الوطن

بن فليس: الدستور واجهة ديمقراطية لنظام غير ديمقراطي

انتقد خيار السلطة في تمريره عبر برلمان فاقد للشرعية



أكد رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، أن الدستور أصبح مجرد واجهة ديمقراطية لنظام غير ديمقراطي، بعد أن أنجز من طرف سلطة غير شرعية وسيقدم للموافقة عليه من طرف مؤسسة برلمانية تنقصها الشرعية. كما انتقد رئيس حزب طلائع الحريات مبادرة مشروع تعديل الدستور التي "لم تهدف إلى معالجة مشاكل البلد"، مؤكدا أنه دعي مرتين إلى المشاركة في المشاورات المتعلقة بتعديل الدستور، إلا أنه "رفض الدعوة"، وأشار إلى أن الأمانة الوطنية للحزب قامت بتحليل دقيق لكل أبعاد تعديل الدستور، وقد قدمت بشأنه تقريرا مفصلا سمي بـ"الكتاب الأبيض" سيتم توزيعه على المواطنين ووسائل الإعلام قريبا.
وقال علي بن فليس، في خطاب له بمناسبة اللقاء الجهوي للحزب ببني تام وبالبليدة، أمس، أن البلاد في وضعية ما كان له أن يكون عليها، لو أن إرادة سياسية قوية فرضت نفسها، في الوقت المناسب، لوضع حد للتجاوزات السياسية والإدارية التي أخلت بالفعل الاقتصادي، ولمنح المشاريع العمومية بطريقة زبائنية دون احترام قوانين الصفقات، وتهريب رؤوس الأموال، والتهرب الجبائي، وتضخيم فواتير التجارة الخارجية، والانتشار الواسع للرشوة والمعاملات التجارية غير الشرعية في الصفقات العمومية خاصة مع الدول الأجنبية.
كما تطرق بن فليس، في خطابه المطول، إلى ملف تعديل الدستور، حيث قال أن هذه المبادرة هي مجرد غربال لن يحجب الشمس؛ هذه المبادرة ليست الشجرة التي لن تخفي الغابة؛ هذه المبادرة هي حق يراد به باطل، قائلا: "أرفض أن أكون شاهد زور، أو أشترك في استعمال المزور، أو أقوم بجريمة الشهادة المُغلطة ضد وطني، ماذا أريد أن أقول من خلال هذا؟ علي واجب الشرح وتبرير الموقف أمامكم، لم أرغب في أن أكون شاهد زور، لأني لو شاركت في تلك المشاورات لتركت الانطباع بأن مبادرة تعديل الدستور هي مبادرة شرعية وبأنها تصدر عن سلطة مخولة، بينما هي ليست كذلك. لا أستطيع أن أنسى بأنه من المؤكد القدرة على فرض خيارات معينة من خلال التزوير، لكن هذا التزوير ينزع عن المستفيد منه كل شرعية، ويسقط عنه كل مصداقية أو سلطة ويحرمه بصفة قطعية من ثقة الشعب السيد الذي صودر اختياره الحر".
بالمقابل، قال المترشح السابق للرئاسيات أن النظام السياسي لا يتصور الدستور كدستور الدولة الجمهورية، بل كدستوره الخاص، يستعمله كيفما أراد وله الصلاحيات لتكييفه حسب أهوائه كيفما أراد وكلما أراد. وأنه أصبح مجرد واجهة ديمقراطية لنظام غير ديمقراطي، قائلا: "هكذا، وانطلاقا من قناعته بأن لا فائدة من الدستور إلا إذا كان يخدم مصالحه الخاصة وليس مصالح البلد بأكمله، لم يتوقف النظام السياسي القائم من خلال تعديلات الدستور التي بادر بها خلال السبع عشرة سنة الأخيرة عن تكييف الدستور حسب أهدافه وليس حسب الاحتياجات الموضوعية للبلد".
وفي هذا الإطار، أكد أن مشروع تعديل الدستور يحتوي على حوالي مائة تعديل لكنها لا تمس لا من قريب ولا من بعيد بطبيعة النظام الأحادي والشمولي القائم، ولا بالسلطة الفردية التي تزداد دعما أكثر مما مضى، مشيرا أن مبادرة تعديل الدستور هذه التي ادعت أنها توافقية هي، في الحقيقة، تفرق أكثر مما تجمع، ويكفي العودة إلى ردود الفعل القلقة أو الرافضة التي عبر عنها أصحابها، لنقتنع بأنها أحدثت تمزقات في صفوف المجتمع أكثر مما ربطت بينها. لم يحدث في السابق أبدا أن ظهر دستور الجمهورية أكثر قابلية للنزاع ومتنازع عليه كهذا. وأنه أنجز من طرف سلطة غير شرعية وسيقدم للموافقة عليه من طرف مؤسسة برلمانية تنقصها الشرعية.
ورافع رئيس حزب طلائع الحريات من أجل "العصرنة السياسية" في بناء بلد "قوي ومساير للتطورات" الحاصلة على المستوى العالمي ويضمن "التوزيع العادل للثروة"، ودعا إلى إحلال "نظام سياسي عصري يحترم اختيار الشعب  ويضمن قضاء مستقلا وإدارة عمومية حيادية ودستورا يحترم بدقة ويخلق اقتصادا منتجا ومتطورا". وأضاف أن المجتمع الجزائري "لن يستعيد حيويته وتجانسه إلا من خلال نظام ديمقراطي يعيد معنى للمواطنة بكل أبعادها".
 وفي الشق الاقتصادي، أرجع بن فليس أسباب الأزمة الاقتصادية "المدمرة" التي تعيشها الجزائر إلى "غياب رؤية مستقبلية بعيدة النظرة وعدم اغتنام فترة البحبوحة المالية التي كانت تعيشها الجزائر لبناء اقتصاد وطني متنوع لا يعتمد بصفة شبه كلية على مداخيل المحروقات".


أمال. ط

من نفس القسم الوطن