دولي

عذراً أيها الفارس محمد القيق

القلم الفلسطيني





عذراً أيها الفارس الصحفي محمد القيق، فنحن نكتب بمداد الحروف، وأنت تكتب بمداد الصمود، ونحن ننتصر لك بفعالية هنا وبوست هناك، وأنت تصارع الألم وحدك، رافضاً التراجع قيد أنملة في مواجهة صلف الاحتلال البغيض، متسلحاً بإرادة فولاذية وإيمان عميق بحتمية الانتصار، عذراً أيها المغوار المقدام، فأنت تسطر ملحمة يعجز عن وصفها البيان، إذ تتعالى على وجع الجوع طلباً للحرية والكرامة، مصراً على تحطيم قيود الاحتلال عبر رفضك للاعتقال الإداري التعسفي المنافي لكل الأعراف والمواثيق الدولية. عذراً أيها البطل، فأي كلمات تلك التي بوسعها وصف شموخك وكبريائك، وأنت تأبى إلا أن تفضح الاحتلال بصمودك البطولي بمعركة الأمعاء الخاوية التي جاوزت الشهرين، تماماً كما كنت تفضحه على رؤوس الأشهاد بصوتك وكلماتك من خلال عملك كإعلامي حر آمن بقضية شعبه، وجاد بالغالي والنفيس من أجل الانتصار للحق والحقيقة، وعمل ليل نهار من أجل تعرية الوجه القبيح لأبشع احتلال عرفه التاريخ المعاصر غير مكترث بالضريبة التي تعلم يقيناً أن الأحرار لا مفر دافعوها، وها أنت تدفع ضريبة الكرامة والحرية بأمعائك الخاوية.
لله درك أيها الفارس النبيل في هذا الزمن الصعب، فأنت تحلق في عنان الكرامة والعزة، وتأبى الهوان والذلة والانكسار لغير الله، فيما تقف سلطات الاحتلال بكل جبروتها عاجزة عن قهر إرادتك، أو النيل من عزيمتك، عذراً أيها البطل فقد بلغ بنا التقصير في نصرتك والتضامن معك مبلغه، إذ اكتفينا بفعالية هنا وموقف عابر هناك، فيما تمر عليك الثواني ثقيلة قاسية مؤلمة، وكأني بك تتساءل لما لم تبادر نقابة الصحفيين والأطر الإعلامية كافة والمنظمات الحقوقية المحلية لتشكيل خلية أزمة لمتابعة قضيتك منذ اللحظة الأولى لإعلانك الإضراب المفتوح عن الطعام، فضلاً عن وضع برنامج فعاليات وخطوات عملية لنصرتك في مختلف المحافل الدولية المعنية بحماية وحريات الصحفيين ؟!، وهل تتدارك الأمر كون المعركة ما زالت مستمرة وتزداد خطورة وشراسة مع مرور الوقت؟!.
إن إضراب الزميل محمد القيق المفتوح عن الطعام يسلط الضوء على معاناة الآلاف من الأسرى البواسل القابعين خلف زنازين الاحتلال الإسرائيلي، ويذكر فصائل العمل الوطني والإسلامي بضرورة القيام بواجبها تجاههم، فقضية الأسرى ينبغي آلا تتراجع في سلم أولويات القيادة الفلسطينية، كما ينبغي ألا تغيب عن المحافل الدولية باعتبارها قضية إنسانية وطنية أخلاقية بامتياز، فهناك الآلاف من الأبطال الذين يستحقون الإشارة إليهم بكل بنان، وبينهم أطفال ونساء، في أكبر تعبير عن وهن كيان الاحتلال الذي يخشى الأطفال والنساء فيدفع بهم نحو المعتقلات والزنازين المعتمة.
وبشيء من الصراحة، لم ترتق نقابة الصحفيين فضلاً عن الأطر الإعلامية لمستوى التضامن المطلوب مع الزميل محمد القيق في معركته مع الاحتلال الإسرائيلي، بما يستدعي ضرورة الاستدراك سريعاً وقبل فوات الأوان للتحرك في مختلف المسارات الممكنة بما يكفل استمرار الضغط على سلطات الاحتلال داخلياً وخارجياً إسناداً للزميل القيق في إضرابه المفتوح عن الطعام، كما أن الأمر يستدعي مراجعة شاملة تفضي لترتيب البيت الداخلي للصحفيين الفلسطينيين، فلم يعد مقبولاً بأي حال من الأحوال وتحت أي مبرر من المبررات استمرار هذه الحالة المزرية من الشرذمة والاهتراء والضعف والعجز، فالصحفي الفلسطيني يستحق نقابة قوية وفعالة ومهنية وبعيدة عن العمل بمنطق حزبي بغيض أفسد وأساء للمهنة كثيراً كثيراً.  
عذراً زميلنا الفارس محمد القيق، فضعفنا وعجزنا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ولئن اكتفى البعض ببيان باهت أو فعالية عابرة، فقد أبيت إلا كسر إرادة الاحتلال البغيض، مردداً الحرية أو الشهادة، والله نسأل أن يقر عيوننا برؤيتك حراً عزيزاً بين أحبابك لنحتفل بانتصارك، فأنت وسام فخر في تاريخ الحركة الإعلامية الفلسطينية، ومن الواجب عليها تسجيل اسمك بمداد من شموخ وعزة وكرامة.
محمد اسماعيل ياسين

من نفس القسم دولي