دولي
اغتيال في السفارة.. الرحمة لروحك والعار لهم
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 27 فيفري 2016
شكّل خبر اغتيال المناضل في الجبهة الشعبية عمر النايف فاجعة وصدمة كبيرة لدى شعبنا الفلسطيني، بعد أن ظهرت قضيته منذ أشهر قليلة وهو يحتمي داخل مقر السفارة الفلسطينية في العاصمة البلغارية صوفيا ، والمناضل النايف اعتقلته سلطات الاحتلال الاسرائيلي عام 1986 لتنفيذه عملية فدائية وحكمت عليه بالمؤبد ، وتمكن من الهروب من السجن عام 1990م ، إلى أن حصل على الجنسية البلغارية.
في عرفنا كمجتمعات .. من يحتمي ويلجأ إليك في لحظات حرجة يتوجب عليك حمايته، وإياك أن تخذله مهما كلف ذلك من ثمن ، فما بالك عندما تتوجه لسفارة دولتك الرسمية وتقابل السفير، وتطلب منه الحماية من مطاردة الاحتلال وأدواته.
ما حدث داخل السفارة الفلسطينية في صوفيا بحق المناضل النايف تعد جريمة مكتملة الأركان، مخطط ومدبر لها ،والموساد هو المتهم الأول باعتقادي، وكما نعلم أن سيناريوهات الاغتيال متشابهة ، كما حدث مع محمود المبحوح القائد في حماس قبل سنوات في دبي مثلاً ، لكن هذا السيناريو وما حدث مع النايف مختلف تماماً هذه المرة ،إذ يعد فضيحة دبلوماسية كبيرة للسلطة الفلسطينية ،خاصة أنها وقعت في حرمة مبنى سفارة فلسطين ، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات هامة.
من يجرئ ان يدخل سفارة فلسطينية دون إذن؟ أين الطاقم الأمني في السفارة ؟ أين الحرس الخاص بالسفارة؟ ماذا عن كاميرات المراقبة التي تحيط بالسفارة؟ ما هي الجهود التي بذلها السفير تجاه قضية النايف؟ ماذا عن موقف بلغاريا من مقتل أحد مواطنيها؟ هل فعلاً وفر السفير وأمن السفارة الحماية الكاملة للشهيد النايف.. حسب متابعتي لتفاصيل القضية منذ بدايتها وبعد وقوعها وقراءتي لتصريحات شقيقه حمزة لا..ولا وألف لا.. فقد تقاعس السفير وأمنه عن دورهم وواجبهم تجاه هذا المناضل، ولم يعطوا أية أهمية لقضيته..أسئلة كثيرة هنا بحاجة لإجابات؟؟!!
السؤال الأهم الذي يجب أن يطرح على وقع هذه الجريمة .. ماذا فعل الرئيس محمود عباس قبل اغتيال النايف عند لقاءه قبل أيام قليلة رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف في مكتبه برام الله، هل طرح قضية النايف ؟؟وهل طلب بصفته رئيساً للشعب حلها ؟أم أعطى الضوء الأخضر سراً على ما حدث وبتنسيق بلغاري فلسطيني إسرائيلي؟ّ!!
باعتقادي أن السلطة الفلسطينية ممثلة برئيسها ووزير خارجيتها تتحمل مسؤولية ما جرى، بل إن المطلوب اليوم بعد وقوع هذه الجريمة الجبانة بحق مناضل فلسطيني..إقالة السفير احمد المذبوح والتحقيق معه ومحاكمته فوراً على جريمة قتل مركبة وقعت في حرمة سفارة هو مسؤول عنها وعن مواطنيها في ذاك البلد.
هذه الجريمة لم تكن الأولى، فما حدث يعيد إلى ذهني ما قام به السفير الفلسطيني نفسه في بلغاريا من جريمة دبلوماسية بحق وفد من حركة حماس زار بلغاريا في شهر فبراير عام 2013 بشكل رسمي، بعد تحريض وزارة الخارجية البلغارية والأمني البلغاري بشكل مباشر على الوفد الحمساوي حتى صدر قرار بترحيله قسراً لإسطنبول وفقاً لتوصيات السفارة الفلسطينية في بلغاريا ممثلة بسفيرها ، الأمر الذي يؤكد تورط السفارة بقضايا تضر مصالح الشعب الفلسطيني ومناضليه ورموزه وقيادته.
إن كل ما جرى يوصلنا لنتيجة واضحة مفادها أن التنسيق الأمني لدى السلطة الفلسطينية لم يقتصر على المستوى المحلي، فهو مقدس كما قال رئيس السلطة علناً.. مقدس في كل زمان ومكان... حتى داخل سفارتنا في بلغاريا!!
إن الجبهة الشعبية اليوم وامام هذه الجريمة بحق أحد مناضليها مطالبة بموقف واضح تجاه ما يجري من سلوك خطير، كما أن ما حدث سيكون له تداعيات وأبعاد خطيرة في ظل استمرارها بالتنسيق الأمني والمراهنة على التسوية مع هذا الاحتلال في كل مكان وزمان.
ما حدث مع المناضل النايف ، يفتح علينا تساؤلات كثيرة، ومخاطر أكبر بعد تصريحات ليبرمان وتأكيده أن إسرائيل ستجدد سياسة الاغتيالات بحق النشطاء والقادة الفلسطينيين ، وهذا مؤشر خطير وهذه التصريحات تدق ناقوس خطر على حياة عشرات الأسرى الذين أفرج عنهم في صفقة وفاء الأحراء وقبلها وأبعدوا إلى العديد من الدول الأوربية، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في هذه القضية، ووضع الحلول اللازمة لها بما يحافظ على حياة منضالينا وأسرانا المحررين.
أخيراً..من السهل علينا أن نتهم الموساد الإسرائيلي بارتكاب هذه الجريمة..لكن المشكلة الأكبر في تصريح السلطة تجاه ما حدث هو إعلانها تشكيل لجنة تحقيق بحادثة الاغتيال ، والتي تذكرنا بلجنة التحقيق في اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات وغيره من القيادات الفلسطينية.
باعتقادي (إذا أردت أن تميت أي قضية شكل لها لجنة) الكلام إلك يا جارة .. الرحمة للشهيد المناضل الرفيق عمر النايف ، والخزي والعار لكل من تآمر وتقاعس عن حمايته.
شرحبيل الغريب