الوطن

اتهامات بـ "التقصير" تطال الحكومة بسبب ملف اللاجئين الأفارقة

رغم تخصيص ميزانية ضخمة للتكفل بهم وتأطيرهم في مراكز الإيواء

 



عاودت أعداد من الرعايا الأفارقة غزو شوارع المدن الكبرى للجزائر فالمتجول في العاصمة هذه الأيام يلاحظ عودة هؤلاء اللاجئين لممارسة التسول، متخذين من الزوايا والأماكن التي تكثر فيها حركة المواطنين ملجأ لهم، في حين تؤكد تقارير لمنظمات حقوق الإنسان عن ظروف صعبة يعيشونها هؤلاء خاصة أولئك الذين يتم استغلالهم من طرف أرباب عمل ومقاولين وأصحاب مشاريع بأجور زهيدة ودون تصريح لدى مصالح الضمان الاجتماعي.
وعلى الرغم من أن أعداهم قليلة مقارنة بالمرات السابقة إلا أن ظروفهم الصعبة استوجبت التوقف عندهم فأغلبهم يفترشون الأرض رفقة أبنائهم الصغار والذين يكونون في الغالب من الرضع، ما يعرض حياتهم للخطر كما أن أغلبهم يعانون من سوء تغذية وانعدام للمتابعة الصحية. وقد قدرت جهات غير رسمية متابعة لملف الهجرة غير الشرعية عدد المهاجرين الأفارقة الذين تسللوا إلى الجزائر من ولايات الجنوب الحدودية مع دولتي مالي والنيجر بـ 50 ألف مهاجر، منهم 6 آلاف طفل، مشيرين إلى أن الجزائر تمكنت من إعادة نحو 1700 مهاجر إلى بلدانهم السنتين الماضيتين ولا سيما النيجر. وعن الواقع المأساوي والكارثي الذي يعيشه المهاجرون الأفارقة تكشف منظمات حقوق الإنسان في الجزائر عن معاناة حقيقية لهؤلاء اللاجئين نظرا لأن أغلب العائلات تعيش بالتسول، في حين أن السلطات الوصية عجزت عن توفير ملاجئ لائقة فأغلب الملاجئ الموجودة لا تتوفر على أدنى شروط الحياة ما جعل الأفارقة مبعثرين، ومصدرا للاستغلال والجريمة والتسول والأمراض.
وتطالب الجمعيات والمنظمات الحقوقية في الجزائر المواطنين والمسؤولين بتحقيق المساواة ومحاربة التمييز الممارس في حقّهم كالمُطاردات والترحيل الإجباري الجماعي الذي لا يتماشى وحقوق الإنسان، إضافة إلى اتخاذ الاحتياطيات اللازمة لمنع ظاهرة التهريب والمتاجرة بالبشر في حدود الجنوب الجزائري. مؤكدين بأن التوعية بمخاطر الظاهرة لا تكون بتقنين القوانين الرادعة التي تزيد الطين بلة، لأن من غامر بنفسه ورمى بها في رحلة للموت في قلب الصحراء باحثا عن الحياة أو الهروب من الحروب لا تردعه أبدا ببرنامج وقوانين، كما تطالب المنظمات الحقوقية بتوفير مقرات تتوفر على الشروط الضرورية واللائقة وضمان التكفل الغذائي وضرورة المتابعة الصحية وتوفير التعليم المدرسي لأطفالهم وحمايتهم من الاستغلال والاستعباد ومتابعة الشبكات الإجرامية التي تدفعهم إلى التسول من أجل كسب المال على حساب كرامتهم وحمايتهم من الاعتداءات والتحرش الجنسي.
من جانب آخر تتهم المنظمات الحقوقية السلطات الجزائرية بالفشل في التعامل مع هذا الملف بحكمة، في حين يؤكد المسؤولون عن ملف اللاجئين الأفارقة أن الجزائر "تتعامل مع هذه الملف الحساس بكل إنسانية" في إطار خارطة طريق تم الإعداد لها من أجل التكفل الأحسن بهذه الفئة من خلال توفير مقرات لجمعهم وضمان التكفل الغذائي والصحي لهم، بمساهمة كل القطاعات المعنية من منطلق تعليمات وجهت من الحكومة للتعامل مع اللاجئين مهما كانت جنسياتهم بإنسانية وتلبية كامل احتياجاتهم من أكل وشرب وأمن، وبطبيعة الحال الجانب الصحي في ظل انتشار بعض الأمراض ويؤكد مسؤولو الهلال الأحمر الجزائري أن أي تقصير في التكفل بهؤلاء اللاجئين يتحمل مسؤوليته اللاجئون أنفسهم كون أغلبهم يرفضون البقاء في مراكز الإيواء ويفضلون التسول على التكفل الذي تقدمه لهم الدولة كما يرفض أغلبهم تعليم أبنائهم ويرفضون حتى عملية تلقيح أطفالهم.
وسبق أن كشف المستشار الإعلامي بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، سليم بلقسام، بأن مصالح الوزارة تتلقى عدة صعوبات في عملية تلقيح الأطفال المهاجرين القادمين من البلدان الإفريقية المجاورة، حيث أن الكثير من أوليائهم يرفضون هذا التلقيح، مبرزا أن الإجراء يقتصر في هذه الحالة على التحسيس بفائدة هذا الإجراء الصحي.
ورغم أن الوصاية أخذت على عاتقها مسألة وضع مخطط صحي يشمل جميع المهاجرين القادمين من دول الساحل، وذلك لتفادي انتشار أي أمراض أو أوبئة مستوردة إلا أن الأمر يبقى مرتبطا بمسألة قبول هؤلاء الخضوع لهذا الإجراء والذي يرفضه الكثيرون.
س. ز
 

من نفس القسم الوطن