الوطن

خبراء: أرقام لكصاسي الأخيرة بينت أن تدابير الحكومة لحماية الاقتصاد "فارغة"!!

تدهور كبير للمؤشرات الاقتصادية في ظرف زمني وجيز


•    رزيق: احتياطي الصرف سيعرف مزيدا من التآكل!!
•    سراي: احتياطات الصرف لم تكن يوما مؤشرا على قوة الاقتصاد وهو ما أخطأ فيه مسؤولونا!!

حذر خبراء اقتصاديون من أن تقرير بنك الجزائر للتسعة أشهر الأولى من سنة 2015 يعد مؤشرا واضحا على تعرض الاقتصاد الوطني لصدمة كبيرة، خاصة وأن الأرقام التي قدمها لكصاسي بينت تدهورا كبيرا للمؤشرات الاقتصادية في ظرف زمني وجيز، ما يعني قلة فعالية الإجراءات التي اتخذتها الحكومة طيلة سنة 2015 لمواجهة تدهور أسعار النفط.

•    أرقام مرعبة تؤكد أن سياسات الحكومة الاقتصادية لا تزال بدون فعالية
وكان محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي قد اعترف في تقريره حول التوجهات المالية والنقدية بتدهور مؤشرات الاقتصاد خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2015، التي تميزت بانهيار احتياطي النقد الأجنبي إلى 152.7 مليار دولار، وتآكل أموال صندوق ضبط الإيرادات في ظرف 3 أشهر فقط بـ607.7 مليار دينار في وقت بلغ التضخم مستوى عاليا عادل 5.3 بالمائة إلى غاية سبتمبر2015، وبينت الصورة السوداوية التي تحدث بها لكساصي حجم خطورة الوضع المالي للجزائر بسبب الصدمة النفطية وتآكل الموارد والمداخيل بنسبة 40 بالمائة في ظرف 9 أشهر، وقال لكصاسي إن احتياطي الصرف بلغ نهاية شهر سبتمبر الماضي 152.7 مليار دولار مقارنة مع 159.03 مليار دولار شهر جوان الماضي، أي إنه تم إنفاق 6.33 مليار دولار في ظرف 3 أشهر، في حين أكد أن هذه الاحتياطات تراجعت بـ32.57 مليار دولار في ظرف سنة، كما بلغ عجز ميزان المدفوعات 20.8 مليار دولار إلى غاية نهاية سبتمبر وعادل التضخم 5.3 بالمائة، وهو المؤشر الذي وصفه بالمنخفض بفعل انهيار أسعار المواد الأساسية في البورصة العالمية.
وبالنسبة إلى العجز في الميزان التجاري، أوضح لكصاسي أنه بلغ 12.82 مليار دولار مقارنة مع 2.93 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى لسنة 2014، كما انخفض سعر صرف الدينار بـ19.57 بالمائة مقابل الدولار الأمريكي و2.16 بالمائة مقارنة مع الأورو، وبلغت السيولة الإجمالية بالبنوك 1828 مليار دينار مقارنة مع 2730.88 مليار دينار نهاية ديسمبر 2014 وهو ما أرجعه محافظ بنك الجزائر إلى تراجع مداخيل المحروقات. وحسب لكصاسي، تدهورت بشكل كبير الحصيلة المالية لصندوق ضبط الإيرادات لتحقق عجز عادل 1653.6 مليار دينار، مقابل 1157.5 مليار دينار نهاية جوان 2015، ومقابل أيضا 789.6 مليار دينار خلال الأشهر التسعة الأولى لسنة 2014، وحسب تقرير لكصاسي، فإن مخزون المدخرات المالية انخفض إلى 2913.3 مليار دينار نهاية سبتمبر مقارنة مع 3521 مليار دينار خلال شهر جوان 2015 أي بـ607.7 مليار دينار، حيث انخفضت مدخرات الخزينة بـ40.4 بالمائة في ظرف سنة واحدة حينما كان صندوق ضبط الإيرادات ينام على 4488 مليار دينار.
الأرقام التي قدمها لكصاسي بينت عدم فعالية الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة انخفاض أسعار النفط حيث لم تسمح إجراءات تقليص من فاتورة الاستيراد وكذا تشجيع المؤسسات الصناعية وقطاعات السياحة الفلاحة والاستثمار من جلب الثروة ليتواصل نزيف خزينة الدولة واحتياطي الصرف، في انتظار تقرير آخر الأشهر المقبلة يبين إن نجحت الحكومة في تحقيق الاستقرار للتوازنات المالية للبلاد من خلال تطبيق قانون المالية لهذه السنة أو أنه يعد لا شيء أمام تفاقم الأزمة ومواصلة انهيار أسعار النفط مع توقعات بوصول أسعار لتكلفة الإنتاج.

•    كمال رزيق: احتياطي الصرف سيعرف مزيدا من التآكل كونه المصدر المالي الوحيد مع انهيار أسعار النفط
وفي هذا الصدد أكد خبراء في الاقتصاد أن احتياطي الصرف يبقي الخيار الوحيد أمام الحكومة في ظل الظروف المالية الحالية واستمرار تراجع أسعار النفط، حيث أكد الخبير الاقتصادي والمالي كمال رزيق في تصريحات لـ"الرائد" أن الحكومة مجبرة على الإيفاء بالتزاماتها السياسية والاجتماعية ومواصلة تمويل برامجها، مضيفا أن تآكل احتياطي الصرف كان أمرا متوقعا ولم يشكل صدمة بالنسبة للخبراء الذين أكدوا أن عجز الحكومة على اعتماد حلول على المدى القصير سيكون له آثار وخيمة على الاقتصاد والتوازنات المالية للبلاد، وأضاف رزيق أن الحكومة ليس أمامها إلا اللجوء إلى احتياطي الصرف من أجل الإيفاء بالتزاماتها الاجتماعية وبرامجها المسطرة، ضمانا لاستقرار المواطن، مؤكدا أن الخيارات أمامها قليلة خاصة وأن زيادة الضرائب واعتماد أخرى جديدة كما حدث في قانون المالية لـ2016 ليس بالأمر السهل عل الحكومة والمواطن.
وفي حديثه عن تقرير البنك المركزي الذي عبر عن الوضع المالي غير المريح بتراجع احتياطي الصرف وتآكل أموال صندوق ضبط الإيرادات في ظرف 3 أشهر فقط بـ607.7 مليار دينار، وهو ما يزيد عن 60 ألف مليار سنتيم، أكد رزيق أنه متوقع نظرا لتراجع صادرات الجزائر من جهة، وتمسك الحكومة بسياستها الاجتماعية التي لا ممول لها غير احتياط الصرف، مؤكدا على ضرورة تفعيل الضريبة على الثروة التي بالرغم من أن قانون 1998 يقرّ بها، إلا أنها لا تطبق على رجال الأعمال، وأبرز محدثنا أن الحكومة تلجأ للحل السهل المتمثل في امتصاص احتياط الصرف، لأنها لا تملك البدائل ومداخيل النفط تقلصت بل إنها اقتربت الأيام القليلة الماضية من تكلفة الاستخراج في حد ذاتها. أما عن الحلول، فأكد رزيق أنها لن تكون على المدى القصير، بل ممكن اعتمادها على المدى المتوسط والبعيد الأجل بمشاركة المواطن فيها، مشددا على ضرورة إعادة النظر في السياسة الاجتماعية والدعم أين تستفيد كل الشرائح من دعم غير مباشر، في الوقت الذي يجب أن يكون هناك دعم مباشر للفئات المحرومة دون غيرها، مضيفا أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة فيما يخص التجارة الخارجية من شأنها أن تخفف من العبء قليلا وتحد من تهريب العملة الصعبة للخارج واستنزاف خزينة الدولة، كما أكد رزيق في السياق ذاته على ضرورة مرافقة الحكومة لتطبيق أنجع لهذه الإجراءات، مؤكدا أن الحكومة ليست وحدها مطالبة بإيجاد المخارج بل المواطن يتحمل جزءا من المسؤولية بسبب سلوكه الاستهلاكي التبذيري، وأن تضافر الجهود في سياسة الدعم والسياسة التثقيفية للسلوك الاستهلاكي سيخفف الضغط والعبء على الخزينة العمومية وبالتالي التخفيفي من الأزمة الحالية خاصة أنه وبعد دخول قانون المالية حيز التطبيق بدأت تظهر بعض البوادر الإيجابية فيما يخص السلوك الاستهلاكي للمواطنين.

•    عبد المالك سراي: احتياطات الصرف لم تكن يوما مؤشرا على قوة الاقتصاد وهو الخطأ الذي وقع فيه مسؤولونا
من جهته قال الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي في اتصال هاتفي مع "الرائد" إن أولوية الحكومة ومنذ بداية الأزمة هي الحفاظ على احتياطي الصرف في مستوياته إلا أن المؤشرات والتقارير الأخيرة لمحافظ بنك الجزائر بينت خطورة الوضع واتجاه الاقتصاد الوطني نحو طريق مسدود إن واصلت الحكومة في سياستها الحالية خاصة مع عدم استقرار أسعار النفط وانهيارها المستمر، وهو الخطأ الذي وقعت فيه الحكومة حيث قال سراي إن احتياطات الصرف لم تكن يوما مؤشرا على قوة الاقتصاد عكس التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الجزائريون الذين كانوا يطمئنون المواطن أن الجزائر تملك احتياطي صرف ضخم يمكنه أن يسد حاجياتها لسنوات، غير أن الحقيقية بدأت تظهر بتقارير رسمية وليس توقعات أو حديث خبراء ومحللين اقتصاديين. من جانب آخر قال سراي إن أرقام لكصاسي المرعبة أمر متوقع بسبب هشاشة الاقتصاد الجزائري، وتبعيته بالمحروقات، وكذا بسبب فشل السياسات والبرامج الحكومية التي تفتقد برأيه لمنهجية وخطة واضحة، ولعل أبسط مثال على ذلك تصريحات المسؤولين المتضاربة والتي عادة ما تحمل حلولا سطحية ترقيعية، مضيفا أن الجزائر تحتاج لحلول جذرية تحارب البيروقراطية وتفتح المجال للاستثمار الجالب للثروة، حينها سيستعيد الاقتصاد الوطني عافيته وتعود مستويات احتياطي الصرف لما كانت عليه

س. زموش.

من نفس القسم الوطن