الوطن

الزيادات العشوائية تجتاح قطاع الخدمات

تحت مبرر قانون المالية لسنة 2016



صدر أمس قانون المالية لسنة 2016 في الجريدة الرسمية ما يعني دخول الزيادات في الأسعار بشكل رسمي حيز التنفيذ. وقد خلقت الزيادات التي أقرها قانون المالية والتي تتعلق بالوقود والكهرباء والماء وقسيمة السيارات صدمة في أسعار كل المواد الاستهلاكية والخدمات بسبب أن ما أقره قانون المالية الجديد له ارتباط بأغلب المواد الاستهلاكية الأخرى وكذا الخدمات، حيث بدأت أسعار النقل ترتفع بشكل عشوائي بسبب زيادة أسعار الوقود وبدا الخبازون يهددون بزيادة أسعار الخبز شأنهم شأن باقي التجار ومحلات المواد الغذائية والمقاهي ومقاهي الإنترنت وحتى مغسلات الملابس والحمامات.
فوضى حقيقية تعرفها عدد من القطاعات بسبب الزيادات التي أقرها قانون المالية 2016 الذي صدر أمس بالجريدة الرسمية، حيث بدا عدد من الناقلين الخواص وأصحاب سيارات الأجرة في تطبيق زيادات عشوائية على تسعيرة النقل بسبب ارتفاع أسعار الوقود، وهو ما اضطر المواطنين لدفع سعر أكبر على ثمن تذاكر السفر دون الاستفادة من تحسين الخدمة حتى الأمر الذي لاقى استنكارا شديدا من المواطنين خاصة وأن هذه الزيادات غير قانونية، فوزارة النقل وعلى لسان مسؤولها الأول بوجمعة طلعي أكدت أنه لن تكون هناك زيادات في أسعار خدمات النقل سنة 2016 على الأقل، إلا أن جشع الناقلين المبرر لديهم كسر كل القوانين حيث يؤكد الناقلون أنه من غير المعقول زيادة أسعار الوقود دون زيادة أسعار خدمات النقل ما يعني خسارة بالجملة لأصحاب الحافلات وكذا سيارات الأجرة. ليس النقل وحده الذي شهد زيادات عشوائية فعدد من التجار أمس بدأوا في رفع سعر بعض المنتجات الاستهلاكية، كما أن بعض مقاهي الإنترنت بدأت في فرض زيادات على تسعيرة خدماتها حتى قبل تلقي فاتورة الكهرباء لهذا الشهر بالإضافة على مغاسل الملابس والحمامات والمرشات تبعا للزيادات في أسعار الماء، كما عمد أصحاب شاحنات نقل الغاز الخواص إلى رفع سعر قارورة الغاز بعشرين دينار في القارورة مبررين ذلك بزيادة في المازوت والبنزين علما أن مؤسسة نفطال لم ترفع سعر غاز البوتان وبقي سعر القارورة في محطات نفطال هو 200 دينار، في حين بلغ سعره في شاحنات النقل الخواص ما بين 230 و250 دينار.
من جهة أخرى يحضر العديد من الخبازين لإقرار زيادات عشوائية على أسعار الخبز بعد دخول الزيادات في أسعار الكهرباء والغاز التي أقرها قانون المالية 2016 حيز التنفيذ، ويسعى الخبازون من خلال هذه الخطوة لتحسين هوامش ربحهم التي ستتأثر بارتفاع أسعار الكهرباء والغاز والتي لطالما طالب الخبازون بزيادتها.
رغم أن الاتحادية الوطنية للخبازيين بصفتها ممثلا عن هذه الشريحة من التجار نفت أن تحمل سنة 2016 أية زيادات في أسعار الخبز، ويستند الخبازون الذين يهددون برفع سعر الخبز في ذلك أن هوامش ربحهم ضئيلة حتى قبل إقرار زيادات في أسعار الكهرباء والغاز وهي التي كانت سببا في عدة احتجاجات السنوات الفارطة فما بالك عندما يصبح الخباز يدفع ضعف ما كان يدفعه في فاتورة الكهرباء والغاز والماء، كل هذه الزيادات مثلت صدمة للقدرة الشرائية للجزائريين خاصة وأن أغلب المواطنين كانوا يعتقدون أن الزيادات في قانون المالية سترتبط فقط بأسعار الوقود والكهرباء والماء ليتفاجؤوا بزيادة في أسعار كل شيء حتى فنجان القهوة، مقابل ثبات في الأجور وهو ما حذر منه الخبراء الاقتصاديون وجمعيات حماية المستهلك. في حين كان خطاب الحكومة بعد دخول هذه الزيادات حيز التطبيق مستفزا أين أكد وزير المالية في أول تصريح له في السنة الجديدة أن الزيادات التي جاء بها هذا القانون عادية وغير مرتفعة، داعيا الشعب الجزائري إلى شكر الله وحمده كون الزيادات هذه صغيرة –على حد قوله-  موضحا بأن الحكومة قد باشرت بالزيادات الصغيرة في أسعار البنزين والمازوت والكهرباء والماء، وما على المواطن الجزائري إلا أن يحمد الله، وكأن الوزير بن خالفة يلمح بوجود زيادات أخرى في الأفق، مشيرا في هذا الشأن إلى أن الغرض الأساسي من هذه الزيادات هو الحد من ظاهرتي التبذير والتهريب للمواد المدعمة والعمل على الاستهلاك العقلاني لها، لكن ما يغفله بوخالفة أن الزيادات التي جاء بها قانون المالية لم تكن صغيرة ومحدودة بل شملت وستشمل كل المواد الاستهلاكية وستكون بمثابة الإعدام للقدرة الشرائية للجزائريين.

قانون المالية 2016 صدر في الجريدة الرسمية

صدر قانون المالية لسنة 2016 الذي وقعه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يوم الأربعاء الفارط في العدد 72 للجريدة الرسمية، وأعد القانون على أساس سعر مرجعي لبرميل النفط بـ 37 دولارا وسعر الصرف ب 98 دج للدولار الواحد ويتوقع معدل تضخم عند 4 بالمائة ونموا خارج المحروقات بـ 6,4 بالمائة، وحسب النص تتوقع الدولة لسنة 2016 نفقات الميزانية بـ 1,7.984 مليار دج منها 3,4.807 مليار دج لنفقات التسيير و8,3.176 مليار دج لنفقات التجهيز أي بانخفاض 9 بالمائة مقارنة بسنة 2015.
كما يرتقب إجمالي إيرادات الميزانية 43,4.747 مليار دج موزعة على 88,3.064 مليار دج للإيرادات العادية و55,1.682 مليار دج للضريبة النفطية.
وتعتزم كذلك الدولة - التي تطمح لتنويع مواردها المالية على المدى المتوسط خصوصا بتجنيد المدخرات القابعة في البنوك وحصد رؤوس أموال السوق الموازية وإعادة تنشيط السوق المالية- جلب موارد إضافية لميزانيتها بإعادة تكييف بعض الرسوم.
 وبهذا يرفع القانون من 7 إلى 17 بالمائة نسبة القيمة المضافة لكل من بيع البنزين الديازال واستهلاك الغاز الطبيعي والكهرباء الذي يتجاوز حدا معينا، وهو إجراء يهدف زيادة على ضمان موارد إضافية وكذلك الحد من تبذير الديازال والذي يعتبر مادة مستوردة ومدعمة وتقليص الفارق بين سعره الحقيقي وسعر البيع وكذا الحد من تهريبه، ولكن لن تمس هذه الزيادات الطبقات الفقيرة من المجتمع الذي يعد بتقديم دعم تعويضي مقابل هذه الزيادات.
كما يقترح القانون الرفع من قيمة قسيمة السيارات ما بين 16 و40 بالمائة على حسب نوع المركبة وسنها وطاقتها، وفيما يتعلق بالاستثمار يقترح مشروع قانون المالية 2016 إجراءات تحفيزية لتشجيع الاستثمارات خاصة المنتجة وتلك التابعة للصناعات الناشئة، وتخص هذه الإجراءات خاصة تسهيل الحصول على العقار الاقتصادي والتمويل وكذا تبسيط الإجراءات الجبائية، وفي مجال الاستثمار دائما جاء قانون المالية 2016 بإجراء جديد (مادة 66 في مشروع القانون أصبحت 62 بعد التعديلات البرلمانية) والتي تسمح بفتح رؤوس أموال المؤسسات الإقتصادية العمومية للخواص الوطنيين المقيمين.
 وجاء في الصيغة المعدلة للمادة المتعلقة بفتح رأسمال المؤسسات الاقتصادية العمومية إزاء المساهمة الوطنية "تلزم المؤسسات الاقتصادية العمومية التي تنجز عمليات شراكة بفتح رأسمالها الاجتماعي لفائدة المساهمة الوطنية المقيمة وفقا لما هو مرخص له قانونا والاحتفاظ بنسبة 34 بالمائة من مجموع الأسهم أو الحصص الاجتماعية"، ويمكن "للمساهم الوطني المقيم امتلاك هذه الأسهم لمدة خمس سنوات. وبعد إجراء معاينة قانونية باحترام جميع التعهدات المكتتبة يمكن رفع أمام مجلس مساهمات الدولة خيار شراء الأسهم المتبقية".
وفي حال موافقة المجلس تتم عملية التنازل بالسعر المتفق عليه في ميثاق الشركاء أو بالسعر الذي يحدده المجلس والتنظيم، من جهة أخرى حدد النص بـ 30 بالمائة كنسبة للأرباح التي يجب إعادة استثمارها وهذا كمقابل للتسهيلات المقدمة في إطار دعم الإستثمار.
 وعلاوة على ذلك ينص قانون المالية للعام المقبل على الإعفاء من قسيمة السيارات والمركبات التي تسير بالغاز الطبيعي المضغوط وغاز النفط المسال كوقود بهدف تشجيع استعمال الوقود النظيف والمصنع بالجزائر.
 وينص مشروع القانون من جهة أخرى على خلق آلية للحفاظ على توازن الميزانية قادرة على "التمكن من تجميد أو إلغاء القروض في حالة ما إذا تسبب ذلك في تذبذب التوازنات العامة لقانون المالية أو توازن الميزانية".


س. زموش

من نفس القسم الوطن