الوطن

البرلمان يكتفي بالنصاب القانوني لتمرير الدستور الجديد

بعد أن غابت المعارضة





افتك البرلمان في جلسته الاستثنائية، التي عقدت أمس بقصر الأمم بالصنوبر، تأييد الأغلبية البرلمانية لمسودة تعديل الدستور، الذي ينتظر توقيع القاضي الأول للبلاد عبد العزيز بوتفليقة لدخوله حيز التنفيذ، حيث صادق النواب بأغلبية مطلقة قدرت بـ 499 صوتا على التعديلات التي طرأت على الدستور، وبالرغم من تسجيل رافضين للمشروع وممتنعين عن التصويت عليه، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لإطلاق وصف "التوافق" عليه، في ظل غياب أبرز الكتل البرلمانية المعارضة بداية من جبهة القوى الاشتراكية مرورا بالتكتل الأخضر ونواب جبهة العدالة والتنمية، وهو ما أعطى صورة أن النصاب الذي تحقق أمس كان قانونيا وعدديا، ولكنه لم يكن في مستوى تطلعات القوى السياسية، وهو الدستور الذي حرصت المعارضة على انتقاده وهو في المهد، قبل أن يتمخض عن مشاورات حثيثة قامت بها السلطة على مدار أسابيع طويلة، في محاولة يائسة لجذب المعارضة إليها، غير أن إصرار المعارضة لم يرتبط بمقاطعة جلسات "الرئاسة" التي قادها مدير الديوان أحمد أويحيى، بل تعداها إلى مقاطعة جلسة التصويت عليه.
وصوت نواب كتل أحزاب الموالاة التي تضم جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وكتلة الأحرار، بالإضافة إلى كتلة الثلث الرئاسي، بقبول ما جاءت به المسودة التمهيدية التي طرحت عليهم، والتي قرأ الوزير الأول، عبد المالك سلال، أبرز التعديلات التي جاءت فيها أمامهم قبل جلسة التصويت على التعديلات، فيما امتنع نواب حزب العمال عن التصويت عليه. وقدر عدد الممتنعين عن التصويت بـ 16 صوتا، فيما رفض نائبان المصادقة عليه.
وافتتحت الجلسة البرلمانية الاستثنائية بعرض قدمه الوزير الأول، عبد المالك سلال، الذي ناب عن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في عرض مسودة التعديل أمام النواب، حيث أوضح المتحدث أن "رئيس الجمهورية حرص على منح هذا المشروع طابعا توافقيا واسعا"، من خلال "مقاربة شاملة أساسها الاستشارة الواسعة دون إقصاء وإشراك مختلف الفاعلين السياسيين وقانونيين جزائريين ذوي كفاءة عالية"، مؤكدا على أن رئيس الجمهورية كلفه بتقديم مشروع تعديل الدستور الذي بادر به بعرضه على ممثلي الأمة. وحاول المتحدث أن يسلط الضوء على الظروف التي أملت نفسها على السلطة لتقبل على خطوة تعديل الدستور الذي وصفه بـ"المحطة التاريخية"، خاصة أنه جاء حاملا إصلاحات وصفها بالجوهرية التي ترمي إلى "دعم وحماية حرية الشعب وخدمته وتوسيع الفضاء الدستوري لحريات وحقوق الإنسان وتعميق الديمقراطية، توطيد دولة القانون وتعميق استقلالية القضاء ووظيفة المراقبة في بلادنا". وأضاف المتحدث يقول أمام النواب إن المشروع يهدف إلى تدعيم المبادئ والقيم الأساسية المتمثلة في "الإسلام والعروبة والأمازيغية"، معتبرا أن هذه المبادئ تشكل الركن الأساسي لهويتنا ووحدتنا الوطنية والتي تم إثراؤها وترقيتها، تطوير كل واحد منها، والتي من شأنها تشديد الروابط المتينة لشعبنا مع تاريخه وثقافته.
ووصف سلال تصويت النواب على الدستور بـ"المحطة التاريخية"، فهو سيكون صمام أمان للجزائر من التقلبات السياسية. وختم المتحدث كلامه بتقديم الشكر للنواب الذين دعموا مسار الإصلاحات السياسية التي قام بها القاضي الأول للبلاد، والتي لم تكن انطلاقا من هذا الدستور فقط بل منذ سنوات، وما هذا الدستور إلا تتويج لتلك الإصلاحات التي أطلقها الرئيس على مدار سنوات تربعه على كرسي الرئاسة.
وفيما يتعلق بأبرز ما يحتويه الدستور الجديد، خاصة في الشق المتعلق بالمعارضة، التي كان حضورها بارزا في خطابات وتلميحات الوزير الأول والرجل الثاني في الدولة عبد القادر بن صالح، أشار عبد المالك سلال إلى أن الرئيس حرص على إعطاء طابع توافقي للدستور الجديد من دون إقصاء، مؤكدا على أن ما يتضمنه الدستور هو أبرز ما تقدمت به التشكيلات السياسية والشخصيات الوطنية التي شاركت في المشاورات. وأكد في هذا الصدد على أن "تعديلات الدستور تكرس الوجود الدستوري للمعارضة، وتؤسس تواجدها، وتعيد الاحترام الأخلاقي، من خلال إلزامية الحضور الفعلي، ومنع النواب من تغيير الأحزاب التي انتُخبوا على أساسها، احتراماً للعهدة النيابية".


خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن