الوطن

عودة الجزائر إلى الاستدانة تربك الخبراء الاقتصاديين

الترويج للإتفاق الصيني دون الحديث عن شروطه وتفاصيله




تعكف الحكومة هذه الفترة على دارسة إمكانية لجوئها لطلب قرض من الصين من أجل تمويل المشاريع المعطلة، وهي النية التي أبداها مسؤولون في الحكومة منذ فترة وأكدتها تصريحات سفير الصين بالجزائر، هذه الخطوة وإن تحققت ستنسف كل تصريحات وتطمينات الوزير الأول السابقة الذي نفى في العديد من المرات إمكانية اللجوء إلى الاستدانة في الوقت الحالي، كما ستكون لها عواقب وخيمة على الاقتصاد الوطني رغم أن القرض الذي تنوي الجزائر طلبه من الصين ليس بنفس تلك الشروط والظروف التي سبق وفرضت على الجزائر عند اقتراضها من صندوق النقد الدولي.
أجبرت الوضعية الاقتصادية بالجزائر مع استمرار انهيار أسعار النفط لما دون الـ 30 دولارا وتآكل احتياطي الصرف على البدء في التفكير في الاستدانة الخارجية كخطوة مبكرة قد تمنح للمسؤولين الجزائريين هامشا من الوقت من جهة وكذا وضعية أكثر أريحية في التفاوض أحسن من اللجوء إلى هذه الخطوة عند نفاد احتياطي الصرف، ما يجعل المفاوضين الجزائريين في مأزق والطرف الآخر في موضع قوة كما حدث مع الأفامي بعد أزمة 1986، وهو التفسير الوحيد المقبول منطقيا لحديث مسؤولين في الحكومة منذ فترة عن نية الجزائر طلب قرض من الصين، حيث سبق لوزير التجارة بختي بلعايب أن أكد أن الجزائر طلبت الاقتراض من الصين لتمويل بعض المشاريع الكبرى، مؤكدا أن المفاوضات جارية مع الطرف الصيني دون تحديد قيمة القرض. وحاول بلعايب عند تصريحه هذا التقليل من تبعات الخطوة بقوله "إن الإجراء يتعلق بأمر استثنائي تنوي الجزائر القيام به نظرا لنسب الفوائد الضعيفة المطبقة من طرف الصين ونوعية العلاقات بين البلدين"، واصفا إياه بالإجراء الاقتصادي العادي الذي تلجأ إليه كافة الدول. وأوضح الوزير أن طلب قرض من هذه الدولة أفضل من الاقتراض من صندوق النقد الدولي من حيث الضمانات والتسهيلات والشروط، وهي الرؤية التي دعمها رئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد الذي استغرب في تصريحات له من التعليقات السلبية التي صاحبت هذا القرار الاقتصادي، مطالبا بالتمييز بين القرض الاقتصادي والاستدانة واصفا الصين بالممول الجيد للمشاريع خلال المرحلة المقبلة.
تصريحات بلعايب وحداد هذه رغم أنها لم تؤكد من طرف المسؤول الأول على الحكومة عبد المالك سلال إلا أنها جاءت لتنسف كل الخرجات السابقة للمسؤولين الذين نفوا إمكانية اللجوء إلى الاستدانة في الوقت الحالي. ويبدو أن الحكومة قررت التوجه للشريك الصيني من أجل الاستدانة لتمويل بعض المشاريع خصوصا المشاريع السكنية التي استحوذ الصينيون على معظم صفقات إنجازها، كخطوة أولى تحافظ بها على التوازنات المالية، بعد انحصار المداخيل إلى حدود النصف على خلفية تراجع أسعار البترول، ويؤكد العديد من الخبراء الاقتصاديين أن اختيار الجزائر للصين تحديدا جاء من منطلق العلاقات الثنائية المتينة التي تجمع بين البلدين حيث يعد الصين الشريك الاقتصادي رقم واحد بالنسبة للجزائر من جهة، إضافة إلى أن الشروط التي قد تفرضها الصين على عملية منحها قروض للجزائر ستكون مخففة مقارنة بالأفامي وفرنسا وأمريكا وهو ما أكده سفير الصين بالجزائر عندما أبدى استعداد بلاده لمساعدة الجزائر بملايير الدولارات من أجل تجاوز أزمتها المالية، لكن بالمقابل يؤكد الخبراء أن الاستدانة تبقى استدانة بكل ما يحمله هذا المصطلح من سلبيات وعواقب وخيمة على الاقتصاد حتى وإن حاولت الحكومة تسمية العملية قرضا اقتصاديا.
س. زموش

من نفس القسم الوطن