الوطن

وحدة أبناء مدرسة شيخ نحناح بين الأمل والواقع

استمرار مساعي ومجهودات التوحيد


تزامنت لقاءات مجلس شورى كل من حركة مجتمع السلم وحركة البناء الوطني وجبهة التغيير، في الفترة الأخيرة، وبدا واضحا من خلال البيانات أن هناك اتجاها يرغب في إعادة بناء وجمع أبناء مدرسة الشيخ محفوظ نحناح على المستوى النظري، رغم الخلافات المسجلة في الرؤية والمقاربات السياسية، والتي كان آخرها الموقف من تعديل الدستور الذي توجهت فيه حركة البناء الوطني إلى عدم الاعتراض عليه رغم التحفظات المسجلة، في حين اعتبرته حمس بأنه لا يعنيها وعلق عليه مناصرة بأنه غير توافقي.
منذ مؤتمر 2008 عرفت حركة حمس تصدعا من داخلها، أنتج في آخر المطاف أربعة أحزاب اختلفت في الاتجاه السياسي بل حتى في فهم الفكرة التي بنيت عليها الحركة منذ تأسيسها. فبين من يحاول أن يقدم الحركة كحزب سياسي يسير وفق الأعراف السياسية المتعارف عليها، وبين من يفهم الحركة بفكرها الشامل المبني على أسس متفق عليها، بل هي المؤطرة لكل الأفراد، بدءا بالاتفاق على الفهم والعمل والانضباط التنظيمي والثقة المتبادلة، وهي أسس العمل القديمة المتجددة، ورغم الاتفاق على الرؤية الوسطية والمعتدلة للإسلام ورفض العنف والتكفير ومناصرة قضايا الأمة، والاتفاق على أهمية النفع العام وتكريس قيم التضامن، وغيرها من المفاهيم التي ميزت مدرسة الشيخ نحناح، إلا أن الاختلاف في الرؤية السياسية يزداد مع مرور الأيام، ولم يبق في إطار الاختلاف بل تطور عند البعض إلى درجة الاتهامات والتشكيك في النوايا، ويعتبر هذا الملف من أكثر النواسف لأي تقارب بين الحركات الثلاث.
كما أن التعامل الإعلامي وخاصة التصريحات المثيرة للجدل والتي كثيرا ما باعدت بين إخوان الأمس، خاصة فيما تعلق بعلاقة الحركة بباقي الحركات الإسلامية، كثيرا ما ساهمت في التوتر وحتى أحيانا تبادل التصريحات من هنا وهناك.
وما زاد الخلاف أيضا هو كيفية التعامل مع السلطة والعلاقة بين الحركة وباقي أطياف المجتمع، فبين رأي قائل أن موقع الحركة هو القرب من الجميع دون التصاق، ومحاولة التقريب بين وجهات النظر وفق رؤية أن الزمن كفيل بتحقيق المستحيلات، وبين رأي لا يرى في السلطة إلا خصما، وبالتالي الجميع مطالب بإنهائها وإبعادها عن المشهد العام، وضمن هذا التشخيص تكون جهود ومساعي التنسيق قبل التوحيد تمر حتما عبر الوصول بهذين الرأيين إلى نقطة الوسط التي هي مناط الفهم عند الحركة منذ فترة وعقب مراحل التي مرت بها البلاد.
الأكيد أن التقاء الحركات الثلاث في الفترة الأخيرة في هيئة الحوار والتشاور، كما تمت لقاءات تنسيقية لمناصرة القضية الفلسطينية، إضافة إلى الوضع العام الذي تشهده الأمة الإسلامية، وبروز تحدي الإرهاب بشكل شغل الجيوش العربية عن عدوها الحقيقي وحوله إلى صراعات داخلية نتيجة صنعتها مخابر دولية جعلت من الإسلام الخصم الأول المطلوب تحطيمه على المستوى العملي، كل هذا وإضافة إلى العاطفة الجياشة التي يعرفها مناضلون في الحركات الثلاث، رغم الاختلاف في تقديرهم العددي، وهي من عوائق القائمة ضد مسعى التنسيق أحيانا، كما أن الجانب المنهجي في الارتباط بالحركة الإسلامية لا يتيح كثيرا من السيناريوهات مثل ما هو الحال في الفعل السياسي العام، كل هذا وأشياء أخرى تبحث عن إجابات يمكنها أن تسهل عملية الوحدة المأمولة وغير المستحيلة.
خالد. ش

من نفس القسم الوطن