الوطن

العلاقات الجزائرية الإيرانية بين الاستراتيجي ومواقف بعض المراجع الخاطئة

بعد تصريحات وزير الشؤون الدينية حول التشيع في الجزائر


أثارت تصريحات وزير الشؤون الدينية والأوقاف حول وجود ملف التشيع على أجندة الأجهزة الأمنية ومتابعتها للعناصر التي تعمل على مخالفة توجهات وقناعات ومرجعيات الشعب الجزائري، رغم استمرار سفارة إيران نفي هذا الاتهام، بل حرصها على أن تبقي العلاقة الجزائرية الإيرانية ضمن دائرة العلاقات المميزة والخاصة، في الوقت الذي فقدت إيران أغلب الدول العربية بما فيها السودان ودولا كانت أقرب منها لإيران من أي توجه آخر.
نفي السفارة والعاملين فيها وجود هذا التوجه لدى الدولة الإيرانية لا ينفي مبادرات أشخاص من المتشيعين الجدد كان لهم حتى بعض الظهور الإعلامي من حين لآخر، وعرفوا بتطرفهم في القناعات المذهبية، كما سجلت فتح عدة حسينيات في بعض الولايات الجزائرية بعضها قديم والبعض الآخر جديد، إلا أن المحصلة، كما يقول، المتابعون لهذا الملف أن العدد قليل ولا يشكل ظاهرة مقلقة، خاصة أن التدين الشعبي يرفض التحول المذهبي رغم وجود قناعات سياسية مؤيدة لمواقف إيران، خاصة في قضية دعم المقاومة ورفض الاحتلال الصهيوني سواء تعلق الأمر بفلسطين أو لبنان.
كما أن السلطات الجزائرية تعطي اهتماما للعلاقات الجزائرية الإيرانية وتعمل على تطويرها ضمن ما يحقق مصالح الشعبين، وما يبقي أولوية الهموم المشتركة للرأي العام العربي والإسلامي، وعلى رأسها قضية فلسطين من جهة، والمساهمة في استقرار المنطقة العربية ونزع كل عوامل التفرقة بما فيها عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل دولة. ومن هذا المنطلق فقد كان للزيارات المتبادلة بين البلدين أهمية قصوى في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها الدول العربية والإسلامية، وتعتبر طهران عدم قبول الجزائر الدخول إلى التحالف الإسلامي الذي دعت إليه الرياض والموجه لمكافحة الإرهاب، موقفا متقدما في الحياد الذي تسلكه الدبلوماسية الجزائرية مع مختلف المبادرات، كما يكون الموقف الجزائري في موضوع اليمن الرافض للتدخل العسكري دون ضجيج، إضافة إلى الموقف المتميز في القضية السورية، كلها عوامل ومواقف فيها بعض التقارب رغم الاختلاف الذي تفرضه الجغرافيا وأيضا تركيبة المصالح الموجودة لكل بلد في هذه البلدان.
الجزائر حرصت مرات على التأكيد على رفضها فكرة تصدير المذهب، ولعله السبب الرئيس في رفض فتح مركز ثقافي إيراني في الجزائر رغم المحاولات المتكررة من طهران ومن المسؤولين الإيرانيين الذين زاروا الجزائر، لوجود سوابق في أداء المراكز الثقافية الإيرانية في بعض العواصم العربية والتي وصلت لدرجة قطع العلاقات بين البلدين.
الجزائر حريصة على استمرار علاقات التعاون بين البلدين، والأكيد أن المواقف الرسمية المعلنة من إيران تتجه في نفس المسعى، ولكن وجود بعض المبادرات التي أحيانا تستند إلى بعض المرجعيات الشيعية، سواء في العراق وربما حتى في إيران، والتي كان أخطرها تصريحات مقتضى الصدر حول التشيع في الجزائر، كما أن ارتباط بعض المتشيعين بهكذا مراجع لا تولي أهمية للعلاقات الاستراتيجية من شأنها أن تؤثر على تنامي العلاقة بين البلدين.
العارفون بخريطة الإسلام الشعبي بالجزائر يدركون جيدا أن القوى الشعبية المؤثرة في ساحة الدعوة الإسلامية كلها لها خلفية سنية بين مدرسة الوسطية التي تتبناها حتى الطرق الصوفية والزوايا وبعض الحركات الإسلامية المنتشرة في ربوع البلاد، وبين حتى التيارات السلفية المختلفة والتي تجمع كلها على عدم السماح بممارسة التغيير المذهبي لعموم الشعب الجزائري، وبعض هذه التيارات لها صوت عال أحيانا أكثر من حجم الظاهرة، والبعض الآخر متأثر بما يحدث في العالم العربي والإسلامي ويردد مقولات علماء من السعودية ودول الخليج، دون أي مراعاة للواقع المحلي ولا حتى للتوازنات السياسية القائمة في البلاد في جانب العلاقات الدولية.
طهران مدعوة إلى أن تكون لها قدرة على التحكم وهي دولة قوية في بعض الأشخاص المعروفين وأن تحد من تحركاتهم حتى لا يتسببوا في إحراج العقلاء من مختلف التيارات من جهة، وحتى إحراج الموقف الرسمي الذي سيتعرض حتما إلى ضغوطات داخلية تفرض عليه التحرك لحماية الانسجام والوحدة المذهبية المعروفة في البلاد


خالد. ش

من نفس القسم الوطن