الوطن

أسعار النفط تجفف صندوق ضبط الإيرادات

بسبب السياسة الاقتصادية الخاطئة للحكومة وتوقعاتها غير المبنية على آراء الخبراء



بلغت الأموال المقتطعة من صندوق ضبط الإيرادات لتسديد العجز في الخزينة العمومية مستويات قياسية خلال 2015، مقابل تراجع في التحويلات المالية الموجهة لهذا الصندوق بنسبة 80 بالمائة بسبب الوضعية المالية المتدهورة لاقتصادنا الريعي. ومع تراجع أسعار النفط أكثر بداية 2016 وتوقعات بمزيد من الانهيار مع نهاية السنة، فإن زوال صندوق ضبط الإيرادات أصبح وشيكا وقد لا يصمد إلى نهاية سنة 2016 أو بداية سنة 2017 إذا تواصلت أسعار النفط في الانهيار محدثة مزيدا من العجز في الميزانية.
تراجعت التحويلات المالية في صندوق ضبط الإيرادات بأكثر من 80 % خلال الأشهر العشر الأولى لـ 2015 لتبلغ 95,255 مليار دج مقابل 36,1.307 مليار دج خلال نفس الفترة من 2014، وبلغت في مقابل ذلك الاقتطاعات من هذا الصندوق الموجه لتمويل عجز الخزينة العمومية حوالي 1.850 مليار دج بين جانفي وأكتوبر 2015 مقابل 67,2.965 مليار دج خلال نفس الفترة من 2014، ما يعني أن صندوق ضبط الإيرادات لم يسجل أية مكاسب بين جانفي وأوت 2015 بينما تمت مواصلة عمليات الاقتطاع على الصندوق.
هذه الأرقام المتعلقة بنسبة 2015 من شأنها أن تتضاعف هذه السنة أين وصلت أسعار النفط إلى دون 36 دولارا السعر المرجعي المحدد في الموازنة العامة لهذه السنة، معناه أن صندوق ضبط الإيرادات سيعرف مزيدا من الاقتطاعات مقابل صفر في التحويلات لهذا الصندوق، كون العجز في الموازنة سيبلغ ذروته بحسب العديد من الخبراء الاقتصاديين الذين دعوا للبدء في تحضير قانون مالية تكميلي من شأنه أن يعدل المؤشرات الاقتصادية المعتمدة في قانون المالية 2016.
ويري العديد من الخبراء أن عجز الحكومة على إيجاد الحلول للوضعية التي تعرفها الجزائر وفشل برنامج تنمية القطاعات الأخرى كالفلاحة والسياحة الذين لن يأتيا بثمارهما في الأجل القصير، بل في الأجل المتوسط أو الطويل يعجل من زوال صندوق ضبط الإيرادات الذي أنشأ في وقت سابق من أجل إيداع فائض قيمة الجباية البترولية الناتجة عن تجاوز هذه الأخيرة لسقف التوقعات في قانون المالية، وبما أن تقديرات قانون المالية لهذه السنة جاءت عكس منحى أسعار النفط حيث حدد القانون السعر المرجعي في حدود 36 دولارا، في حين أن أسعار النفط نزلت لحدود ال30 دولار خلال الأيام الماضية ما يعني أن الصندوق سيختفي من الوجود في غضون أشهر، وأمام هذا الطرح برزت ضرورة ملحة للإعادة النظر في تسيير وهيكلة هذا الصندوق قبل زواله وتغيير نظرة الحكومة لهذا الصندوق باعتباره أداة مؤقتة تعمل على ضبط وتعديل الموازنة العامة وتسديد المديونية الخارجية إلى أداة مستدامة تعمل على المدى المتوسط والبعيد وتساهم في توزيع المداخيل بين الأجيال وتحويل مداخيل الثروة النفطية باعتبارها ثروة زائلة إلى مداخيل الأصول المالية باعتبارها أصولا دائمة، وبتعبير أبسط جعل هذا الصندوق يخضع للإعادة هيكلة تجعله يسهم في تمويل الاستثمارات المالية الخارجية على شكل أسهم وسندات، ما يعني استعمالا أمثل لمداخيل الجباية البترولية ووضعها خدمة للاقتصاد الوطني وليس مجرد ثروة زائلة تلتهمها القطاعات الكبرى دون حسيب ولا رقيب لا من طرف الرأي العام ولا من طرف الهيئة التشريعية الممثلة للشعب


س. زموش

من نفس القسم الوطن