الوطن

هل ستلجأ الحكومة لاحتياطي الذهب منعا لانهيار اقتصادي ؟

في ظل بقاء المؤشرات الاقتصادية متدهورة



لم تتمكن الحكومة بعد مرور سنتين على الأزمة المالية التي تعرفها الجزائر من إيجاد مخرج للاقتصاد الوطني الذي يوجد في عنق الزجاجة بعد تهاوي أسعار النفط لمستويات متدنية، مع تأكيد توقعات الخبراء والتقارير الدولية على أن الأيام المقبلة ستحمل المزيد من الصدمات لدرجة أن الجزائر ستبيع البترول بالخسارة، ما يزيد من رعب الحكومة التي قد تواجه أسوء السيناريوهات باللجوء إلى احتياطي الذهب الذي يعد صمام أمان للعديد من البلدان وضمانا يمكن الاعتماد عليه في الظروف الاستثنائية والأزمات الطارئة، فهل ستدفع السياسة الاقتصادية الخاطئة الحكومة لبيع أجزاء من احتياطي الذهب منعا لانهيار اقتصادي واجتماعي بالجزائر وتكرار سيناريو أزمة 86؟؟
"حلول ظرفية ترقيعية في غياب رؤية واضحة ومخططات مدروسة"..
هما مصطلحان يلخصان وضعية الاقتصاد الوطني هذه الفترة وهو الذي لا يزال يعيش صدمة انخفاض أسعار النفط التي تهاوت الأيام الماضية منبهة لمزيد من الانخفاض بعد رفع العقوبات الأوروبية على إيران حيث تشير التوقعات لوصول برميل النفط لـ10 دولار ما يعني انخفاضه مرتين عن تكلفة الاستخراج في آبار البترول الجزائرية، كل هذا يحدث في وقت لم تجد فيه الحكومة الحلول الكافية والناجعة لتجاوز هذه الوضعية خاصة وأن النسيج الصناعي يبقى متواضعا، كما يبقى قطاع الفلاحة لا يغطي كل الاحتياجات الوطنية بالإضافة إلى بقاء نسب الاستيراد في مستويات مرتفعة رغم الإجراءات الأخيرة، ليبقى المخرج الوحيد هو استنزاف احتياطي الصرف الذي تآكل بـ60 مليار دولار في غضون ثلاثة أشهر، وهو ما كشف عنه تقرير محافظ بنك الجزائر محمد لكساصي بخصوص التسعة أشهر الأولى من سنة 2015. بالمقابل تكشف تقارير رسمية لبنك الجزائر أن الاحتياطي الجزائري من الذهب يقدر بأكثر من 182 مليار دينار، حيث تصنف الجزائر في المرتبة الـ25 عالميا والثالثة عربيا بأكثر من 173 طن من المعدن النفيس، إلا أن هذا الرقم لا يعد معيارا لتقدير مقاومة الاقتصاد الوطني في مواجهة الصدمات الخارجية، بالنظر إلى تذبذب أسعار هذا المعدن في البورصات العالمية، وتغيّر قيمته جراء المعطيات الاقتصادية، وهو ما سبق وأكده محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي في تصريحات سابقة حيث قال إنه من بين الاحتياطات الرسمية للجزائر فإن احتياطي الصرف (العملة الصعبة) هو الوحيد الذي يستخدمه بنك الجزائر كمعيار لتقدير الوضع الخارجي للجزائر كون احتياطي الذهب معرض لعدم الاستقرار بسبب تذبذب أسعار هذا المعدن في حالة ما إذا اعتبر كعامل مقاومة اقتصاد البلاد أمام الصدمات والأزمات الخارجية، وأوضح محافظ بنك الجزائر "أنه في حالة الجزائر فإن بنك الجزائر يقيّم الذهب بالسعر التاريخي وعندما نتحدث عن مقاومة الاقتصاد مقارنة بالخارج فإننا نأخذ معيار الاحتياطات الرسمية للصرف دون احتساب الذهب".
وأكد قائلا "إذا احتسبنا الذهب قد يحصل تذبذب في الاحتياطات الخارجية نتيجة تذبذب أسعار الذهب".. تصريحات لكصاسي هذه تكشف أن الذهب يبقى صمام أمان وضمانا يمكن الاعتماد عليه في الظروف الاستثنائية والأزمات الطارئة فقط، خاصة وأن هذا الاحتياطي لم يطرأ عليه تغير كبير خلال العشرين سنة الماضية، بل بالعكس فالجزائر استفادت على غرار عدد من البلدان من تحسن أسعار الذهب خلال السنوات الماضية.
بالمقابل وبحسب توقعات الخبراء الاقتصاديين فإن خيار اللجوء لاحتياطات الجزائر من الذهب أمر مطروح كآخر الحلول وأسوء السيناريوهات خاصة في ظل الظروف الحالية المشابهة لأزمة سنة 1986 أين تم استخدام المخزون الجزائري من الذهب في ضمان تغطية التزامات مالية خارجية في ظل الأزمة التي عرفتها الجزائر في تلك السنوات، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول إمكانية القيام بذلك مجددا في حال السيناريو الأسوأ، أي تواصل مستويات أسعار البترول في التدني أمام محدودية فعالية الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، وهو ما جعل احتياطي الصرف خارج الذهب والمقدر بحوالي 150 مليار يتأثر بصورة كبيرة، ويجعل هامش الحلول لدى الجزائر في غضون السنة المقبلة جد ضيقة خاصة مع توقعات نفاد هذا الاحتياطي في غضون 10 أشهر في حال تواصل الوضع على ذات المنحى ما يعني بالضرورة أن اللجوء إلى هامش المخزون الذهبي الذي لن يوظف إلا في حالات الطوارئ القصوى والاستثنائية أمر مطروح كآخر الحلول أمام الحكومة


س. زموش

من نفس القسم الوطن