الوطن

التعدد النقابي والاستقرار الاجتماعي أولويات المرحلة

الذكرى الستين لتأسيس الاتحاد العام تزامنت مع إقرار دستور جديد للبلاد



تحل اليوم الذكرى الـ60 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وفي نفس الوقت ذكرى تأميم المحروقات (24 فبراير 1974)، في مرحلة انتقال حقيقي في النموذج الاقتصادي المعتمد في الجزائر، بعد فترة طويلة من اعتماد الرؤية الأحادية في التسيير الاقتصادي وحتى في الشراكة النقابية، وأمام إقرار الدستور الجديد الذي جاء ليدعم الحريات وإعطاء الفرصة للمجتمع المدني لكي يساهم في تحمل المسؤولية.
يحيى الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذكرى الستين وهو يدرك أنه ومنذ الاستقلال تولت الحركة العمالية الجزائرية، ممثلة في الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وظيفة سياسية أكثر منها نقابية، وتم انخراطها في العمل التنموي، حيث اعتبرت من بين المنظمات الجماهيرية التي تسعى إلى تجنيد اليد العاملة في سبيل القيام بمهامهم التنموية من جهة، ودعم خيارات السلطة سياسيا في كل المناسبات، ما ساهم في ظهور عدة نقابات مستقلة حتى وإن في قطاعات مختلفة يصعب جمعها في اتحاد واحد أو تنسيقية، كما هو الحال بالنسبة للاتحاد المستفيد من ولائه للسلطة في تجميع فروعه في كل القطاعات، بالإضافة إلى تعامل الحكومة معه في الحوارات الاجتماعية والمزايا الكثيرة المقدمة للاتحاد.
تناضل النقابات المستقلة على عدة جبهات، أولها رفض الاتحاد العام للعمال الاعتراف بالتعددية النقابية عمليا، مستعملا رصيده التاريخي في تحمل أعباء وهموم الوطن، بدءا بالنضال في مرحلة التحرر، ومرورا بمختلف المراحل الصعبة التي مرت بها البلاد، بما فيها فترة العشرية الدموية التي عرفتها الجزائر، والمواقف المتقدمة للاتحاد وقوافل الشهداء والتي كان منهم أمين عام الاتحاد المرحوم عبد الحق بن حمودة. ويستعمل الاتحاد هذا الإرث التاريخي في الضغط على السلطة من أجل تقزيم وإبعاد النقابات المستقلة من أي جهد وطني، إلا في الحالات الضرورية، خاصة أن قضية التمثيل غير مطروحة والجهات الرسمية لم تحرص على أي معايير في التمثيل النقابي إلا الاعتراف بواقع الإضرابات والاحتجاجات المختلفة.
التحدي الواضح في الفترة القادمة هو مدى قدرة الاتحاد على التقليل من حدة التوترات الاجتماعية أمام الأزمة المالية التي تعرفها البلاد، خاصة أنه عجز بشكل كبير، وهو شريك في الفشل، عن الإبقاء على المؤسسات العمومية المنتجة، رغم كل محاولات التطهير والأموال الكبرى التي صرفت فيها، وحتى الحلول التي كانت دوما تحت مطلبية الاتحاد من أجل إنقاذها، ولكنها في النهاية أصبحت مجرد عقار يتقاسمه المتنفذون في الاتحاد العام للعمال الجزائريين.
المنظمة النقابية بحاجة إلى تطور كبير لخدمة الاستقرار، من خلال التخفيف من وظيفتها وارتباطها بالأجهزة السياسية والمتنفذين السياسيين وحتى أصحاب رؤوس الأموال الحاملين لأجندات خاصة بعيدة عن مفهوم الاستثمار وتحقيق بدائل اقتصادية للبلاد.. كل هذا يفرض الآن ضرورة تحرير مبادرة النقابيين إلا من القانون الواجب احترامه، ما يستدعي أيضا التجديد في التشريع القانوني في كل قضايا العمال، خاصة أن البلاد تتجه بشكل كلي نحو النموذج الليبرالي الذي لا يحتمل تشريعات ماركسية تتحكم في قانون تنظيم العمل في الجزائر ثم أن الدستور الجديد، خاصة في المواد 32 و41و43 ثم جاءت المادة 56 التي نصت صراحة أن الحق النقابي معترف به لجميع المواطنين مما يفرض الإسراع في إنزال هذه المواد الدستورية إلى ارض الواقع والتوجه نحو مرحلة جديدة يمكنها أن تساهم في الاستقرار الاجتماعي، والاهم أن تساهم بجدية بالأفكار والتحفيز في التنمية التي تعتبر الرهان الحقيقي للدولة والمجتمع

خالد. ش.

من نفس القسم الوطن