الوطن

منظمات المجتمع المدني.. فوضى، فساد ونشاط على الورق فقط

أضحت مجرد لجان مساندة أو رجع لصدى الأحزاب


•    100 ألف جمعية ومنظمة تستنزف خزينة الدولة و90 بالمائة منها تنشط بصفة وهمية
•    محاد قاسمي لـ"الرائد": الشاب لم يثق في المجتمع المدني وسياسة تكميم الأفواه ستجعل من كل شاب ناشطا حرا!

تعرف الجزائر هذه الفترة العديد من التغيرات الاقتصادية والسياسة والاجتماعية بدءا من أزمة انهيار أسعار النفط وما خلقته من صعوبات على المستوي الاقتصادي والاجتماعي على حد سواء وصولا لمسألة تعديل الدستور وما نتج عن هذا الأخير من استحداث مجالس وهيئات جديدة وهو الامر الذي ولد حراكا على المستوي السياسي خاصة ما تعلق بالدستور الجديد وكذا على المستوي الاجتماعي في كل ما تعلق بأزمة النفط والتقشف وامام كل هذا نلحظ غياب شبه كلي للجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي تقوقعت على نفسها وأصبحت شبيهة بالأحزاب السياسة أكثر منها منظمات من المفروض أنها تدافع عن كل فئات المجتمع وهو ما فتح المجال أمام النشطاء الاحرار الذي اصبح تأثيرهم أكثر من تأثير الجمعات والمنظمات غير أن  هؤلاء يتعرضون لكثير من التضييق من طرف السلطة.
أثارت العديد من الاحتجاجات مؤخرا على قانون المالية والزيادات التي عرفتها اغلب المواد الاستهلاكية وتدهور القدرة الشرائية للجزائريين بالإضافة على احتجاجات المقصين من السكن وعلى الجهة المقابلة رافضي تعديل الدستور فيما تعلق بالشق السياسي  الكثير من علامات الاستفهام حول دور الجمعيات المحلية والوطنية المعتمدة من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية على أرض الواقع، فرغم عددها المتزايد إلا أن لا أثر لها في الميدان وهو ما يستوجب البحث والتساؤل لماذا غابت الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني عن المشهد العام في الجزائر رغم انها لا تزال تتلقي دعم من الدولة دون أن يكون لها نشاط يذكر في الميدان.
•    100 ألف جمعية ومنظمة تستنزف خزينة الدولة و90 بالمائة منها تنشط بصفة وهمية
وقد أحصت وزارة الداخلية والجماعات المحلية في آخر حصيلة لها قرابة 100 ألف جمعية"93654"، من بينها 1027 جمعية وطنية، أغلبها غير موجودة إلا على الورق، وحسب موقع وزارة الداخلية فإن هناك21  تخصصا ومجالا تنشط فيه هذه الجمعيات، منها32 جمعية لقدماء الطلبة و 7 جمعيات حقوقية و 20 جمعية أجنبية و 9 جمعيات ثورية للمجاهدين وأبناء الشهداء وقدماء محاربي الشرق الأوسط والمحكوم عليهم بالإعدام و23 جمعية نسوية و 10 جمعيات دينية، و 28 جمعية في مجال التطوع والتضامن و25 جمعية للصداقة والتبادل، و 143 جمعية ثقافية وفنية، و 50 جمعية للشباب و 14 جمعية للمراهقين و18 جمعية لذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين و21 جمعية تاريخية وتراثية، و151 جمعية صحية، و 334 جمعية مهنية وغيرها.
كما قدرت وزارة الداخلية عدد الجمعيات المحلية بـ92627 جمعية منها 20137 جمعية خاصة بالأحياء، وهي تمثل 21.74 من عدد الجمعيات تليها الجمعيات الدينية بـ 15304جمعية على المستوى المحلي وجمعيات الرياضة والتربية والشباب بـ 15019، إضافة إلى 14891 جمعية لأولياء التلاميذ، وبقدر ما تعد هذه الأرقام ضخمة لعدد الجمعيات والمنظمات في الجزائر بقدر ما تبين حجم الدعم الذي يذهب في الفراغ على جمعيات غير موجودة على أرض الواقع فالمتتبع للنشاط الجموعي مؤخرا يتأكد له أن 90 بالمائة من جمعيات ومنظمات المجتمع المدني توجد في سبات عميق فلم نشهد طيلة سنة 2015 وبداة 2016 أي تحرك لهذه الجمعيات رغم أن الساحة الاقتصادية والسياسة كانت مليئة بالمتغيرات هذا وفي الوقت الذي يري فيه البعض أن تضاعف عدد الجمعيات والمنظمات في الجزائر يعني تكريس اكثر للديمقراطية يري كثيرون أن أغلب الجمعيات في الجزائر حادث عن مهمتها وسلكت طريق السياسة ورغم أن وظيفة المجتمع المدني في البدء والمنتهى هي ترسيخ ثقافة المواطنة وتربية الناس على ثقافة الحوار والمشاركة الفعالة في بناء الفضاء المشترك، ونقل القيم.. لكنها في الجزائر - على العكس تماما - أضحت مجرد لجان مساندة أو رجع للصدى للأحزاب أو لطبقة سياسية التي تطغى عليها المصالح.
•    جمعيات لم تعقد مؤتمرها التأسيسي منذ 20 سنة تحظي بدعم الدولة وأخرى تنشط رغم العراقيل!
من جانب آخر توجد جمعيات أثبتت وجودها في الميدان إلا أنها لا تحظى بالدعم، ورغم ذلك استطاعت بمجهودها الخاص أن تثبت وجودها، ولكن ما تزال الإدارة تعرقل نشاطها أحيانا باسم القانون وأحيانا عن طريق بث الانشقاق في داخلها، وثمة جمعيات عديدة وصلت إلى قاعات المحاكم بسب الخلافات الداخلية والاتهامات المتبادلة، والقاسم المشترك في مشاكل هذه الجمعيات أنه يوجد طرف ثالث يتمثل في الإدارة التي تسبب تصرفاتها البيروقراطية في هذه المشاكل.
بالمقابل فأن هناك من الجمعيات من لم تعقد مؤتمرها منذ 20 سنة، وما يثير الاستغراب أن من بين تلك الجمعيات من تحظى بالدعم المادي والمعنوي من طرف الجهات الرسمية دون أن تقدم شيء يذكر، والأكثر من هذا لم تعقد مؤتمرها منذ تأسيسها في بداية التسعينات، هذا بالإضافة إلى عدم تقديم تقريرها المالي والأدبي السنوي إلى الجهات الرسمية، وعدم وجود رقابة على هذه الجمعيات، رغم أن وزارة الداخلية أبدت مؤخرا نيتها في تطهير قوائم الجمعيات من تلك الغير فاعلة في الميدان كما أكدت أنها ستوقف الدعم عن كل جمعية لم تثبت نشاطا حقيقا وفعالا على المستوي المحلي أو الولائي أو حتي الوطني، بينما هناك جمعيات مجهرية نشاطها غائب تماما عن الواقع تعقد مؤتمراتها في فنادق خمس نجوم وتصرف الملايين من أجل عقد المؤتمر السنوي في فندق فخم بينما تعجز جمعيات معروفة بنشاطها عن عقد مؤتمرها السنوي ولا تجد حتى قاعة حفلات لذلك، بسبب غياب الدعم اللازم لها،  كما أن هناك الكثير من الجمعيات تنشط بعيدا عن المراقبة خاصة تلك المتواجدة على المستوى المحلي، حيث صارت تظهر مباشرة بعد تنصيب رؤساء البلديات وتحظى برعاية وتمويل خاص، لا لسبب سوى لأنها تابعة لأطراف على صلة بهؤلاء المسؤولين والهدف الأساسي منها هو الغلاف المالي الذي تخصصه الدولة للجمعيات المختلفة، وبسبب الرعاية والحماية التي تحظى بها هذه الجمعيات من طرف المسؤولين فإنها تكون دوما بعيدا عن المراقة هذا بالإضافة للعب على القوانين، والتزوير في وثائقها، وبعضها لا يوجد له برنامج ولا أعضاء ولا منخرطين، سوى اسم الجمعية التي تمارس مهامها في غموض كامل الهدف منه هو الاستحواذ على المساعدات المالية، وهو ما يدخل هذه الجمعيات في خانة الفساد.
•    محاد قاسمي لـ"الرائد": الشاب لم يثق يوما في منظمات المجتمع المدني وسياسة تكميم الافواه ستجعل من كل شاب ناشطا حرا!
وعن غياب دور المجتمع المدني هذه الفترة مع كل ما تشهده الساحة الاقتصادية والسياسة والاجتماعية في الجزائر من تغيرات أكد أمس الناشط محاد قاسمي وهو عضو اللجنة الشعبية لمناهضة الغاز الصخري بعين صالح أن منظمات المجتمع المدني غابت عن الواجهة هذه الفترة لان المواطن في حد ذاته لم يعد يثق في هذه الجمعيات والمنظمات ولا في خطابها وهي التي تنخرط معظمها تحت لواء سياسي مضيفا أن أغلب الشباب في كل بلديات الوطن لا يعلمون بوجود جمعيات في بلدياتهم، والكثير منهم لا يؤمن بهذه الجمعيات حتي وان عرف بوجودها باعتبارها أنها تستنزف المال العام، ولا يوجد لها أي أثر على أرض الواقع من جانب اخر قالي قاسمي أن منظمات المجتمع المدني صارت مرتبطة بالعمل السياسي وبالسلطة أكثر منه بالطبقات الاجتماعية التي من المفروض أن تدافع عنها وهو ما خلق شرخ بين المجتمع وبن هذه الجمعيات التي أصبحت تنشط على الورق فقط وهو ما فتح المجال لظهور نشطاء احرار وتنظيمات ظهرت من داخل المجتمع لكن الاشكال يضيف محاد أن هؤلاء النشطاء يتعرضون للمضايقات من طرف السلطة كونهم يشكلون خطرا بالنسبة لهم لانهم حقيقية يدافعون عن مصالح المجتمع مضيفا في هذا السياق أن المرحلة المقبلة تعد الأخطر ان تواصلت سياسة تكميم الافواه التي تتبعها السلطة خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تعرفها الجزائر وتبعيات ذلك على الوصع الاجتماعي.
س. زموش

من نفس القسم الوطن