دولي
فرنسا والمؤتمر الدولي للسلام...استعادة الحقوق أم ضرب للانتفاضة؟
فصائل فلسطينية تعتبر أن هذه الجهود مضيعة للوقت
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 01 فيفري 2016
دخلت فرنسا من جديد على خط التسوية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وهذه المرّة بإعلانها أنها ستعمل في الأسابيع المقبلة على عقد مؤتمر دولي لاستئناف مفاوضات السلام، وأنها ستعترف بدولة فلسطينية في حال أخفقت هذه الجهود. غير أنّ فصائل فلسطينية اعتبرت أن هذه الجهود مضيعة للوقت، نظراً للجهود السابقة في هذا الإطار. وفيما رحبت فصائل بالمبادرة الفرنسية، رأت أخرى أن الهدف منها إسقاط الانتفاضة.
وكان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، سبّاقاً إلى الترحيب بالمبادرة الفرنسية، والإشادة بالجهود العربية والأوروبية وجهود "الأصدقاء" من أجل دعم هذا التوجه، مشيراً إلى أنّ الوضع القائم لا يمكن القبول باستمراره، "ولن نرضى باستمرار الاحتلال والاستيطان، ولا بمواصلة سرقة مواردنا ومصادرنا الطبيعية، وحرماننا من استغلال أراضينا والاستثمار فيها"، على حدّ تعبيره. غير أنّ عباس لفت إلى أنّه "لن نعود للمفاوضات من أجل المفـــاوضات، ولن نبقى وحدنا نطبق الاتفاقات الموقعة، ولن نقبل أبداً بالحلول الانتقالية أو المؤقتة". أما الفصائل الفلسطينية المعارضة لنهج التسوية، فرأت أنّ المبادرة الفرنسية محاولة جديدة لتضييع الوقت، و"تجريب المجرب"، في إشارة إلى تجربة 25 سنة من المفاوضات بين السلطة والاحتلال، لم تحقق خلالها السلطة أية نتائج حقيقية على أرض الواقع. ويوضح القيادي في حركة "فتح"، فيصل أبو شهلا، أنّ المبادرة الفرنسية الرامية إلى عقد مؤتمر دولي للسلام تقوم على أساس حل الدولتين، والاعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة. ويؤكّد أبو شهلا أنّ السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" مع أي تحرك دولي يعمل على استعادة الحقوق الفلسطينية ووقف التوسع الاستيطاني، الذي تقوم به إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية والقدس، مبيناً أنّ إسرائيل ترفض الاقتراح الفرنسي على الرغم من الموقف الدولي وموافقة السلطة عليه. وينوّه أبو شهلا إلى أنّ فرنسا ستقوم بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود الأراضي المحتلة عام 1967، في حال أفشلت إسرائيل جهودها، واستمرت في سياسة التوسع الاستيطاني على الأراضي الفلسطينية، ولم تستجب للاقتراح الفرنسي.
ويشير القيادي في "فتح" إلى أنّ إسرائيل تتذرع بعدم وجود شريك فلسطيني حقيقي للسلام، في رفضها المستمر المبادرات الدولية المتعلقة بالعودة إلى طاولة المفاوضات، أو عقد مؤتمر دولي يعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. ويشدّد أبو شهلا على أنّ السلطة الفلسطينية ستعمل بكل السبل والطرق لإنجاح الدور الفرنسي، من أجل الحصول على الحقوق الفلسطينية بشكل كامل، وبأرخص الأثمان، كما جرى في المباحثات الدولية مع إيران في الملف النووي. غير أنّ النائب عن حركة "حماس" في المجلس التشريعي، يحيى موسى، يرى أنّ المبادرة الفرنسية وغيرها من الأفكار المقترحة للعودة إلى المفاوضات، تأتي في إطار المحاولات المستمرة للسيطرة على انتفاضة القدس المشتعلة منذ أكثر من أربعة أشهر. ويبين موسى أنّ استمرار السلطة الفلسطينية في مسار المفاوضات في ظل الجرائم الإسرائيلية المتصاعدة بحق الشعب الفلسطيني، يأتي في إطار التنسيق المشترك مع الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف الانتفاضة، لافتاً إلى أنّ حالة انسداد أفق الحل السياسي وفشل جهود السلطة في المفاوضات طيلة السنوات الماضية، كان الدافع الأبرز لاشتعال الأحداث. ويشير موسى إلى أنّ اتخاذ مجلس الأمن قراراً دولياً يقضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، أفضل من عقد مؤتمر دولي للسلام يعمل على تبريد حالة الغضب الفلسطيني جراء الممارسات العنصرية والجرائم، التي يرتكبها الاحتلال. ويلفت النائب عن "حماس" في المجلس التشريعي، إلى أنّ الجهود الدولية في ملف المفاوضات لا تخدم إلا المصالح الإسرائيلية، من خلال توفير الغطاء الدولي للكيان من أجل استمرار سياسة القتل والتوسع الاستيطاني، في ظل غياب الدور القانوني للمؤسسات الدولية. من جهته، يشير مسؤول المكتب الإعلامي في حركة "الجهاد الإسلامي"، داود شهاب، إلى أنّ الطرح الفرنسي مسلسل جديد، الهدف منه إضاعة المزيد من الوقت، مؤكّداً أنّ "المطروح مسائل جُرّبت ومفروغ منها، ولم تحقق لشعبنا وقضيتنا أية نتيجة". ويوضح شهاب أنّ الحديث عن تعاطف دولي مع الفلسطينيين لم يترجم مطلقاً، خصوصاً من قبل الحكومات والدول الغربية، على أرض الواقع، محذّراً من أنّ كل ما سيكون هو محاولة للعودة إلى المفاوضات، التي يتشبت بها أبو مازن، ولا جدوى منها. ويبينّ شهاب أنّ الطرح الفرنسي سيجعل أبو مازن يتشبث أكثر باستمرار التنسيق الأمني، والعودة إلى المفاوضات واللقاءات المباشرة، التي لم تتوقف مع الإسرائيليين، منوهاً إلى أنّ ذلك له تداعيات سلبية على العلاقات الداخلية الفلسطينية، خاصة في ظل توقف الحوار الفلسطيني الداخلي. ويشير شهاب إلى أنّ المعنيين في السلطة الفلسطينية لا يريدون الاعتراف بفشل مشروعهم التفاوضي وخيارهم الوحيد، ولا يرغبون في الاقتناع بأنّ خيار التسوية والمفاوضات وصل إلى طريق مسدود، ويتنكرون لكل الدعوات والمطالب والإجماع الفلسطيني على تمتين الموقف الفلسطيني وحماية الانتفاضة