الوطن

هل سينتهي عهد المعدات المعطلة بالمستشفيات في 2016 مع إجراءات بوضياف؟

في الوقت الذي تهدد فيه أغلب نقابات الصحة بانتهاج سياسة الإضراب لافتكاك مطالب مهنية




  • وزارة الصحة تدفع بحزمة من الأدوية لاستئصال الأمراض المستعصية التي تجتاح المستشفيات !!


يعد قطاع الصحة بالجزائر من القطاعات الحساسة التي تعرف أمراضا مستعصية جعلت نهوضه من المستحيلات، في ظل تداول أكثر من سبع وزراء عليه في ظرف قياسي، ومحاولة فرض كل واحد تجربته ومخططاته التي زادت المستشفيات تدهورا أكثر، وجعلت المرضى الجزائريين يعانون الويلات، في حين هرب المسؤولون الكبار في الدولة للتداوي خارج الوطن مستنجدين بكبريات المستشفيات العالمية إما بفرنسا أو سويسرا وغيرها من دول العالم، غير أنه وفي ظل كل هذا وفي ظل التصريحات التي بدأنا نسمعها من وزير الصحة عبد المالك بوضياف والتعليمات التي أضحى يعطيها لمسؤولي المؤسسات الاستشفائية، فإن طبقت وجسدت في الميدان بعيدا عن تصريحات المراوغة، فإن مستشفياتنا ستشهد عهدا جديدا بداية من هذه السنة 2016، بالنظر إلى جملة من التدابير التي كشف عنها الوزير إما تتعلق بتجهيز كل المستشفيات وتخصيص لها مختصين لتسييرها، وخلق أطباء لمرافقة المرضى في منازلهم وترقية مستخدمي القطاع، والتي لن تتحقق إلا باستقرار القطاع والنظر في مشاكل مستخدمي القطاع المؤجلة.
•    هل سينتهي عهد المعدات المعطلة بالمستشفيات في 2016 مع إجراءات بوضياف؟
وأول ما ينتظر قطاع الصحة في 2016 هو تحرك وزير الصحة عبد المالك سلال لجرد شامل للمعدات الطبية المعطلة على مستوى المؤسسات الاستشفائية، والشروع في إصلاحها وإعادة تشغيلها، في إطار سياسة ترشيد نفقات التجهيز، حيث شدد الوزير وفي كل خرجاته على الصرامة في اقتناء مختلف أنواع الأجهزة، من خلال استحداث معايير تركز أساسا على خدمة ما بعد البيع بـ10 سنوات وضمان بـ36 شهرا، شرط أن تكون الشركة الممونة ممثلة في الجزائر.
وجاء تحرك المسؤول الأول عن القطاع، ليعيد النظر في قطاع الاستيراد، وإجبار "بارونات" الأجهزة الطبية على احترام المطابقة، في انتظار إنشاء لجنة وطنية مستقلة ومشتركة بين قطاعات الصحة والتجارة والجمارك والتأمينات، مهمتها التحكم في النفقات و"تطهير" السوق من “الدخلاء” و"الطفيليين” الذين أغرقوا القطاع بـ"خردة” لا تتوفر على أدنى شروط النوعية، وهذا بعد تقارير بلغت مكتب بوضياف، بعد تحقيق شمل جميع الهياكل الصحية عبر الوطن، تضمنت تلاعبات في اقتناء الأجهزة الطبية طيلة السنوات الماضية، وعدم تطابقها مع المعايير العالمية، رغم الأموال الكبيرة التي استفاد منها القطاع لتزويد المستشفيات بهذه المعدات، حيث عرفت هذه الأخيرة تجديدا شبه كلي للأجهزة الطبية الأكثر استعمالا في المرحلة الممتدة من 2008 إلى 2012 على حساب ميزانية القطاع، التي عرفت ارتفاعا محسوسا لاستدراك التأخر الكبير في عملية تزويد المؤسسات الاستشفائية.
وبناء على ذلك فإن 2016 وإن سهر الوزير على تطبيق مخططه بإجراء عملية مسح وجرد للمعدات الموجودة، المستعملة والمعطل منها، فإنها سيسعى إلى قياس توزيعها العادل والمحترم للمعايير الطبية على مستوى مختلف الهياكل الصحية عبر الوطن، حيث شدد على ضرورة الشروع في إصلاحها قصد استعادتها واستغلالها مجددا، لتجنب اقتناء أجهزة مماثلة قد تكلف القطاع نفقات إضافية هو في غنى عنها بسبب الأزمة.
وترافق عملية صيانة التجهيزات تسوية وضعية جميع مهندسي وتقنيي الصيانة العاملين على مستوى الهياكل الصحية عبر الوطن، موازاة مع فتح مناصب جديدة لتوظيف موظفين في هذا الاختصاص، لمرافقة عملية اقتناء الأجهزة الجديدة، والسهر على متابعة صيانتها.
ومن مجمل خطط بوضياف التي قرر اعتمادها بداية من هذه السنة هو تكريس طريقة جديدة لتسيير وعمل المؤسسات الصحية، حيث يتعلق الأمر وعلى حد تصريحاته "بإرساء طريقة جديدة لتسيير وعمل مؤسساتنا الصحية حتى نجعل من خطاباتنا أفعالا مجسدة وملموسة من مواطنينا".
•    العلاج المنزلي سيعرف نقلة نوعية في 2016 رغم الشكوك في نجاحه
وبخصوص تعزيز الهياكل الجوارية أوصى الوزير مرارا وتكرارا وخلال جلسات بمواصلة تنفيذ مسار الفحوصات المختصة خارج الهياكل الصحية وتطوير العلاج في المنازل على مستوى مختلف المؤسسات الولائية وتعزيز وسائل الكشف على مستوى العيادات متعددة التخصصات من أجل تكفل أفضل بالمريض وتطوير شبكة الطب عن بعد.
أما بخصوص مخطط مكافحة السرطان فقد تم إعلام مسيري الهياكل المعنية بضرورة تقييم وضعية تطبيق التوصيات المفصلة وكذا تقرير يتعلق بإنشاء شبكة سجلات السرطان.
وفيما يتعلق بزرع الأعضاء فإن مدراء الصحة والسكان مدعوون بإحصاء الأزواج خلال 2016 المرشحين لزرع الكلى وكذا المرضى الذين يعانون القصور الكلوي الذين يتم التكفل بهم على مستوى مراكز تصفية الدم التابعة للقطاع الخاص.
ولتجسيد الأهداف المحددة في مجال تقليص نسبة وفيات المواليد الجدد دعا الوزير مدراء الصحة والسكان إلى دعم الأعمال التي بادرت بها المديرية العامة للوقاية، أما في مجال استمرارية توفير العلاج فطلب الوزير بالسهر على احترام تطبيق القانون الساري في مجال المناوبة، مع التأكيد أن "قائمة هياكل ومصالح المناوبة يجب أن تستفيد من أوسع مجال للإعلان والإعلام سواء بالنسبة للهياكل العمومية أو الخاصة".
كما تضمنت خطط الوزير إيلاء "اهتمام خاص" بالصحة المدرسية، لاسيما من خلال زيارات تلقائية والتلقيح والتكفل بالأمراض المشخصة، ودعا بهذه المناسبة إلى إعداد برنامج تكوين حول "أفضل طرق" لوصف الأدوية وتجسيد مختلف القرارات المتخذة مع مرافقتها بالنصوص القانونية الضرورية، مع مطالبة الإدارة المركزية بضمان مهام دعم ومرافقة المؤسسات الصحية "كلما كان ذلك ضروريا".
ومن أجل خلق كوادر طبية تحضر وزارة الصحة لتكوين حوالي 59.000 عون شبه طبّي في حدود 2020، سيتمّ إنجاز 20 معهد تكوين شبه طبّي جديد على المستوى الوطني سيسمح لكافّة ولايات الوطن بتغطية حاجياتها من حيث الجانب شبه الطبّي خصوصا وأن هذه المعاهد ستزوّد بـ 400 مقعد بيداغوجي، لعلها تمكن من معالجة نقص مجال التاطير الطبي الذي تعاني منه مناطق الجنوب والهضاب العليا على وجه الخصوص، وهذا في الوقت الذي ودعا فيه وزير الصحة مسؤولي المؤسّسات الاستشفائية للجنوب إلى حسن الاطّلاع في الخصوصية الوبائية لولاياتهم للتكفّل أحسن بتطلّعات المرضى.
وبخصوص التوجيهات الجديدة للقطاع سجّل السيّد بوضياف أنها تهدف أساسا إلى ضمان مصالح استشفائية متخصّصة جوارية لا سيّما في مجال مكافحة السرطان وتوسيع شبكة التكوين الطبّي القاعدي والمتخصّص والتكفّل بالاختصاصات المهمّشة على غرار جراحة القلب لدى الأطفال وتهدف كذلك إلى ضمان شروط الراحة والأمن لفائدة الأمّهات والأطفال حديثي الولادة وإلغاء التفاوتات الجغرافية في مجال التغطية الطبّية في مناطق الجنوب.
هذا وتمتد استراتيجية وزير الصحة في خلق وبداية من هذه السنة صيدلية على مستوى كل مؤسسات الصحة والمستشفيات، مذكرا بـالتزام السلطات العمومية بضمان وفرة الأدوية وإمكانية الحصول عليها، وأضاف أن هذا الإجراء وارد في قانون الصحة الجديد الذي أشرك كافة مهنيي الصحة، من بينهم الصيادلة، مسجلا “التزام” السلطات العمومية بضمان “وفرة وإمكانية الحصول” على المنتوج الصيدلاني، وكذا ترقية الإنتاج المحلي، خاصة أن النفقات المتعلقة بالمنتجات الصيدلانية تمثل أزيد من 22 بالمائة من الميزانية الإجمالية لسير المؤسسات الصحية.
•    دواء مبتكر في الصيدليات قريبا لإعادة الأمل بالشفاء لمرضى الكبد الفيروسي
وفي ظل كل هذه المخططات تبقى سياسة التقشف التي قررت اعتمادها الحكومة ستضرب بظلالها على قطاع الصحة وهو ما أكده وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف الذي كشف عن تجميد ولأجل غير محدود مشروع إنجاز 5 مستشفيات جامعية، في وقت حاول فيه استرجاع الأمل لبعض المرضى بكشف عن شروع المخبر الوطني "بيكر" في إنتاج دواء ضد مرض الالتهاب الكبدي الفيروسي الحاد من نوع "سي"، سيكون متوفرا على مستوى المستشفيات خلال سنة 2016، وأوضح الوزير أن هذا الدواء الجديد المبتكر، أثبت نسبة شفاء تصل إلى 99 بالمائة بعد أن كان الشفاء مستحيلا مؤكدا، أن هذا المنتج الصيدلاني الجديد الذي أثبتت التجارب الإكلينيكية نجاعته، سيساهم في إنقاذ العديد من المصابين، فيما طمأن المرضى بأن هذا الدواء يُمنح مجانا بالصيدليات المركزية للمستشفيات.
وفي ظل كل هذه التدابير أكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، عبد المالك بوضياف أن سنة 2016 ستكون محطة ومنعرجا حاسما في مسار الإصلاحات العميقة والمهيكلة التي ستعرفها المنظومة الصحية، وهي المرحلة التي تستوجب إحداث ثورة حقيقية في مجال التنظيم والتسيير، وفقا لمعايير تحكمها أهداف واضحة ونظرة استشرافية للصحة. وأعلن الوزير عن استلام في شهر مارس القادم، تقارير مفصلة لمعرفة نجاعة تسيير كل الأطقم بعد الانتهاء من تقييم كل مسير وفق قدرته على التغيير الجذري لصورة وأداء المؤسسة التي يديرها كما يراها المرضى والإعلام، بالإضافة إلى تقييم الوزارة الخاص.
وأكد الوزير على الاعتماد على المراقبة والتفتيش لتقييم تنفيذها جميعا على أرض الميدان، وتتمثل هذه التوصيات في وضع شبكات مندمجة للتكفل بالحاجيات الصحية للمواطن في إطار التطبيق الافتراضي للمقاطعة الصحية وعلى أساس المواصلة في تعميم عملية إخراج الفحوصات الطبية المتخصصة على مستوى العيادات متعددة الخدمات. وستسمح هذه الشبكات بإعادة إرساء مبدأ تسلسل العلاج وتجسيده من خلال إعلام المواطنين ـ حسب الوزير ـ الذي دعا في هذا السياق نساء ورجالا الإعلام، ليس فقط لمرافقة هذا المسعى، بل كذلك لمتابعة هذه العملية والسهر على تطبيقها الفعلي.
كما أوصى أيضا، بإعادة الاعتبار لكل الوظائف المنوطة بمكاتب القبول باعتبارها الأداة المحورية في عملية التعاقد التي أمر بها رئيس الجمهورية والتي ستمكن القطاع من المرور من تمويل جزافي إلى تمويل مبني على تقييم النشاطات، فضلا عن إرساء آليات لتقييم كل النشاطات وفق أهداف مسطرة تخص كل الطواقم الإدارية والطبية وشبه الطبية، مع تحديد وبوضوح المهام والمسؤوليات.
•    بوضياف يريد من سنة 2016 بداية عهد لزرع الأعضاء من الميت دماغيا إلى الحي
في مجال التصوير الطبي، وجه وزير الصحة تعليمة لمديري الصحة والسكان لوضع شبكات تعتمد على مصالح مرجعية لتمكين المستشفيات التي لا تتوفر على أجهزة السكانير والتصوير المغناطيسي من الحصول على هذه الكشوفات في إطار منسق يضمن راحة وأمن المريض. على أن تقوم مصالح وزارة الصحة بعمليات تفتيش وتقييم دون سابق إنذار لأنه من غير المقبول والمعقول أن نجد مصالح تتوفر على كل التجهيزات وعلى تأطير كاف تتوقف عن العمل من الظهيرة إلى صبيحة اليوم الموالي يوضح الوزير.
كما تضمنت توصيات وزير الصحة أيضا على ضرورة المواصلة في اعتماد المناولة لكل الوظائف اللوجستيكية لتمكين المستشفى من صب اهتمامه وبصفة حصرية لوظائفه العلاجية والمواصلة في تنفيذ اتفاقيات التوأمة وتوسيع مجالاتها لضمان عدالة أكبر للاستفادة من العلاج وبنفس المستوى لسكان مناطق الجنوب والهضاب العليا.
 وفي إطار تحضير الشروط العملية الكفيلة بضمان نقل وزرع الأعضاء من الميت دماغيا إلى الحي، أعطى الوزير تعليمة لوضع مخطط محكم يضمن تمكين مصالح الإستعجالات الاستشفائية من إثبات الموت الدماغي وذلك بضمان الأجهزة الضرورية على مدار الساعة وبالتأطير الكافي للأجهزة وتحديد مخابر مرجعية جهوية لضمان تحاليل المطابقة وتحاليل المراقبة البيولوجية والتي يجب أن تعمل دون انقطاع على مدار الساعة لضمان الاستغلال الأنجع للأعضاء والأنسجة المنقولة.
وأكد الوزير من جهة أخرى على ضرورة تعزيز سلك الممارسين المفتشين، حيث تم فتح وتخصيص (283) منصب مالي لهذا الغرض، فضلا عن ضبط قواعد التنسيق بين مصالح حقن الدم لضمان وفرته على جميع الأصعدة".
 ويبرز هذا في الوقت التزم الوزير بالسهر على ضرورة فتح أبواب الحوار مع جميع الشركاء من النقابات وجمعيات المرضى لضمان مشاركة فعلية وفعّالة لجميع الأطراف في تحقيق أهداف إصلاح المنظومة الصحية، وهو الذي شككت نقابات الصحة في تحقيقه بالنظر إلى المطالب المؤجلة والوعود المتكررة التي حركت نقابة الممارسين العامين لإعطاء موعد لهذه السنة الجديد لتجنيد الأطباء جراحي الأسنان والصيالة لخوض معركة الإضرابات لنيل حقوقهم وتسوية مطالبهم الموروثة من وزراء سابقين.
عثماني مريم

من نفس القسم الوطن