دولي
هل تعود حماس إلى التحالف مع إيران؟
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 23 فيفري 2016
اتخذت حركة حماس في نهاية عام 2011 واحداً من أهم قراراتها الاستراتيجية، وهو خروجها من دمشق، لتكون بذلك وجها لوجه مع واحدة من أهم المحطات التي مرت بها الحركة، فاتحة الطريق أمام جملة من التحديات والارتدادت الداخلية والخارجية، حيث أن القرار كان أعمق أثراً وأكثر قسوة مما توقعه صانع القرار في حماس.
دخلت الحركة المنفى السياسي، مع تعثر الثورات العربية وانخفاض سقف الحلفاء الجدد، خصوصاً بعد انتهاء الحرب الثالثة التي كانت الأشد فتكاً في تاريخ الحروب التي تعرّض لها قطاع غزة، فعلى الرغم من الإنجاز العسكري، وما امتلكته المقاومة من إنجازات ميدانية، وصد للعدوان، إلا أن مصر، خصوصاً، منعت الحركة من تحصيل أي إنجاز سياسي، وساهمت في ذلك الحالة المتدهورة التي تعاني منها المنطقة. علينا أن نعترف بأن التعويل الكبير الذي وضعته حماس على حركات الإسلام السياسي والثورات العربية تحول إلى خيبة أمل كبيرة، حيث تمكّنت الثورات المضادة من القضاء على تطلعات الشعوب، وتحولت البيئة العربية إلى ساحة تنافس وصراع بين القوى الدولية والإقليمية. وضعف بريق الثورة أمام تغول الطائفية واحتدام المواجهات الإقليمية التي برز فيها طرفان أساسيين، هما الإيراني والسعودي، في ظل تراجع ملحوظ للدور التركي.
ومن المؤسف أن الدور التركي تراجع بعد أن عقد الإسلاميون عليه آمالاً كثيرة، وربطوا في بعض المراحل خياراتهم السياسية به، وهو ما لم يقدر عليه الأتراك، بعد أن خسروا رهاناتهم هم أيضاً، وأصيبوا بخيبة أمل، مع التأكيد على أن تركيا عمدت إلى تغليب الحلول الناعمة، وانتهاج الوسائل الدبلوماسية، لتجاوز الأزمات أكثر من غيرها، ولا شك أن التراجع الذي شهدته السياسة الخارجية التركية، أخيراً، وعدم قدرتها على تغيير مجريات الأحداث في الشأن السوري، يعود، في جزء كبير منه، إلى تردد واضح في السياسات، وارتباط عضوي بالموقف الأميركي والتحالفات الغربية المتشعبة. وأي خطوات ستتصف بالشجاعة في الأيام المقبلة، هي خطوات أميركية بامتياز لن تُعبر ولن يسمح لها أن تعبر عن تطلعات الدول السنية ومخططاتها. فما ينبغي علينا استيعابه أن المشهد الثوري الذي تكاتفنا حوله، قد تغيّر، وأن الدول التي خالطت قراراتها ومواقفها بالمبدئية لم تعد كما السابق، فاللعبة أصبحت أكبر منهم. وعليه، المطلوب هو التسليم بحقيقة تغير البيئة المحيطة، وهو ما تنبني عليه ضرورة تغير السياسات والرؤى التي تحكم القرارات والخيارات الاستراتيجية. وعلينا أن لا نغفل المحدد القديم المتجدد، وهو التغول الصهيوني في المنطقة، وارتفاع مستوى التنسيق مع الدول العربية التي ترى بأن عدو إيران "إسرائيل" أقرب لها من حليف وصديق سابق لعدوها "حماس"، فتجنب الساسة الفلسطينيين الحديث عن التقارب الإسرائيلي مع عدد من الدول العربية لا يعني عدم وجوده. حيث أن التقارب الرسمي العربي مع دولة الاحتلال يترافق مع تدني دور الحاضنة الشعبية في تلك الدول وتأثيرها المنخفض على مجريات الصراع في فلسطين.
وفي ظل هذه التحولات والتغيرات التي تشهدها المنطقة، والإعراض السعودي الرسمي، يبدو أن حماس لن تدير ظهرها، هذه المرة، للجهود الإيرانية المبذولة لإعادة العلاقة مع الحركة، ولا سيما أن هناك حديث عن إرسال إيران، أخيراً، دعماً للجناح العسكري لحماس في قطاع غزة. فإعادة العلاقة مع إيران أصبحت ضرورة، مع زيادة التحديات التي تواجهها الحركة، خصوصاً أن التقديرات لا تنفي إمكانية اندلاع حرب في أي لحظة في القطاع، وهو ما يتطلب توفير خطوط دعم وإسناد، والسعي إلى توسيع دائرة المواجهة وإشغال العدو على جبهات متعددة.
محمد الأخرس