دولي

منطق ايزنكوت ومنطق ماجد فرج

القلم الفلسطيني





يوم الإثنين 18 كانون الثاني/يناير الحالي، ألقى الجنرال غادي ايزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، محاضرة في المؤتمر السنوي لـ"مركز أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب.
ويوم الأربعاء 20 كانون الثاني/يناير، أي بعد يومين فقط، نشرت مجلة "ديفنس نيوز" الأمريكية مقابلة مع اللواء ماجد فرج، رئيس جهاز الأمن التابع للسلطة الفلسطينية في رام الله.
في المحاضرة التي ألقاها ايزنكوت، يقدّم رؤية استراتيجية لوضع (إسرائيل) في المستقبل، يقرأ الواقع، ويحدّد الأخطار بدقة، ويشرح كيف سيتعامل الجيش الإسرائيلي مع هذه الأخطار.
في محاضرته الاستراتيجية، توقف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي عند تطورات الأزمة في سوريا ومستقبلها، وعند الصراع السني الشيعي وانعكاسه على مستقبل (إسرائيل)، وعند الخلاف السعودي الإيراني، والقدرات الاستخباراتية والعسكرية للجيش الإسرائيلي، والأخطار الصادرة من قطاع غزة وجنوب لبنان وسوريا، والتطورات في مصر ومنطقة سيناء، ومستقبل تنظيم "داعش".
ثم توقف ايزنكوت عند الموضوع الفلسطيني بشكل محدد، فقال إن "الحلبة الفلسطينية هي الأشد إقلاقاً على المدى القصير"، وذكر بالحروب الثلاث الأخيرة في قطاع غزة، واستشهد بالخطر من خلال عمليات الطعن التي نفذها فلسطينيون منذ مطلع شهر أكتوبر الماضي، والتي وصلت إلى 101 عملية، وقال ايزنكوت "لست بحاجة لأن تكون استراتيجياً كبيراً لتفترض أن (الإرهاب الفلسطيني) سيستمر في السنوات القادمة".
بعد يومين، تحدث اللواء ماجد فرج إلى المجلة الأمريكية، فركّز في حديثه على قيام جهازه بـ"إحباط 200 هجوم ضدّ إسرائيليين، واعتقال 100 فلسطيني منذ بداية الموجة الحالية من (الإرهاب) في أكتوبر الماضي".
تحدث فرج أيضاً عن أهمية التنسيق الأمني مع (إسرائيل)، وعن دور (إسرائيل) والولايات المتحدة في منع انهيار السلطة.
نحن أمام خطابين، متزامنين، لضابطين يفترض أنهما من نفس المستوى العكسري.. شخص يمثّل الإسرائيليين، وشخص يفترض أنه يمثّل الفلسطينيين.
ايزنكوت وفرج يعملان كموظفين في الحكومتين الإسرائيلية والفلسطينية، يتقاضيان مرتباتهما من أموال "الشعب"، جاءا إلى منصبيهما لخدمة أهداف ومصالح "شعب" كل منهما، مع كبير التحفظ والاعتذار لاستخدام مصطلح "شعب" هنا.
الجنرال ايزنكوت، يستعرض موقع "دولته" والتهديدات التي تواجهها، ويؤكد حرصه على حماية "شعبه" وتوفير الأمن لهم، ومنع أو التقليل من التهديدات التي تواجههم.
ايزنكوت يحدّد الأعداء بدقة، ويشرح كيف سيتعامل معهم.
أما اللواء فرج فإنه لا يتحفنا بأي رؤية استراتيجية، ولا يحدّد لنا من هم أعداء الشعب الفلسطيني، ولا كيف سيحمي هذا الشعب من المخاطر والتهديدات.
كل ما يفعله فرج هو تقديم جردة حساب بأعمال القمع والاعتقال التي مارسها ضدّ الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي يتعرض فيه هذا الشعب لموجات من القتل والاختطاف والأسر والحرق والإرهاب.
إسرائيل لديها ضابط، يقول لكل العالم إنه سيفعل كل شيء لحماية "شعبه وبلده".
أما ماجد فرج فيقول للعالم كيف سيعتقل ويمارس العنف من أجل (إسرائيل) أيضاً.
الفرق بين ايزنكوت وفرج أن ايزنكوت يعتبر أن هناك حكومة اختارته ليدافع عن مصالح المجتمع، وأن هناك جهات سياسية ورقابية ستحاكمه أن أخلّ بواجباته.
أما فرج فإن جهات خارجية اختارته، وليس شعبه أو مؤسساته، وإن هذا الاختيار جاء لخدمة تلك الجهات بناء على ولائه لها، وليس بناء على كفاءته.
والفرق كذلك بينهما، أن ازينكوت سيذكره "شعبه"، وقد يذكره التاريخ كضابط دافع عن مصالح "شعبه" و"دولته" حتى النهاية، أما فرج فسيتجاهله التاريخ، وسيذكره شعبه على أنه لم يكن مخلصاً له ولأهدافه..
أيضاً.. أن الشعب الفلسطيني سيحاكم ماجد فرج عاجلاً أم آجلا

بقلم: رأفت مرة.

من نفس القسم دولي