الوطن

نقاشات وتصريحات تعيد الجزائريين إلى المربع الأول

بعد تصريحات الجنرالات وعباسي مدني وردة الفعل منهم



أعادت شهادة عباسي مدني اعتبار إدانة العنف من السجن في فترة سجنه شرطا سياسيا مدى تورط الإنقاذ في ما حدث في فترة الأزمة، ورغم أن تصريحات نزار الأخيرة تحمل فيها مسؤولية ما اتخذه من قرارات، إلا أن إصرار قيادات الإنقاذ على تبرئة أنفسهم مما حدث رغم أن الفتاوى الشرعية وحضور قيادات منهم ومبايعتهم لأمراء الجماعات المسلحة ساعتها، كلها شواهد تاريخية لا يمكنها أن تمحى بمجرد تصريح في فترة زمنية أخرى.
كلام الشيخ عباسي مدني وما صاحبه من ردود فعل سواء من تيارات كانت داخل الإنقاذ واتجهت إلى الخيار المسلح عبر محاولة احتواء الجماعة الإسلامية المسلحة، وهي أحداث أيضا موثقة ولها شهود، كل هذا النقاش يفرض على قيادات الإنقاذ مراجعة أنفسهم ومنهجهم السياسي، ويفرض أيضا على القوى السياسية التي تتعامل معهم بأهمية رفض العنف كبديهية في العمل السياسي، لا اعتباره شرطا سلطويا لممارسة السياسة في بلادنا.
لقد أثبتت التجارب أن انتهاج أسلوب العنف في التغيير من داخل الدولةلا يمكنه أن يكون بديلا ولا خيارا بقدر ما هو انتحار من صاحبه وتدمير لمقدرات الأمة والمجتمع، وتمكين للاستخبارات العالمية من التحكم والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهذا مهما كان استبداد الأنظمة وظلمها وتجاوزاتها.
إن الواقع الجزائري يطرح وجود أزمة تمثيل سياسي أكثر منه ارتباطا بأشخاص وكيانات في مرحلة تاريخية معينة، وخاصة أن الشعب بعدها خرج في استحقاقات متتالية وعبر عن صوته، رغم علمه بمسار التزوير والتلاعب بصوته، ولكنه كان أذكى من القوى السياسية لأنه اختار استمرار الدولة على حساب الصراعات الحزبية والشخصية، وهو يعلم أيضا أن الاستقرار يأتي ومعه تبعات وضريبة دفعها من دمه وحرياته وحتى اختياراته في فترات سابقة.
استمرار النقاش الإعلامي عبر المنابر الإعلامية المختلفة حول ما حدث في بداية التسعينيات، لا يجب أن يعيدنا إلى المربع الأول، بقدر ما يفرض على الجميع الاستفادة من الدروس وعدم استنساخ أخطاء الماضي في جوانب عدة، أولها عدم الاستمرار في نهج الوصاية على الشعب، والتقليل من وعيه ومصادرة اختياراته، لأن مثل هذا التوجه هو الذي أنتج حكومة في 2016 غير قادرة على التنبؤ لمدة شهر، فما بالك بعقود من الزمن وهو الذي أنتج مؤسسات لا تمارس واجباتها في الرقابة، ما جعل الفساد يتغول في البلاد وفي مختلف المؤسسات ومفاصل الدولة، حتى يخيل إلى المراقبين أننا شعب فاسد وليس هذا صحيح.
كما أن اللعب "بورقة الغول" والبعبع كانت نتائجها كارثية على المجتمع والدولة، والعودة باستعمال هذه الورقة اليوم من خلال التخويف بعدم الاستقرار أو إعادة ظاهرة الفيس بكل أخطائها من جديد، أو محاول تدجين الجميع، كلها ممارسات العودة إلى الصفر التي لا يقبل العقلاء بعودتها مهما كانت التضحيات هذه المرة، وخاصة ونحن في مرحلة إعادة صياغة القوانين المتكيفة مع مشروع تعديل الدستور القادم


خالد. ش

من نفس القسم الوطن