الوطن

انهيار الدينار يتواصل ويرهن خطط الحكومة

القيم النقدية الصغيرة معرضة للاختفاء بسبب ارتفاع الأسعار


واصل سعر الدينار تهاويه أمام العملات الأجنبية الأورو والدولار بشكل مستمر ومقلق بالموازاة مع مزيد من التراجع في أسعار النفط في الأسواق العالمية، ورغم أن سيناريو انهيار صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية الأخرى كان متوقعا حتى من طرف الحكومة ألا ان تقلبات أسعار الصرف للأسبوع الفارط قد تخلط حسابات هذه الأخيرة بعد أن تراجعت قيمة الدينار مقابل الدولار والاورو، إلى مستوى قياسي، جاء بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط لدون 35 دولار  الامر الذي يرهن حظوظ نجاح الحكومة في التقليص من فاتورة الواردات في حين قد يدفع تآكل العملة الحكومة للاستنجاد باحتياطي الصرف مجددا لتغطية العجز في ميزانية استيراد المواد الاستهلاكية وخاصة الغذاء.
وكما كان متوقعا لا يزال السقوط الحر للعملة الوطنية يصنع الحدث في السوق السوداء للعملة الصعبة حيث بلغ 1 أورو 184 دينار في تداولات أمس في حين بلغ 1 دولار 168 دينار كما بلغ 1 أسترليني 240 دينار وبلغ 1 دولار كندي 117 دينار جزائري، هذه القيم انخفضت نوعا ما عما كان متداولا بداية الأسبوع المنصرم أين قرب 1 أورو عتبة الـ 200 دينار جزائري، ما يعني أن سيناريو انهيار  معدل صرف الدينار مقابل العملات المختلفة من الأورو والدولار رغم انه كان متوقعا او مفتعلا من طرف الحكومة ألا أن هذه القيم المتدنية الذي وصل إليها الدينار الجزائري مقارنة مع باقي العملات من شأنها أن تخلط حاسبات الحكومة خاصة وان الدينار التي ترتبط قيمته بشكل كبير مع تقلبات أسعار النفط من المتوقع ان يعرف مزيدا من الانهيار مع بداية السداسي الثاني من سنة 2016 ا ما دام أنه لا توجد إشارة توحي بأن سعر البرميل سيرتفع مستقبلا، بل على العكس إنه سينخفض أكثر أين توقع الخبراء الاقتصاديون أن يصل برميل النفط لما دون الـ20 دولار مع نهاية هذه السنة، مما قد يدفع الحكومة لتخفيض قيمة صرف الدينار أكثر، تفاديا لتوسع حجم العجز في الميزانية والخزينة والعجز في ميزان المدفوعات.
وفي هذا الصدد يؤكد العديد من الخبراء الاقتصاديين أن الحكومة لم تضع في حسابها في تعاملها مع ملف العملة الوطنية أنه كلما عرفت قيمة الدينار مزيدا من التدني كلما ساهم ذلك بشكل مباشر في ارتفاع نسب لتضخم التي قد تصل هذه السنة إلى 9 أو 10 بالمائة وتدني القدرة الشرائية للجزائريين كما يكبد انخفاض قيمة الدينار المؤسسات المنتجة في الجزائر والتي تستعمل مواد أولية مستوردة خسائر بالجملة نتيجة ارتفاع تكاليف الاستيراد بالعملات الأجنبية ما يعني أن انهيار الدينار أكثر الأيام المقبلة يعني فشل رهان الحكومة على تقليص فاتورة الواردات بل بالعكس قد تلجأ  الجزائر التي تعرف ظروف اقتصادية ومالية صعبة لاحتياطي الصرف من اجل استيراد الغذاء.
من جهة أخرى يرى مراقبون أن انتعاش العملة الوطنية يرتبط أساسًا بمنظومة إصلاحات اقتصادية تكون أوسع من الإجراءات الجزئية المؤقتة، معتبرين أن الاقتصاد الوطني يعاني الهشاشة والفاسد ما يفرض على السلطات العمومية وبنك الجزائر على وجه الخصوص إعادة النظر في قيمة العملة الوطنية استنادا إلى معطيات الاقتصاد الجزئي الوطني من جهة، والتحويلات للعملات الأخرى على الصعيد الخارجي من جهة مقابلة، من منطلق أن قيمة الدينار لا تمثل رمزا وطنيا فحسب، بل تعكس القوة التنافسية للاقتصاد. ويحذّر المختصون، من تآكل قيمة العملة بفعل تراجع قوتها الشرائية للأسباب المرتبطة بالتضخم، وعليه فإن استعمال القيم النقدية الصغيرة على غرار 5 دينار، 10 دينار في المعاملات التجارية معرضة للاختفاء تدريجيا بسبب ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية للمواطن وهو ما يعتبر ظاهرة نقدية خطيرة تستدعي إيجاد حلول لها على أسس إصلاحات اقتصادية ميتة تعيد للدينار قيمته الضائعة.
س. زموش

من نفس القسم الوطن