الوطن
التقشف يقضي على آخر آمال أبناء الجنوب في التنمية!
ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات قياسية تنذر بحراك إجتماعي خطير
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 19 فيفري 2016
عقدت الحالة الاقتصادية التي تعرفا الجزائر من وضعية سكان الجنوب أكثر حيث قضت سياسة التقشف على أخر أمالهم في التنمية فرغم تطمينات الحكومة إلا أن كل المؤشرات توحي أن الجنوب الذي لم يستفد من التنمية في زمن البحبوحة لن يستفيد منها زمن التقشف.
لم تستفد ولايات الجنوب طيلة السنوات الماضية من خطة تنموية واضحة المعالم وهو ما أبقي هذه الولايات خارج مجال التنمية وجعل السكان يعيشون في محيط معزول يميزه غياب المشاريع التنموية وانتشار غير مسبوق للبطالة رغم وجود 3000 مؤسسة منها 800 شركة بترولية، وهي الوضعية التي تأزمت أكثر من انتهاء عهد البحبوحة المالية ودخول الجزائر مرحلة التقشف هذه المرحلة التي أثرت على ولايات النواب أكثر من نظيرتها في الشمال فإجراءات التقشف، تعتبر ضربة أخرى توجه للتنمية بولايات الجنوب كونها أصلا تعيش بطئا تنمويا وغياب وسائل الانجاز واليد العاملة المؤهلة والعديد من الاعتبارات التي جعلت هذه الولايات تدخل فعلا غرفة الإنعاش إلى إشعار آخر، رغم تحذير الخبراء الاقتصاديين أن سياسة التقشف لا يجب أن تكون شديدة على المناطق الجنوبية ذلك أنها لم تستفد بشكل كبير من البرامج التنموية،ويجب استدراك التأخر المسجل في هذه البرامج وهو ما يحتم على الحكومة فتح حوار عميق مع الطاقات المؤثرة في الجنوب واعتماد خطة استثمارية عاجلة قصيرة متوسطة وطويلة الأجل، استحداث صندوق لتمويل المشاريع الشبانية الواعدة في منطقة الجنوب دون فوائد ربوية، واستحداث مراكز البحث والدراسات الاستشرافية المعمقة في ترقية الجنوب اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ويؤكد الكثير من أن الحكومة كانت قادرة على تحويل الجنوب الجزائري إلى "جنة فوق الأرض" من ناحية الاستثمارات الفلاحية ومن ناحية المدن العصرية، غير أن البيروقراطية والجهوية حالت دون تحقيق هذه المشاريع التي تحققت في الكثير من البلدان العربية وبأموال أقل بكثير من التي صرفت في مشاريع لم تكتمل إلى غاية اليوم، لتتنصل الحكومة من كل وعودها وتأتي سياسة التقشف لتقضي على أخر أمال أبناء الجنوب في التنمية.
• مشاريع حساسة تجمد بالجنوب بسبب الأزمة المالية
من جانب أخر فان ولايات الجنوب نالت النصيب الأكبر من عملية تجميد المشاريع التي أمر بها الوزير الأول عبد المالك سلال حيث تم تجميد مشروع الطريق الولائي بين مدينة إيليزي، وبلدية برج عمر ادريس، مرورا بمنطقة وادي سامن على مسافة 360 كيلومتر، وهو الطريق الذي كان حلم سكان الولاية، في التخفيف من معاناة التنقل إلى ولاية ورقلة، كون الطريق سيقلل من المسافة بنحو 350 إلى 400 كيلومتر، أين تم التكفل فقط بـ 150 كيلومتر منه، بينما يبقى مصير الشطر المتبقي في حكم المجهول، و هو المصير نفسه بالنسبة للطريق الوطني رقم 55 الرابط بين إيليزي وتمنراست، الذي تجري به الأشغال في الجزء الخاص بالتسطيحات والأشغال الأولية للمشروع على مسافة 150 كيلومتر، وسيتوقف المشروع عند هذا الحد كونه معني بإجراءات التقشف والأمر ذاته بالنسبة لعدد من الطرقات الولائية نحو العديد من المناطق النائية في ولايات الجنوب التي عانت أصلا من تأخر وصول التنمية إليها، كذلك تم تجميد مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 1، لاسيما في جزئه الرابط بين مدينة المنيعة وغرداية، على مسافة تقارب 260 كلم، فرغم اتخاذ كل الإجراءات الإدارية، إلا أن مديرية الأشغال العمومية بالولاية، تفاجأت بقرار مصالح المراقبة المالية، برفضها المصادقة على المشروع بسبب حالة "التقشف". وليس هذا فحسب، بل مست الإجراءات الحكومية المتعلقة بساسة التقشف ، هياكل ذات طابع استراتيجي وحساس، بولايات الجنوب منها قطاع الصحة حيث تم تجميد مشروع أنجاز مستشفيين سعة 120 سرير بكل من إيليزي وجانت، وكذا مستشفي بولاية ورقلة، بينما تمس عملية التجميد أيضا العديد من المرافق التربوية بينها ثانوية بمدينة جانت، ومجمعات مدرسية أخرى، فيما كان تجميد مشاريع هياكل إدارية هي الأخرى، ومنشآت خدماتية، ومشاريع متعددة .
• مناصب شغل.. عدالة اجتماعية وبرامج تنمية حقيقية لا تزال أولى مطالب أبناء الجنوب
رغم أن الحراك الاجتماعي في ولايات الجنوب أنخفض مع نهاية 2015 وبداية 2016 بعدما عرف السنوات الفارطة هذه المنطقة ثورة للشباب البطال وبعدها ثورة لرافضي الغاز الصخري إلا أن المطالب التي رفعها الشباب لا تزال قائمة ومتجددة وأساسها مطالبة السلطة بتغيير نظرتها وتعاملها مع الجنوب الكبير مخزن الثروات و"البحبوحة" وتوفير مناصب شغل لشباب العاطل عن العمل هناك حيث تصل نسب البطالة في الجنوب إلى مستويات قياسية قدرتها بع الجهات بـ20 بالمائة أن لم نقل أكثر بالإضافة إلى تسيطر برامج تنموية حقيقية ومشاريع بني تحتية من شأنها أن تنهي العزلة التي تعيشها معظم ولايات الجنوب
س. زموش