الوطن

التجار يتوعدون برفض القرار وأزمة تلوّح في الأفق

بعد قرار الحكومة الرامي لإزالة "إمبراطورية السمار"




تلوح في الأفق هذه الأيام أزمة تموين وندرة في المواد الغذائية إن صح فعلا قرار الوزير الأول الذي جاء على لسان الأمين العام لاتحاد التجار والحرفيين صالح صويلح بغلق سوق السمار لتجارة المواد الغذائية، الذي يمول نصف ولايات الوطن وتحويل التجار البالغ عددهم 800 تاجر لسوق جديد مهيأ وفق المعايير اللائقة سيكون مقره إما بالعاصمة أو ولاية بومرداس، وهو الأمر الذي لم يهضمه تجار السمار الذين رفضوا من قبل تحويلهم لبلدية الحراش فما بالك إن تم تحويلهم لولاية أخرى، الأمر الذي يهدد بأزمة حقيقية ستعرفها الأيام المقبلة سيكون فيها المستهلك هو المتضرر الأكبر من الحرب التي ستندلع بين بارونات إمبراطورية السمار وبين الحكومة.
أخذت الحكومة منذ مدة على عاتقها مهمة القضاء على الأسواق الفوضوية في محاولة منها لاستقطاب التجار الغير الشرعيين ضمن تجارة منظمة تحقق لها جباية ضريبية تضاف لخزينة الدولة، وهو ما يفسر القرار الذي يكون قد اتخذه الوزير الأول عبد المالك سلال بغلق سوق الجملة بالسمار للمواد الغذائية وتحويله إلى سوق جديدة مهيأة وفق المعايير المعمارية اللائقة حسب ما أعلن عنه الأمين العام لاتحاد التجر والحرفيين صالح صويلح عقب اجتماع جمعة بالوزير الأول نهاية الأسبوع المنصرم، حيث أكد هذا الأخير أنه تم الاتفاق مع الوزير الأول عبد المالك سلال، على نقل نحو 800 تاجر جملة بمنطقة السمار ببلدية جسر قسنطينة إلى مكان آخر يتم تحديده من قبل والي العاصمة عبد القادر زوخ، مضيفا أن سلال طلب من والي العاصمة ووالي بومرداس تخصيص قطعتين أرضيتين في العاصمة أو بومرداس لإنجاز أكبر سوق للتجارة بالجملة في الوطن، وأن الاتحاد على اتصال دائم مع مصالح وزارة التجارة لإنجاز هذا المشروع الضخم الذي لن يستغرق طويلا لإتمام الأشغال به، حيث من المنتظر أن يحتضن المشروع ألف محل للتجار بالجملة عوض الـ800 المتواجدة في الوقت الحالي على مستوى منطقة السمار، لكن الإشكال الذي يُطرح ليس مكان احتضان المشروع وإنما انعكاسات هذا القرار على عملية التموين بالمواد الغذائية بالعاصمة والولايات المجاورة وكذا انعكاسات غلق سوق السمار على أسعار المواد الغذائية التي تعرف أساسا ارتفاعا غير مبرر لا يتماشى والأسعار المتداولة في السوق العالمية، والمؤكد أن قرار الحكومة هذا من شأنه أن يلاقي رفضا من طرف بارونات المواد الغذائية في السمار الذين باتوا يتحكمون في بطون الجزائريين، مستغلين في ذلك غياب أجهزة الرقابة من طرف وزارة التجارة ليفرضوا منطقهم، ما يعني أن عدم إشعارهم المسبق بمثل هكذا قرار وعدم إشراكهم فيه سيخلق فوضى حقيقية وسيأزم السوق الوطنية لتداول المواد الغذائية خاصة أن هؤلاء هم الموردون الرئيسيون للسوق الوطنية إجمالا، وهم أنفسهم الذين سبق وأن رفضوا تحويلهم لسوق الجملة بالحراش، فكيف إن عرض عليهم تحويلهم لسوق بولاية بومرداس وتغيير وضعيتهم من تجار فوضويين لا يدفعون أية ضرائب وغرامات لتجار تحت سيطرة الحكومة ويخضعون لمراقبة وزارة التجارة، وهو ما يوحي باستحالة تنفيذ هذه العملية إن لم يتم إعداد أرضية يتم من خلالها إشراك جميع الأطراف الفاعلين، خاصة وأن التوقيت لمثل هكذا قرار يعد غير مناسب أمام الفوضى التي تعرفها الأسواق أصلا بسبب قانون المالية 2016 واستغلال المضاربين هذا الأخير كمبرر لرفع أسعار كل المواد الاستهلاكية ما يعني أن غلق سوق السمار هذه الفترة سيكون مبررا جديدا وكافيا يضاف لقانون المالية من أجل تجويع الجزائريين وليس فقط رفع الأسعار.
وأثناء قيامنا بجولة قادتنا إلى المحلات التجارية أكد لنا عدد من التجار الناشطين هناك على أن القرارات التي صدرت في السنوات الثلاثة الماضية حول السوق تعدّ كثيرة ولكن قرارات تطبيقها كانت تؤجل في كل مرّة لأسباب متعددة، ورفض محدثنا الخوض فيها ولكنه أكد على أن بالنسبة لهؤلاء التجار فإن توفير سوق جديدة لنشاط هؤلاء سوف لن يكون بالأمر الهين، ولهذا فإن التجار الناشطين هناك والمقدر عددهم بـ 800 تاجر لطالما ناشدوا الوصاية والسلطات الوصية على ضرورة فتح قنوات الحوار معهم من أجل التوصل لحلول من شأنها أن ترضي جميع الأطراف، ونفى المتحدث أن يكون سكان الحي الذي ينشط فيه هؤلاء قد اشتكوا من تواجد السوق ببلدية جسر قسنطينة، وأكد على أن أغلب العائلات التي تقطن هناك يشتغل أبناؤها في السوق ومن غير الطبيعي أن يرفض هؤلاء لقمة عيشهم في ظل غياب فرص التشغيل للبطالين


س. زموش

من نفس القسم الوطن