الوطن

حقوقيون بين مرحب ومتخوف ومنتقد لطريقة تمرير دستور الجزائر المرتقب !

أثنوا على القرارات التي سيحملها في مجال حقوق الإنسان ومستقبل العدالة


بعد أن حسم القاضي الأول للبلاد في آلية إقرار دستور البلاد المقبل، لم يتأخر الحقوقيون والقانونيون المختصون في الدستور تتقدمهم الأستاذة فتيحة بن عبو والأستاذ عامر رخيلة والحقوقي فاروق قسنطيني في إبداء موقفهم كقانونيين من خطوة الرئيس الرامية إلى إقرار دستور البلاد المقبل عن طريق البرلمان دون الاستفتاء الشعبي عليه، وتساؤل بعض هؤلاء عن محتوى المسودة الأخيرة للدستور التي ستعرض للتصويت وإن كانت تخل بشروط وآليات تمريره عن طريق الغرفتين البرلمانيتين كما هو موضح في الدستور، وأبدى بعض هؤلاء حالة التوجس من إمكانية" خرق " الدستور أثناء عملية إقرار دستور البلاد القادم خاصة وأن التصريحات التي يدلي بها الساسة المقربون من الرئيس تشير بشكل واضح وصريح إلى وجوب إقراره عن طريق الاستفتاء الشعبي لكون ما تتضمنه المادة 174 من الدستور حول هذه النقطة واضحة.
و في هذا الإطار، أكدت المختصة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو بأن الفصل بين السلطات و التكامل بينها هو مسألة "بالغة الأهمية" باعتبارها "المبدأ الأساسي الضامن لاستمرارية الدولة التي يستحيل أن توجد دون أن يكون هناك الحد الأدنى من الفصل بين السلطات"، ونبهت المتحدثة إلى خطورة "تركيز السلطة" في يد جهة واحدة  مما "سيكون مآله لا محالة حدوث التعسف و التجاوزات", لتضيف بأن المطلوب اليوم هو "إحداث توازن حقيقي بين السلطات الثلاث".
و قالت في هذا الصدد "تطبيق هذا المبدأ سيعطي مصداقية للمؤسسات الدستورية و على رأسها البرلمان أمام الرأي العام"، أما فيما يخص مسألة منح المعارضة البرلمانية بالوسائل التي تمكنها من أداء دور أكثر فاعلية بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري, فترى الخبيرة في القانون الدستوري بأنه يتعين --قبل الحديث عن توسيع دور المعارضة البرلمانية--طرح سؤال : هل المجلس  الدستوري يلعب الدور المنوط به حاليا  و لفتت بهذا الخصوص إلى أن المجلس الدستوري الجزائري الحالي هو "نموذج تجاوزه الزمن", علما أنه مستنبط من نظيره الفرنسي الذي تم إنشاؤه آنذاك لأسباب تاريخية متعلقة بهذا البلد، و لذلك, "يتعين اليوم تعديل طريقة التعيين بالمجلس الدستوري و توسيع صلاحياته" التي تبقى في الوقت الراهن "جد محدودة لكونها لا تتجاوز رقابة مدى دستورية القوانين", على حد قولها.
أما فيما يتعلق بالنقطة التي جاء فيها بأن مشروع تعديل الدستور سيسمح ب"تنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بالمراقبة", فمن منظور المتحدثة فإن الدستور يجب أن يتطرق إلى المؤسسات التي تمارس الرقابة السياسية, فيما يتعين ترقية دور مؤسسات  الرقابة الاقتصادية و المالية التي تلعب دورا أساسيا في الحياة الوطنية -على غرار مجلس المحاسبة- في إطار القوانين الموجودة التي تسيرها.
أما المختص في القانون الدستوري عمار رخيلة فقد ذكر بأن تعميق الفصل بين  السلطات هو مبدأ منصوص عليه في الدستور، و في هذا المنحى "كان من الضروري مراجعة المواد المتعلقة بالسلطات الثلاث" من خلال تطبيق قاعدة "السلطة تحد السلطة", مع العلم أن الفصل بين السلطات هو "مبدأ سياسي قانوني عام تحكمه آليات تتحدد تبعا لخصوصية كل نظام سياسي و درجة التطور السياسي بكل بلد", أما بالنسبة لتعزيز دور المعارضة البرلمانية بما في ذلك تمكينها من الإخطار الذي يعد لحد الآن حكرا على رئيس الجمهورية و رئيسي غرفتي البرلمان, أوضح المختص بأن "المؤسس الدستوري" الذي هو رئيس الجمهورية استجاب هنا لأحد المطالب  التي لطالما رفعتها العديد من الأحزاب المشكلة للطبقة السياسية و هو ما يعتبر "خطوة إيجابية".
بدوره أعرب رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان  وحمايتها, فاروق قسنطيني, عن "ارتياحه" لهذه  التدابير التي من شانها "تعزيز الحرية و الديمقراطية في الجزائر"، و أوضح أن "الأمر يتعلق بمكسب هام و خطوة كبيرة للديمقراطية في الجزائر" مشيرا إلى أن "ذلك يندرج في إطار تعزيز دولة القانون"، كما أكد أن الدستور يعد "المحرك الذي يتطور من خلاله كل شيء مما سيسمح للجزائر بالتمتع بديمقراطية حقيقية".
خولة. ب

من نفس القسم الوطن