دولي
لماذا لن يدخل الجيش "الإسرائيلي" أي حرب حتى عام 2018 ؟
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 29 فيفري 2016
منذ أن تولى رئيس هيئة الأركان الجديد في الجيش "الاسرائيلي"، "غادي ايزنكوت" منصبه في فبراير 2015، قدم "خطة خمسية"، سميت بخطة "جدعون"، تهدف لإعادة بناء الجيش الإسرائيلي ورفع جهوزيته بشكل عام، على مستوى جميع وحداته، بما يضمن للجيش أن يستمر في كونه صاحب التفوق العسكري بالمنطقة، وليستطيع مع نهايتها تنفيذ "عقيدة الضاحية" على مستوى جغرافي واسع خلال الحروب المستقبلية.
وتنص "خطة جدعون"، على أنها خطة تهدف لرفع جهوزية الجيش عبر دمج العديد من وحداته، وخفض سن القادة، وتقليل عدد الجنود، ورفع مستوى الاحتياط، مع تقليل عدده والاعتماد على وسائل التكنولوجيا بشكل أكبر، سواء وحدات أو أفراد، ودمج جميع الفروع التكنولوجية في وحدة واحدة، بالإضافة لإلغاء الازدواجيات في الجيش، وتوحيد وتكثيف عمليات التدريب، وملاءمتها للتحديات، ومن المقرر أن تكتمل هذه الخطة عام 2018.
وشرع ايزنكوت منذ توليه منصبه على البدء بتنفيذ هذه الخطة، والتي لاقت موافقة كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمجلس الأمني المصغر، حيث نفذت الوحدات العسكرية الإسرائيلية عشرات التدريبات الكبيرة في المناطق الشمالية والوسطى والجنوبية، بمشاركة جميع الوحدات، سواء البرية أو البحرية أو الجوية.
ونفذ الجيش "الإسرائيلي" مؤخراً مناورة تدريبية واسعة لسلاح الجو بالتعاون مع نظيره الأمريكي، تحاكي توجيه قوة نارية أكبر من تلك التي أطلقها في كل من حرب غزة الثالثة ولبنان الثانية، فيما طلبت إسرائيل من الإدارة الأمريكية تسريع تسليمها طائرات جديدة من طراز F-35 قبل عام 2018، بحسب ما ذكر موقع "واللا" العبري.
كل هذه التدريبات والاستعدادات لا تعني أن إسرائيل مقدمة على حرب خلال العامين المقبلين بالضرورة، لكنها تسعى لثلاثة أمور: أولها، هو الحفاظ على هدوء الجبهات بأكبر قدر ممكن، والثاني استكمال بناء الجيش ورفع جهوزيته والقدرة على تغيير عقيدته القتالية لتصبح أكثر هجومية، والثالث تطوير الجيش تكنولوجيًا، للمحافظة على تفوقها على خصومها في هذا المجال، عبر تحويل جيشها، إلى جنود رقميين بمستوى عالٍ، إن صح التعبير.
خلال العامين المقبلين سيكون الجيش الإسرائيلي على الأغلب في "الحالة الاعتيادية" –بحسب وثيقة استراتيجية الجيش الإسرائيلي- أي أنه لن يشن حروباً في المنطقة قبل استكمال "خطة جدعون"، لكنه ربما سيشن حملات عسكرية محدودة جدًا، هدفها توفير أطول فترة هدوء ممكنة عبر اضعاف "عناصر القوة السلبية" لدى الخصوم -والمقصود هنا بهذا المصطلح، تلك القوة المستمدة من فترة الهدوء، كالتخطيط، والتجهيز والإعداد- غير النظاميين مثل حماس وحزب الله ومنعهما، ولو بالقوة، من تطوير قدراتهم وفق استراتيجية "تكسير موازين القوى"، وتوفير الظروف لتحقيق إسرائيل النصر السريع، في حال دخلت أي حرب مستقبلًا.
وربما يتجه الجيش الإسرائيلي خلال العامين "للحالة الطارئة"، التي تعني شن حملات عسكرية وعمليات محدودة، لا ترقى لحرب شاملة، بهدف استعادة الوضع المعتاد وترميم الردع دون السعي إلى إحداث تغيير استراتيجي فوري، بحيث يرد الجيش الإسرائيلي على أي استفزاز يتعرض له، عبر توجيه ضربة متكاملة فورية ومتزامنة، يكون لسلاح الجو الدور الرئيسي فيها، بالتزامن مع دور ثانوي للقوات البرية.
وهذه "الحالة الطارئة" ربما تحدث مع قطاع غزة، في حال وقعت عملية عسكرية على حدودها باستخدام الأنفاق أو عملية تفجيرية كبيرة، داخل العمق الإسرائيلي، وثبت لأجهزة الأمن أن لحماس يدًا فيها.
وبحسب وثيقة الجيش الإسرائيلي، فإن "الحالة الطارئة" تهدف للمساس بنظام العدو وقدرته على البقاء وتدمير البنية التحتية العسكرية له، وبموازاة هذا، يتم ضرب عشرات آلاف الأهداف المدرجة مسبقا، بقوة نارية شديدة في وقت قصير خلال الأيام الأولى من "الحالة الطارئة"، بالإضافة لاستخدام "عقيدة الضاحية".
و"عقيدة الضاحية"، هو مبدأ ابتدعه ايزنكوت، يرى بموجبه ضرورة إقدام إسرائيل على استعمال "قوة غير متناسبة" –أي قوة مفرطة- تحدث ضرراً وتدميراً ضخمين على أي قرية أو منطقة تطلق منها النار على إسرائيل، واعتبار تلك المناطق قواعد عسكرية، فبدلاً من التركيز على قصف قواعد الصواريخ، يجب التركيز على إحداث ردع بقصف شديد للمنطقة التي يطلق منها النار.
ولاشك أن إسرائيل تدرك أن حركة حماس وحزب الله، يسعيان لامتلاك قدرات تكسر ميزان القوى في المنطقة، فبينما يعتمد حزب الله على زيادة كم القوة، تعمل حماس على نوعيتها، إلا أن وضع حزب الله -الغارق في سوريا حاليًا- يقلل من فرص احتكاكه بإسرائيل خلال العامين المقبلين، فيما تنشغل حماس بتقوية نفسها عبر الأنفاق، سلاحها الاستراتيجي، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة.
ومن هنا تبقى إمكانية شن "إسرائيل" حملة عسكرية جديدة على قطاع غزة واقعية، إلا أنها لا تملك المبررات الكافية خلال الفترة الحالية، وفي حال توفرت المبررات، فإن إسرائيل ستجد نفسها مضطرة لخوض حملة تبدؤها هي، وعليه يبقى الجيش "الإسرائيلي" في "الحالة الاعتيادية"، حتى حدوث طارئ خلال العامين المقبلين.
أيمن الرفاتي