دولي

من يشتري له مؤتمرًا دوليًّا؟!

القلم الفلسطيني



ليس في المجتمع الدولي قوى مؤثرة تريد مساعدتنا. عشرون سنة من المفاوضات ونحن نتبنى استراتيجية تقوم على طلب المساعدة من المجتمع الدولي، وقواه الراعية ذات التأثير الكبير، ولكننا اصطدمنا بالحائط، (فأُذن دول المجتمع الدولي واحدة من طين وأخرى من عجين). نحن في فلسطين نعلم هذا، ويمكننا أن نحاضر به غيرنا بكل اللغات العالمية.
ومع ذلك نقول: مشكلتنا ليست مع الخارج، وأعني بالخارج دول المجتمع الدولي الكبيرة، مشكلتنا بالدرجة الأولى في أنفسنا، في داخل بيتنا الفلسطيني. نحن في داخل بيت السلطة على أقل تقدير ليس لدينا استراتيجية محددة نساعد بها أنفسنا. مشكلتنا في قصر السلطة، لا في الدول التي ترعى مفاوضات السلطة مع الطرف المحتل لبلادنا وأرضنا ومقدساتنا؟!. بدأت استراتيجية فتح ومنظمة التحرير بالمؤتمر الدولي، وحين فشلت ويئست دخلت مفاوضات ثنائية مع العدو برعاية أميركا، والآن تمسك السلطة الفشل بيديها، ولا تمسك غيره؟!، وترجع إلى ما بدأت به منظمة التحرير بالدعوة إلى مؤتمر دولي. السلطة تطلب من المجتمع العالمي مؤتمرًا دوليًا، وهي تعلم أن دوله المؤثرة لا تؤيده، وأن دولة العدو ترفضه، فهل هذه استراتيجية قابلة للتنفيذ، أم أنها دعوة للتضليل والتخدير ومداراة الفشل؟!. في مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي (26) المنعقد في أديس أبابا دعا محمود عباس إلى الدفع لعقد مؤتمر دولي للسلام لتطبيق مبادرة السلام العربية، وحل الدولتين، وإنشاء آلية جديدة ومجموعة عمل دولية على غرار المجموعات، التي تعمل لحل أزمات المنطقة مثل (5+1)؟!. ورحب سيادته بالمبادرة التي أعلن عنها وزير الخارجية الفرنسي فابيوس أمس؟!. وكان فابيوس قد دعا لمؤتمر دولي، ولكن (إسرائيل) رفضته، وأنكرت على فابيوس قوله إذا لم ينعقد المؤتمر ففرنسا ستعترف بفلسطين دولة، وهاجم نتنياهو المقترح الفرنسي، وقال إنه يشجع عباس في تعنته ورفضه؟! دعوة عباس، ودعوة فابيوس، لا تزيدان عن نشاط إعلامي، وهي لا تنبع من استراتيجية محددة المعالم، يمكن تطبيق مقتضياتها في الميدان.

عباس يعلم بخروج حلّ الدولتين من الخدمة، ويعلم مسبقًا انتهاء صلاحية ما يسمى بالمؤتمر الدولي منذ مدريد، ويعلم أن الدواء منتهي الصلاحية لا يقبل إعادة الطبخ والتصنيع، بل لا بد من إلقائه في حاويات القمامة. هو يعلم هذا جيدًا، ويعلم أن الوضع القائم، وهو القائل في المؤتمر نفسه: "لا يمكن القبول باستمراره، ولن نرضى باستمرار الاحتلال والاستيطان، ولا بمواصلة سرقة مواردنا ومصادرنا الطبيعية، وحرماننا من استغلال أراضينا والاستثمار فيها". عباس يعلم هذا، ولكن علمه به غير مفيد له؛ لأنه ما زال يعمل بلا استراتيجية بديلة لفشل المفاوضات، ولا يقبل برأي غيره، ولا يتفهم الاستراتيجيات البديلة التي تطرحها الفصائل الفلسطينية الحية. عباس يجتر الماضي السحيق حين يربط مستقبلنا، وإصلاح فشله، بمؤتمر دولي غير قابل للانعقاد البتة. عباس يداري حقيقة فشل مشروعه التفاوضي، ويتسلى فيما تبقى من الوقت؟! وخلاصة كلامه أنه يعمل الآن بلا استراتيجية ولا رؤية، ويبدو في عمليته التسلية والانتظار كرجل يائس ومحبط.
د. يوسف رزقة

من نفس القسم دولي