الوطن

المركزية النقابية.. غياب في التمثيل واتهام بالتفريط في مطالب العمال

في ظل ظروف اقتصادية متدهورة وجبهة اجتماعية تعيش الترقب




أعاد الجدل الذي خلقته تصريحات سيدي السعيد الأمين العام للمركزية النقابية وسبه للدين مؤخرا النقاش حول ما حققته المركزية النقابية للطبقة الشغيلة بالفترة الأخيرة، في وقت تعيش فيه الجزائر ظروف اقتصادية متدهورة جعلت الجبهة الاجتماعية في حالة توتر وترقب بعدما دفعت الحكومة العامل الجزائري لقلب الصراع عندما أثقلت كاهله بزيادات في كل شيء مقابل ثبات في الأجور، كل هذا لم يكن مبررا للمركزية النقابية الذي خفت صوتها في السنوات الأخيرة للتحرك، حيث تفضل البقاء بعيدة عن النضال راعية لقرارات السلطة على حساب الطبقة العاملة.
•    سيدي السعيد سكت دهرا ونطق كفرا
لم تكن تصريحات الأمين العام للمركزية النقابية سيدي السعيد حسب الكثيرين صادمة عدا أنه التحق بركب اللاعنين والشاتمين بطريقة استفزازية فاستماتته في الدفاع عن القرض الاستهلاكي وما جاء به كانت متوقعة، على غرار استماتته في الدفاع عن كل القرارات التي تأتي بها الحكومة والرئيس عبد العزيز بوتفليقة حتى وإن كانت قرارات لن تفيد الطبقة الشغيلة في شيء بل بالعكس تعمق من معاناتها.
سيدي السعيد الذي يعتز دائما بوصف الاتحاد العام للعمال الجزائريين بنقابة السلطة قل ظهوره الفترة الأخيرة مع ما تعرفه الجزائر من وضعية اقتصادية صعبة كما لم تتعاط قيادات المركزية النقابية عكس باقي النقابات وطبقات المجتمع الجزائري مع ما حمله قانون المالية 2016 تاركة الطبقة الشغيلة في الجزائر تتخبط في الزيادات التي أقرها القانون وتبعياته خاصة فيما تعلق بتسريح العمال وخوصصة الشركات العمومية وبقي سيدي السعيد ومناضلوه بعيدين عن المشهد الإعلامي، دون أن يدافعوا عن العامل البسيط الذي وجد نفسه ضحية سياسة التقشف التي انتهجتها الحكومة لمجابهة انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية.
•    السلطة تستعمل نقابة "السعيد" للضغط على النقابات المستقلة
من جانب آخر رسّخت التصريحات المثيرة للأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، القديمة منها والجديدة الاعتقاد الشائع عن المركزية النقابية، بأنها أداة من أدوات السلطة قبل أن تكون هيئة في خدمة العمال، وهو الذي دفع الآلاف من العمال وعلى مدار السنوات الماضية لهجرة المركزية النقابية نحو النقابات المستقلة بسبب سياسة الإقصاء التي يمارسها سيدي السعيد، ما جعل أغلب القطاعات تملك نقابة رسمية لدى السلطة ممثلة في أتباع سيدي السعيد ونقابة موازية ممثلة في النقابات المستقلة، التي امتصت غضب مطالب الطبقة الاجتماعية طيلة عقود، ورغم أن هذه الأخيرة أصبحت أكثر تمثيلا من سابقتها إلا أن معايير التصنيف في هذه الحالة بالنسبة للسلطة لا يكون حجم التمثيل وإنما ما قدمته كل نقابة من تنازلات وليس ما حققته لصالح العمال.
ورغم أن الحكومة تركت المجال مفتوحا لبروز العشرات من النقابات المستقلة خلال الأعوام الأخيرة، أغلبها نقابات معتمدة إلا أنها احتفظت لنفسها بورقة ضغط ممثلة في نقابة سيدي السعيد التي تشهرها في كل مرة لإخماد نيران الطبقات العمالية سواء من خلال التضييق على النقابات المستقلة أو من خلال إقصائها من النقاشات، منها نقاشات الثلاثية كل سنة لتتحول مهمة المركزية في كثير من الأحيان لتكسير شوكة الخروج للشارع بدل أن تكون هي راعية مثل هذه الاحتجاجات.
•    المركزية النقابية لم تدع لاحتجاج واحد منذ 2003
وبذكر الاحتجاجات فإن المركزية النقابية لم تدع منذ 2003 لأي احتجاج أو إضراب عن العمل فحتى الزيادات التي عرفتها أجور العمال منذ هذا التاريخ لم تكن نتيجة ضغط من طرف المركزية وإنما جاءت بقرار سياسي هدفه شراء السلم الاجتماعي ومنذ 2003 تاريخ "إضراب اليومين" الذي نظمته المركزية النقابية تبنى سيدي السعيد المعمر على رأس هذه الهيئة أساليب جديدة في الحوار شعارها المهادنة إن لم نقل الشيتة وهو الذي اعترف في آخر مؤتمر وطني للمركزية أنه سيضرب الشيتة لكل من يرفع أجور العمال" واضعا بذلك مبررا للخيارات المعقولة التي يضعها سيدي السعيد في المطالبة بالحقوق رغم أن هذه الأساليب والخيارات لم تحقق شيئا للعمال سوى إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل والتي كانت بمثابة المهزلة بالإضافة إلى زيادات ضئيلة لا تتعد العشرة بالمائة في أجور المتقاعدين من حين إلى آخر.
ورغم كل هذا الإخفاق فإنه ينتظر من نقابة سيدي السعيد خلال هذه الفترة والمرحلة المقبلة التي ستتميز بمزيد من التوترات الاجتماعية والاقتصادية لعب أدوار أخرى في الساحة الوطنية تتعدى تحقيق مطالب عمالية إلى تكبيل الطبقة الشغيلة وتضييق الخناق عليها أكثر تحقيقا لمصالح السلطة.
س. زموش

من نفس القسم الوطن