الوطن

نقاشات تاريخية بخلفية الحاضر

تواصل الردود والتراشق بين القيادات العسكرية السابقة




أثرت تصريحات اللواء المتقاعد خالد نزار ردود فعل لدى كثير من الأوساط ولعل أبرزها كانت ردة فعل الجنرال محمد بتشين مستشار الرئيس السابق لامين زروال والذي ذهب فيها لحد الرد بل مناقضة تصريحات نزار بخصوص المرحوم آيت أحمد من جهة وحتى مهمته في الإشراف على مديرية الأمن سابقا، وأنه لم يكن يتلقى الأوامر منه وأنه كان تحت إشراف الرئيس السباق المرحوم الشاذلي بن جديد، كما جاءت التصريحات التي من المتوقع أن تثير أيضا قيادات وعائلة المرحوم آيت أحمد من جهة وتعيد النقاش حول الموقف المتخذ في توقيف المسار الانتخابي وما ترتب عنه من أزمات.
المراقبون يتابعون هذه التصريحات على وقع ما يحدث الآن في السلطة ولا يمكن أن تكون مجرد أحاديث عن التاريخ أو ما سماه نزار راحة الضمير فمجموعة الجانفيريست أو من قاموا باتخاذ موقف توقيف المسار الانتخابي يحاولون في هذه المرحلة العودة من جديد خاصة بعد أن وجدوا أنفسهم كقيادات خارج دائرة صناعة القرار وهم من يعتقدون أنهم الأقدر والأحرص على المصلحة العليا للبلاد، في حين استطاع الرئيس بوتفليقة الذي استنجدوا به مرتين الأولى لم يلب طلبهم وفي الثانية تمكن من تجاوزهم جميعا واستطاع أن يستعمل التناقضات الموجودة بينهم وقلل من نفوذهم بعد كل مرحلة وسحب منهم كل أوراق القوة بما فيها نفوذهم داخل الجيش واستبدلهم بفريق آخر قاده الفريق قايد صالح الذي يتمتع الآن بقوة حقيقية رغم التقدم في السن.
تصريحات نزار فيها رائحة أنه لم يقم باي عمل دون استشارة باقي القيادات ولعل إصرار البعض على اقتراح منصب الرئاسة على آيت أحمد فيه رد ورفض بعض الجهات المناطقية على اسم من المنطقة قد يكون يرتب له لرئاسة الجمهورية من جديد أو ربما بدرجة أقل إشارة واضحة لعزل أي كاريزما متبقية لنزار داخل الجيش في الحاضر.
لا يبدو أن مسلسل التصريحات والتراشق الإعلامي سيتوقف قريبا فمن المتوقع أن يتحدث الجنرال تواتي وهو من هو في فترة التسعينيات وحتى بداية الألفية ولازال يحتفظ ويروج لورقة أويحيى لرئاسة الجمهورية رغم كل الأحداث التي وقعت والخريطة السياسية الجديدة التي صنعها بوتفليقة سواء في الجيش أو حتى في المؤسسات الأمنية التي لها الدور الأساس في صناعة الرئيس القادم في ظل غياب وعدم نضج المعارضة وبقائها خارج مجال التغطية الحقيقية.
الجزائريون وبعد مرحلة سجن الجنرالات سيشهدون تناطح الجنرالات والكل يرغب في إراحة الضمير بالنسية إليه وتصفية حسابات تاريخية أتيحت فرصتها في هذه المرحلة التي لا تعرف أي طابوهات كما كانت البلاد من قلب بل إن التنافس والصراع من أجل التحكم في خارطة المستقبل تفرض لعب جميع الأوراق في مجتمع متحول وأمام رأي عام ضاغط متعطش للمعلومة التي حرم منها ا من الزمن وقد شكلت طريقة محاورة اللواء خالد نزار من الصحافيين محاكمة إعلامية لم يستطع التهرب منها رغم محاولاته المتكررة في فرض شخصيته العسكرية التي لا تقبل النقاش ولا الرفض.
من المفيد أن تاريخ الخلافات بين القيادات العسكرية المتقاعدة لم يتمكن أن يؤثر على المؤسسة العسكرية بشكل مباشر ولا إلهائها عن أدوارها الدستورية وهو ما يطمئن المراقبين في عدم تجاوز الخلافات إلى أي مستوى يمكن التأثير على الاستقرار لما يمثله من خط أحمر للقيادات قبل غيرهم، وكذلك علو منسوب الوطنية وحب الوطن على كل النزعات الشخصية، وهو ما يطرح على المحك مرة أخرى في وضع صعب تعيشه البلاد اقتصاديا وسياسيا وأمنيا وحتى استراتيجيا

سليمان شنين.

من نفس القسم الوطن