الوطن

دستور 96 القديم يجددّ والإضافات لا ترقى للتوافق

مجالس استشارية وتحديد العهدة وترسيم الأمازيغية أهم ما جاء فيه

 

  • استحداث هيئة وطنية للوقاية ومكافحة الفساد
  • دعوة لتمريره عبر الاستفتاء بعد المساس بالمبادئ العامة


تعرف الجزائريون أمس على المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور في ندوة صحفية نشطها السيد أحمد أويحيى مدير ديوان رئيس الجمهورية، وأهم ما ميز المشروع هو الانتقال باللغة الأمازيغية إلى لغة رسمية ووطنية وعاد إلى دستور 96 في تحديد عهدات رئيس الجمهورية إلى عهدتين، إضافة إلى وضع هيئة عليا لمراقبة الانتخابات في المادة 170 مكرر إضافة إلى استحداث مجالس استشارية جديدة على غرار هيئة وطنية للوقاية ومكافحة الفساد والمجلس الأعلى للشباب ومجلس وطني لحقوق الإنسان، كما أضاف المشروع بعض الصلاحيات الإضافية للبرلمان كحق الاخطار للمعارضة لمجلس الدستور وبعض الفقرات المرتبطة بالقوانين في الحريات.
مشروع مراجعة الدستور لم يلب كثيرا طموحات الطبقة السياسية فلا الموالاة وخاصة حزب الأغلبية الذي تبين أنه كان خارج مجال التغطية وأن تصريحات أمينه العام كان ينقصها كثيرا من الدقة وأن المطالب التي زعم أنها موجودة في المشروع لم يظهر لها أي أثر بدءا بحق الأغلبية في تشكيل الحكومة ولا حتى في استقلالية القضاء من خلال إبعاد التعيين للمسؤوليات في الهيئات القضائية العليا من السلطات التنفيذية وغيرها من المطالب، كما قلل المشروع وقطع الطريق على المعارضة من إمكانية إنشاء لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات وإبقائها ضمن دائرة لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات كصورة أخرى لما كان موجودا من قبل.
المشروع سيثير كثيرا من النقاش خاصة في طريقة اعتماده أمام تصريحات قانونيين، وأن المشروع مس الباب الأول المسمى المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري كما مست التعديلات أيضا الباب الثاني من الدستور "تنظيم السلطات" وهذا وحده يفرض أن يمر عبر استفتاء شعبي، علما أن مجلس الوزراء سبق وأن أعلن عن ضرورة تمريره عبر البرلمان بغرفتيه حتى قبل الاستماع لرأي المجلس الدستوري.
ومن شأن هذا الخلاف إضافة إلى المواقف التي صدرت من بعض الأحزاب السياسية والتي تصب في اتجاه التقليل من أهمية المشروع للاعتبارات السابقة وهو ما من شأنه التقليل من الفكرة التي صاحبت التعديل منذ فترة ألا وهي التوافق.
ترسيم الأمازيغية سيثير نقاشا مجتمعيا كبيرا بين رافض ومتحفظ وقابل وأمام وضع اجتماعي محتقن من شأن مثل هذه الخطوة إثارة كثير من النعرات وخاصة أن القوى التي كان تطالب بها في أغلبها موجودة مع المعارضة وهي تعرف أن الاعتراف جاء كمناورة أكثر منه كاستجابة لنضالات ومطالب مجتمعية والرهان في هذا الموضوع على قوى المعارضة أكثر منه على السلطة.
الموضع الذي لم ينل الكثير في مشروع التعديل هو استقلالية القضاء الذي كانت الإضافات قليلة ومحددة بدءا بتحديد رئيس الجمهورية كضامن لاستقلال القضاء زيادة إلى إضافة فقرة تمتع المجلس الأعلى للقضاء بالاستقلالية المالية والإدارية، مع إبقاء تعيين الرئيس الأول للمحكمة العليا إضافة إلى الإحالة إلى القانون العضوي الذي يحد الوظائف القضائية التي يعين فيها الرئيس.
كما أن المشروع يبقي مصطلحات بعيدة عن الإصلاحات السياسية التي طالب بها الكثير فلازالت الحكومة تحت إشراف الوزير الأول الذي لم تظف له إلا قليلا من الصلاحيات على غرار توقيع المراسيم التنفيذية، ولازالت الحكومة تقدم مخطط عمل بمعنى واضح فيه إبقاء النظام السياسي بشكل غير معرف فلا هو رئاسي ولا هو برلماني ويبقى النقاش في المعنى الذي توجه إليه أويحيى بأن الجزائر في نظام شبه رئاسي يصعب أن يتأكد من توفر كل المواصفات فيها وربما تكون إضافة فقرة تشجيع الدولة الديمقراطية التساهمية على مستوى الجماعات المحلية مسحة جديدة في دستور 2016.
القضية التي ستثير كثيرا الجالية الجزائرية وقد تعبر عن جوانب إقصائية في الدستور كشرط إثبات الإقامة بالجزائر دون سواها لمدة عشر سنوات على الأقل كما أضاف ألا يكون المترشح للرئاسة متجنسا بجنسية أجنبية كما تضمنت المادة 51 فقرة جديدة تشترط التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية.
وفي جوانب الحريات تحدث المشروع على حرية التظاهر السلمي كما أن حرية الصحافة المكتوبة والسمعية والبصرية مضمونة ولا تقيد بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، كما أنه لا يمكن إخضاع جنحة الصحافة لعقوبة سالبة للحرية كما نص أيضا في المادة 42 مكرر على استفادة الأحزاب السياسية من حرية الرأي والتعبير وحيز زمني في وسائل الإعلام العمومية وتمويل عمومي وفق تواجدها في البرلمان، أما في الحريات الشخصية فنص مشروع الدستور على حق الدخول والخروج من التراب الوطني وأن لا يتم تقييده إلا لمدة محددة وبموجب قرار مبرر من سلطة قضائية.
الجديد هو محاولة إيجاد محددات للتوجه الاقتصادي للبلاد وجاء النص متخوف وتحت وطأة الخوف من ردود الفعل الاجتماعي فجاء النص بين ترقية العدالة الاجتماعية وتشجيع بناء اقتصاد متنوع الذي يعني اقتصاد السوق، وهو نفس الاتجاه في المادة 37 بين حرية التجارة والاستثمار وفي نفس السوق تكفل الدولة بضبط السوق ومنع الاحتكار.
وبخصوص الهياكل المستحدثة تكلم المشروع عن تأسيس مجلس وطني لحقوق الإنسان الذي يتولى مهمة المراقبة والإنذار المبكر والتقييم في مجال حقوق الإنسان دون المساس بصلاحيات القضاء كما نص مشروع الدستور إلى إحداث مجلس أعلى للشباب كما كان موجودا في الدستور القديم، كما تحدث المشروع في المادة 173 على تأسيس هيئة وطنية للوقاية ومكافحة الفساد تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية وتتولى اقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد، وتحدث المشروع عن صلاحيات جديدة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومن أهم مهامه ضمان ديمومة الحوار والتشاور بين الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين وعرض الاقتراحات والتوصيات على الحكومة كما سيحدث مجلس وطني للبحث العلمي والتكنولوجيا يهتم بترقية البحث وتقييم فعالية الأجهزة الوطنية المتخصصة

سليمان شنين.

من نفس القسم الوطن