الوطن

المصادر "المأذونة" تعيد طرح إشكالية التواصل بين مؤسسات السلطة والرأي العام

بند استشارة الرئيس للأغلبية البرلمانية يخلق تراشقا سياسيا يصل إلى الرئاسة



عاد الحديث من جديد وسط الساسة الجزائريين والمراقبين حول إشكالية التواصل بين مؤسسات السلطة والرأي العام، تزامنا مع المصادر المأذونة التي نقلت لوكالة الأنباء الرسمية، أمس الأول، خبر غياب أي نية لدى الرئيس في إجراء تعديل على الحكومة الحالية للوزير الأول، عبد المالك سلال، من منطلق أن الدستور المعدل لا يلزم الحكومة بالاستقالة. وبالرغم من أن الدستور الجديد للبلاد لم يصبح بعد ساري المفعول ولن يكون كذلك إلا بعد مرور الثلاثين يوما الموالية لتاريخ المصادقة عليه في البرلمان، وفقا للمادة الـ116 من الدستور، إلا أن ذلك لم يمنع الطامحين في الوصول إلى قصر الدكتور سعدان من إبداء آرائهم حول تركيبة الحكومة القادمة، وبالدرجة الأولى المشرف عليها، وهو الصراع الذي ترى بعض الأطراف بأنه السبب وراء تسريب الرئاسة لهذا الخبر، الذي وإن لم يكن رسميا ولا يعبر عن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لكونه المخول الوحيد لتعيين الحكومة الجديدة، إلا أن هذا الخبر حمل طابعا رسميا باعتبار أن المؤسسة الإعلامية التي تداولت الخبر هي رسمية، والمفترض أن تستقصي أخبارها من الرئاسة مباشرة دون الحاج للإشارة إلى المصادر المأذونة التي رافقت الخبر المدرج حول الموضوع.
ويرى متابعون أن تعجيل الرئاسة بهذا التصريح وإن كان يحمل خبر صياغة المقال لغطا كبيرا عند الساسة لكون الدستور الجديد يفرض استشارة الرئيس للأغلبية حول هوية الوزير الأول، والتي لم تكن متاحة في الدستور السابق المعدل، ولم يتم الأخذ بها في تعيين المكلف بإدارة الجهاز التنفيذي الحالي عبد المالك سلال، إلا أنه عبر عن كون الرئاسة قد فصلت في الجدل الذي رافق طرفيّ الصراع حول من الأحق بقيادة الجهاز التنفيذي من أحزاب الموالاة التي عبر قادتها، في وقت سابق، عن رغبتهم في أن تكون بصمتهم واضحة في من سيتربع على عرش الدكتور سعدان برسم الدستور الجديد للبلاد.
ولكن الأمر المؤكد الذي حملته رسالة وكالة الأنباء، بناء على المصادر المأذونة، هو التأكيد للرأي العام أن الحكومة في الجزائر لا يمكنها أن تقدم استقالتها، ويوضح بشكل كبير أن مسألة إقالة الحكومة هي من اختصاص القاضي الأول للبلاد عبد العزيز بوتفليقة، الذي لم نشهد خلال فترة حكمه للجزائر والتي تمتد من 1999 إلى الآن إلا استقالة واحدة كانت من أحمد بن بيتور، أما باقي الحكومات فقد تم الاستغناء عنها تباعا بشكل أو بآخر.
وبغض النظر عن الصلاحيات ومواد الدستور، إلا أن الرئيس، وفق مراقبين، هو من كان يقيل الحكومة ويكلف آخر بتشكيلها، كما تورده رسائل وكالة الأنباء، إلا أن الواقع يقول أيضا أن الحكومة تعطى للوزير الأول مسماة دون أن يزيد فيها اسما واحدا.
رسالة وكالة الأنباء الجديد فيها أنها أعادت من جديد إشكالية التواصل بين مختلف مؤسسات السلطة والرأي العام الوطني، ومن غير المعقول أن تنسب الوكالة الرسمية خبرا من حجم استقالة الحكومة من عدمها إلى مصدر مأذون، في وقت أن هذه الصلاحية خاصة برئيس الجمهورية أو من يكلفه، وفي هذه الحالات وبالنظر لقضايا ذات أهمية أكثر منها، كانت تسلم لمدير الديوان أحمد أويحيى، غير أنه في هذه المرّة تم التخلي عنه لأسباب تقول بعض الأطراف المتابعة للشأن السياسي في الجزائر بأنه قد كان طرفا في السجال القائم حولها، ولهذا السبب لم يفوض بهذا التصريح، ما ساهم في زيادة الانتقاد، خاصة أن الأمر يتعلق بالوكالة الرسمية وليس كما حدثت تسريبات من قبل واستعملت مواقع إخبارية وقنوات خاصة وتعاملت مع مثل هذه الأخبار أكثر مهنية.
في حين ربط آخرون هذا التغييب لمدير ديوان رئاسة الجمهورية بسبب أنه يوم تحدث عن الحكومة القادمة وفق الدستور الجديد، لمح بصورة غير بريئة إلى غريمه في الأفلان عمار سعداني، حين قال في الندوة الصحفية المتعلقة بالكشف عن المشروع التمهيدي للدستور الجديد، بأن استشارة الأغلبية لا تعني بالضرورة الأغلبية البرلمانية، وهي التصريحات التي ردّ عليها سعداني بصورة عاجلة، قال فيها بأن أويحيى لم يكن يتحدث كمدير للديوان بالرئاسة، وإنما كأمين عام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي

خولة بوشويشي.

من نفس القسم الوطن