منازل الفلسطينيين بحجة البناء دون تراخيص، حيث يرفض إعطاءهم التصاريح اللازمة لهم من أجل أن يكون البناء قانونياً، وأي قانون هو هذا الذي يحرم فلسطينياً من البقاء على أرضه والعيش بها بأمان؟ لماذا لا نتضامن معهم كما هم يفعلون؟ لماذا لا نتناول قضاياهم في إعلامنا الفلسطيني خاصة والعربي بشكل عام؟، لم لا نتعاطف معهم؟ هم ليسوا أفضل حال منا، هناك فرق واحد فقط فيما بيننا ألا وهو التعاطف الدولي والمحلي، على الأقل هنالك من يتعاطف معنا، فحين يهدم الاحتلال بيوتنا في الضفة وغزة هنالك من يستشعر بمعاناتنا أما هم فلا أحد معهم إلا الله، وكفي به وكيلا، لا أحد يتفقدهم لا عربيا ولا إقليميا ولا حتى دوليا، مهمشون على كافة الأصعدة حتى فلسطينياً.
تشير الإحصائيات أن هناك ما يزيد عن 50 ألف منزل غير مرخص في الداخل المحتل عام 48م، لا تصلها تمديدات الكهرباء مما يعني بأن هذه المنازل والتي تؤوي عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية مهددة بيوتهم بالهدم بأي لحظة بحجة عدم الترخيص. جدير بالذكر أن السلطات الإسرائيلية ترفض منح المواطنين العرب تراخيص لأجل البناء على أرضهم وممتلكاتهم إضافة إلى عدم السماح لهم بشراء منازل في مناطق يهودية بحجة رفضهم للخدمة العسكرية في جيش الاحتلال، ناهيك عن المعاناة في نقص البنى التحتية وقلة فرص العمل والافتقار إلى المشاريع العامة وعدم توسيع نطاق ومخططات القرى والبلدات العربية من ناحية البناء. لم تقتصر معاناتهم على ذلك فحسب، بل تستمر العنصرية العبرية الممنهجة ضدهم لتشمل مجال التعليم، وهو من أبسط حقوق الإنسان في الحياة، والمكفول في لوائح وتشريعات القانون الدولي الإنساني للبشر في العالم، حيث ترفض "إسرائيل" إنشاء جامعةٍ عربية لهم، ولا تدّخر أية وسيلةٍ كانت لفرض المزيد من المُعيقات على الشباب الفلسطيني حينما يحاول إكمال دراسته بالخارج، أما داخلياً فتمنعهم من دراسة الكثير من المجالات والتخصصات العلمية لأنهم عرب. أما حول هاجس القرى مسلوبة الاعتراف، والذي لا يزال يؤرق مضاجع الفلسطينيين فلم ينتهِ بعد، ففي النقب وحده حوالي 120 ألف نسمة يعيشون في أكثر من 40 قرية لا تعترف بها "إسرائيل" أشهرها "عتير _أم الحيران" وهي إحدى أكبر القرى في النقب ويقطنها ما يقارب 1000 نسمة من الفلسطينيين، سيتم هدمها وتشريد أهلها لأجل إقامة مستوطنة يهودية على أراضيها، وهناك قرية "العراقيب" التي تمثل أسطورة في الكفاح والنضال والتي تم هدمها ما يزيد عن 95 مرة على التوالي وتشريد أهلها. ولست أنسى "دهمش" والتي تتوسط بين مدينتي اللد والرملة تلك القرية الجميلة والتي تم تحويل مصير الاعتراف بها إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية، والبالغ مساحتها 220 دونما يقطنها حوالي 700 نسمة، كذلك رمية ومنطقة بين قلنسوة والطيبة في الشمال تم تهديد ما يزيد عن 50 منزلاً فيها بالهدم من قبل السلطات "الإسرائيلية" إضافة إلى قرية وادي الحنون في منطقة وادي عارة. لله دركم يا أهلنا على هذا الصمود، يهدمون بيوتكم ثم يرسلون إليكم عبر المحاكم لتدفعوا مئات آلاف الشواقل لهم ولآلاتهم التي هدموا بها منازلكم أو أن تهدموا منازلكم بأيديكم! أي مُر وأي صلف هذا؟
ريم كمال عبد العال