دولي

غزة وعشر سنوات من الحصار

القلم الفلسطيني



في 2006 فازت حماس، كان عمري 27 سنة وكنت موظفا في مركز أبحاث المستقبل وشاركت في لجان الانتخابات كعنصر رقابة، ودمعت عيني في إحدى اللجان الانتخابية وأنا أراقب فرز الأصوات والناس تختار القائمة رقم ستة رمزها الهلال قائمة التغيير والإصلاح بكثافة وحسم، كان الأمل كبيرا والنفوس مشحونة والفرحة عامرة والزلزال يضرب الحياة السياسية الفلسطينية. ذهبنا في اليوم التالي لبيت رئيس القائمة السيد إسماعيل هنية لتهنئته وكان المكان يضج بالشباب والرجال والنساء والإعلام والصحفيين، قابلت يومها مراسل القناة الثانية الإسرائيلية على الباب، لم يسمحوا له بالدخول ولم يرد أحد الحديث معه، لكني تجاسرت وتقدمت وقال لي ما رأيك فيما حدث؟ قلت اليوم تغيرت المعادلة، الناس اختارت من يريد قتال الاحتلال وطرده، من يومها ومن لحظة هذه النتيجة وهذا الفرح وهذه النوايا ابتدأ الحصار. عشر سنوات حصار وعدوان عسكري وعزلة....، فقط لأن الناس صوتت واختارت وقالت نعم لحماس والمقاومة والتغيير والإصلاح، ولا للتسوية والفساد والمحسوبية والتبعية وتوهان المشروع الوطني. عشر سنوات وغزة صابرة ثابتة متحدية جبروت الاحتلال وأمريكا والتآمر ومحاولة الانقلاب، وتستعد للمواجهة بإباء متجدد ومتصاعد، متمسكة بخيارها الصعب في كلمة لا للاحتلال والتبعية له والانكسار أمامه، فجاعت وتألمت وفقدت البيوت والأنفس والثمرات، ومع هذا لم تنحني ولا تخضع أو تتنازل. عشر سنوات من الضنك بسبب النظام المصري القاسي والذي نتوقع منه الصداقة... ولولا دوره لفشل الحصار ولهزمت إسرائيل شر هزيمة، ولاستطاعت المقاومة في غزة دفن إسرائيل وحطمت حلم بناء الهيكل، فغزة رغم الحصار أبية ثابتة صابرة فكيف لو فتحت لها الدنيا ومدت بالأموال والسلاح والشرعية السياسية؟ ولهذا بعد عشر سنوات لا أمل في تركيع غزة أو هزيمتها، فمن تحدى وصبر أمام العالم كله عشر سنوات لقادر أن ينتصر ويثبت ويستحيل هزيمته، وعلى العالم العربي الضغط على السلطات المصرية لفتح معبر رفح ورفع الحصار وإنقاذ شعبنا ومقاومته ودعمه ضد الاحتلال. بعد السنوات العشر العجاف ما زالت مقاومة غزة تقرع أبواب التحرير وتبني أنفاقها الهجومية والدفاعية وتعيد تهيئة الإنسان للانتصار، فرغم الحصار والتضييق وتنصل القريب والبعيد ما زالت غزة هي المكان الوحيد الذي يضرب تل أبيب بالصواريخ، ويأسر جنودا إسرائيليين، وهي البقعة الوحيدة التي يهابها الاحتلال ويخشى قتالها ويترقب تصريحات قادتها.
إبراهيم المدهون

من نفس القسم دولي