دولي

نفير صهيوني في القدس

القلم الفلسطيني



ساعات بعد العملية الفدائية الفلسطينية في القدس المحتلة التي أسفرت عن ثلاثة شهداء ومصرع مجندة، حتى أعلنت قوات الاحتلال حرباً فعلية على الضفة الغربية بالحواجز وإغلاق المدن ورفع نسق البطش الشديد الذي توعّد به بنيامين نتنياهو قبل أسابيع، ولم تتوقف الإجراءات عند هذا الحد، بل تجاوزتها إلى اتخاذ العمليات الأخيرة لتصعيد خطط التهويد والفصل العنصري خصوصاً في القدس المحتلة. وسط هذا النفير الصهيوني الشامل تم الإعلان عن حركة جديدة تسمى «إنقاذ القدس اليهودية» تدعي أنها «غير حكومية» ولا ترتبط بأي حزب، وإن كان عدد من القائمين عليها هم من «اليسار الوسط». أما مشروع هذه الحركة فهو أخطر من كل السياسات المتطرفة الظاهرية في كيان الاحتلال، بل إنه يجسد جوهر خطط التهويد وروحها. وبحسب ما تم الإعلان عنه، ستسعى هذه الحركة إلى عزل القدس عبر قطع صلة 28 قرية فلسطينية تم ضمها إلى المدينة بعد نكسة عام 1967 بجدار أمني فاصل يضاف إلى الجدار الذي يشق الضفة الغربية، كما ستعمل الخطة على حرمان 200 فلسطيني في القدس الشرقية من تصنيف «مقيمين دائمين» إلى «أجانب» مع منعهم من التصويت في الانتخابات لبلدية القدس وكل الاستحقاقات المترتبة على كونهم أهل المدينة الأصليين، ولم تستحِ وثيقة تأسيس هذه الحركة العنصرية في التعبير عن الغبطة بهذا المشروع الذي سيغير التوازن الديمغرافي في العاصمة الفلسطينية المحتلة ليشكل اليهود نسبة 80% من السكان، وبذلك يكون مشروع تهويدها قد تم ولن يكون للفلسطينيين أي شيء يفعلونه أمام هذا الأمر الواقع، وهو الهدف البعيد لهذه الحركة. يجب ألا ينخدع أحد بأن مشروع هذه الحركة المغرق في العنصرية «ليس حكومياً»، بل إنه جاء ليكمل مشروع التهويد الشامل الذي تقوده حكومات الاحتلال وأشهرها الحكومة الحالية. هذه الحكومة التي تخطط بطريقة شيطانية لسلخ الفلسطينيين عن أرضهم وهويتهم، وما التصعيد الأخير في الإعدامات والاعتقالات وهدم منازل السكان في الضفة الغربية عموماً والقدس خصوصاً إلا خطة مدروسة سلفاً تعتمد على إذلال الشعب الفلسطيني وإهانته واستدراج بعض أبنائه الغيارى إلى ردود فعل حتى تتخذها حكومة الاحتلال ذريعة لفعل ما تريد الصهيونية بمختلف تشكيلاتها أن تفعله. ولا يتوقف تنفيذ هذا الفعل على حكومة الاحتلال وجيشها والمستوطنين واليمين واليسار، بمعنى أن كل الكيان الصهيوني يعمل حالياً على ترسيخ مشروعه أكثر من أي وقت مضى، وربما ما أشارت إليه السلطة الفلسطينية من احتمال اجتياح الضفة الغربية المحتلة أصلاً أمر وارد بقوة ويجري الإعداد له على أكثر من صعيد. ومثلما هناك قرارات جائرة ضد الضفة الغربية وقطاع غزة المحاصر، يتعرض الفلسطينيون في أراضي 48 إلى تنكيل ممنهج آخره سعي نتنياهو إلى رفع الحصانة عن النواب الثلاثة في «الكنيست» جمال زحالقة وحنين زعبي وباسل غطاس لأنهم وَاسَوْا عائلات فلسطينية ارتقى أبناؤها شهداء في مجابهة قوات الاحتلال، وفي عمليات استهدفت جنوداً ومستوطنين في الضفة الغربية.  وهذه الحملة الهادفة إلى إخراس أي أصوات تنتقد الجرائم الصهيونية كانت قد وصلت قبل أيام إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي جدد انتقاد حكومة الاحتلال على سياساتها الإذلالية للشعب الفلسطيني. كما طالت هذه الحملة وسائل إعلام أمريكية، فبعد الإذاعة الوطنية الأمريكية، ها هي شبكة «سي بي سي» تتعرض للضغط والاتهام ب «الانحراف» لأنها بثت تقريراً تضمن نوعاً من التعاطف مع شهداء القدس. وهذه الحملات المتعددة تتكامل في الأخير لتهيئة الأجواء لعمل ما ضد الفلسطينيين وقمع أي صوت قد يجرؤ على الرفض.

من نفس القسم دولي