دولي

المعلمان القيق ونايف

القلم الفلسطيني


 

حدثان كبيران على الساحة الفلسطينية نستقي العبر الغزيرة منهما؛ فالأسير الصحفي محمد القيق استطاع بسلاح بدائي جدا يملكه كل إنسان على وجه الأرض؛ أن يقهر وينتصر على دولة الاحتلال وان كان ليس بالضربة القاضية؛ بل بالنقاط؛ ليكون معلما لمن بعده من طلاب الحرية والعزة والكرامة؛ بان الحقوق تنتزع انتزاعا ولا تستجدى بالدموع.
الحدث الثاني هو اغتيال الموساد للأسير الذي قهر السجان بالفرار من السجن وبقي طيلة 25 عاما يقاوم ويعمل لحرية شعبه، حتى اغتاله الموساد في السفارة الفلسطينية في بلغاريا؛ وهو نجاح بطعم الفشل لدولة الاحتلال؛ كون 25 عاما من النجاح في عدم قدرة الموساد من الوصول إليه يعد نجاحا للمطارد المقاوم عمر النايف وليس للموساد.
الأسير محمد القيق كان معلما في إضرابه؛ وعلم الأجيال أن الحقوق تنتزع انتزاعا من حلوق الأعداء، وعلم انه من الضعف الظاهر؛ يمكن أن تنبت أسباب النصر والقوة لتعطي ثمارها الطيبة من خلال نقاط ضعف العدو.
اغتيال الشهيد نايف؛ يستدعي اخذ العبر الكثيرة منه؛ كون عملية اغتياله جرت في مكان من المفترض أن له حرمته ومحصن وليس من السهل اختراقه؛ وكون الموساد يريد أن يوصل رسالة أن يده هي الطولى؛ ولكن بالتفكر قليلا يده هي القصرى؛ كون ما حصل من جريمة وقعت على ارض خارجية وفي مكان محمي بحسب القوانين والشرائع الدولية.
ما الذي جمع الأسير القيق مع السير الذي نجح بالفرار من سجنه؛ انه حب الوطن والمقاومة بحسب الطريقة والأسلوب الملائم لكل واحد منهما؛ فالقيق قاوم بأمعائه؛ والشهيد نايف قاوم بطريقته أيضا بالفرار من سجنه والعمل لحرية شعبه من خلال سنين طويلة وهو تحت تهديد الموت والقتل من قبل الموساد.
لن يتوقف الصراع مع دولة الاحتلال من خلال اغتيال مقاوم هنا أو هناك؛ ولن يتوقف الحراك والسعي لانتزاع الحرية للشعب الفلسطيني ما دام الاحتلال جاثما على صدور الفلسطينيين يعد عليهم أنفاسهم عدا.
ستتواصل مسيرة وقافلة الشهداء؛ ولن يذهب دم الشهداء سدى؛ وستتواصل عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار على جنود الاحتلال والمستوطنين؛ فقد كان يتوقع البعض أن انتفاضة القدس هي مجرد موجة عابرة وتنتهي؛ وإذا بها تستمر وتتواصل دون توقف؛ تترفع وتيرتها أحيانا وتخبو أحيانا بحسب الظروف والتعلم من الأخطاء وعدم تكرارها.
انتصار القيق؛ رفع المعنويات للشعب الفلسطيني ولانتفاضته المباركة؛ وشكل تقدما في حراك الحركة الأسيرة؛ في كيفية مقاومة ظلم السجان الذي لا يحترم حتى القانون الدولي الإنساني الذي يعتبر الأسرى جنود في معركة الحرية، واستشهاد نايف هو دليل على تخبط الاحتلال وليس قدرته على الوصول لفلسطيني في حرم سفارة يمنع اختراقها أو القيام بداخلها بأي جريمة نكراء.
من المتوقع أن تبقى دولة الاحتلال شغلها الشاغل هو الأمن؛ وألان هي تتحسب لرد الجبهة الشعبية على عمليتها الجبانة، وكون الاحتلال هو دولة مصطنعة لن تنعم بالأمن مهما ضغطت واشتكت ومكرت وقتلت من الشعب الفلسطيني، وفبكرت وقلبت الحقائق أمام المجتمع الدولي ودول الغرب خاصة؛ من أنها واحة الحرية والديمقراطية وسط غابة من الوحوش العرب، مع أن العكس هو الصحيح.
ألف رحمة لروح الشهيد نايف؛ وألف تحية لصمود ونجاح وانتصار الأسير الصحفي محمد القيق؛ وهذا حال الدنيا تكسب نقطة هنا وتخسر نقطة هناك؛ والكيس من اعتبر واتخذ احتياطاته للمعركة القادمة وجهز لها أدواتها المناسبة؛ فالحياة الدنيا هي أصلا من بدايتها وحتى نهايتها عبارة عن حراك وصراع بين الحق والباطل لا يتوقف ولا ينتهي.

خالد معالي

من نفس القسم دولي