الوطن

"اليربوع الأزرق"... جريمة تنصلت منها فرنسا وأدارت لها السلطات العليا في البلاد ظهرها !!

56 سنة تمر على أول تجربة نووية فرنسية في الجزائر



لا يزال ملف التجارب النووية التي قامت بها فرنسا جنوب الجزائر إبان حرب التحرير وما ترتب عنها من مأساة إنسانية محل نقاش حتى تعترف فرنسا بجرائمها خاصة وان الأضرار التي خلفتها عملية "اليربوع الأزرق" لا تزال تلقي بظلالها على السكان والبيئة المتضررة، لتذكر فرنسا بمسؤوليتها التاريخية إزاء هذه المأساة الإنسانية حتى وان أدارات الدولة الجزائرية ظهرها لهذه التجارب النووية ولم تسجل تحركات جادة على مستوى الهيئات الدولية ماعدا بعض التسويقات الإعلامية داخل الوطن.
في 13 فيفري 1960، كانت أول تجربة نووية فرنسية تحت اسم "اليربوع الأزرق"، بمشاركة خبراء من إسرائيل في منطقة حمودية برقان، وكانت طاقته تعادل ثلاثة أضعاف قنبلة هيروشيما اليابان عام 1945، ورغم تجارب فرنسا النووية الكثيرة إلا أنها لم تصرح رسميا إلا بتفجير أربعة قنابل نووية وقد جرت التجارب سطحيا ووصلت طاقة كل قنبلة ما بين 10 إلى 70 كيلوطن وأتبع "اليربوع الأزرق" تفجير "اليربوع الأبيض" في 1 أفريل 1960، ثم "اليربوع الأحمر" في نفس السنة، فـ"اليربوع الأخضر" في 25 أفريل 1961، أما التجارب النووية الباطنية فقد وقعت في منطقة جبل "إينكر" بالهقار، وقد بلغ عددها ثلاثة عشر يضاف إليها التفجير الرابع عشر الفاشل الذي تم في 22 مارس 1965، وكلها وقعت في أنفاق حفرها جزائريون معتقلون داخل جبل "إينكر"، وقد شرع في إنجازها عام 1961 ومن أبرز هذه التفجيرات الباطنية ذلك الذي أطلق عليه اسم "مونيك" في 18 مارس 1963، والذي بلغت طاقة تفجيره 120 كيلو طن.
ويحكي سكان المنطقة كيف أن المكلفين بالتجارب كانوا يميزون السكان الذين استعملوهم كفئران تجارب بقلادات معدنية تحمل أرقاما تسلسلية لمعرفة تأثير الإشعاعات عليهم كما أصيبت الصحراء جراء تلك التفجيرات بأنواع غير مسبوقة من الأوبئة والأمراض، حتى أصبح السكان يؤرخون بها فيقولون "عام الموت" و"عام السعال" و"عام الجدري".  ومع مرور الوقت تأكدت تأثيرات التجارب النووية في الجنوب، وهي أكثر مأساوية مما كانت تبدو عليه في الأول. وأهم ضرر كان على صحة سكان المنطقة من خلال ظهور أمراض متنوعة وغير معروفة كالتشوهات من كل نوع، بالإضافة إلى حالات معتبرة من السرطان والعمى مقارنة بباقي مناطق الوطن.
وقد أحصت المنظمة العالمية للصحة حوالي عشرين مرضا سرطانيا كنتيجة مباشرة للإشعاع، حيث تتم الإصابة ببعض هذه السرطانات فور التعرض للإشعاع وبعضها الآخر قد يتطور مع مرور الوقت. وبعد مرور نصف قرن عن تفجيرات رقان ما تزال تأثيراتها المضرة ترمي بثقلها على السكان والبيئة الصحراوية كما تظهره التحاليل التي تمت خلال السنوات الأخيرة والتي كشفت عن وجود "نسبة عالية" من الإشعاع في المنطقة فلاتزال النفايات النووية بموقع التجارب تشكل خطرا أكيدا على السكان والبيئة على حد سواء بالمناطق المتضررة التي لم يتم بعد تطهيرها من الأضرار الإشعاعية. ويتعلق الأمر بمسؤولية لا زالت تستوقف فرنسا التي قامت بالتجارب برقان وكذا وادي الناموس (بشار) وإن ايكر (تمنراست) التي كانت بمثابة حقول للتجارب النووية الفرنسية بالجزائر، لكن المخزي بالنسبة للسلطات الجزائرية أن كل هذه الاضرار لم يقابلها موقف رسمي صارم تجاه جرائم فرنسا بالجزائر فالسلطات العليا في البلاد لم تستطع ان تفتك اعتراف رسمي من فرنسا بجرائمها وتعويض المتضررين من هذه الجزائر كما لم تتمكن السلطات العليا في الجزائر من تجريم الاستعمار حتي وأكتفت طيلة السنوات الفارطة بعض فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة بعقد ندوات عن التجارب الفرنسية في الجزائر دائما تخرج دون نتيجة  ويتساءل المواطن بالمنطقة عن سر تراجع الاهتمام بالملف خاصة في ظل التحولات التي عرفتها العلاقات الفرنسية الجزائرية كما يتساءل عن سر صمت الشخصيات التاريخية والسلطات العليا للبلاد وعجز نواب المنطقة عن إعادة إثارة الملف أمام البرلمان خاصة ما تعلق منها بالتعويضات

س. زموش.

من نفس القسم الوطن