الوطن

رهان الحكومة على الفلاحة يصطدم بالظروف الطبيعية

انقطاع تساقط الأمطار يهدد الموسم الفلاحي ويغير من مساعي الحكومة

 


يبدو أن كل الظروف هذه الفترة تقف ضد الحكومة حتى الطبيعية منها، فبعد أن قررت هذه الأخيرة جعل قطاع الفلاحة بديلا للمحرقات التي تعرف أسعاره مزيدا من التهاوي جاءت الظروف الطبيعية عكس رغبة الحكومة أين نشهد منذ أكثر من شهرين انقطاعا لتساقط الأمطار على عدد من الولايات الشمالية، الداخلية والجنوبية، الأمر الذي يهدد الموسم الفلاحي ويغير من مساعي الحكومة لإنقاذ الاقتصاد بالتوجه نحو الفلاحة إلى إنقاذ الفلاحة بحد ذاتها.
•    الجفاف يهدد الموسم الفلاحي
تعرف الجزائر هذه الفترة ظروفا طبيعية استثنائية في ظل غياب تساقط الأمطار الأمر الذي يهدد الموسم الفلاحي خاصة وأن الفلاحين في الجزائر يعتمدون على الأمطار كمصدر أساسي لسقي زراعتهم ما يعني أن أغلب المحاصيل الزراعية مهددة بالتلف إن لم تتساقط الأمطار الفترة المقبلة وبكميات كافية، حيث دق الفلاحون ومربو الماشية ناقوس الخطر، بفعل هذه الوضعية التي تنعكس سلبا وتؤثر على المحاصيل الزراعية وتربية الأغنام، خاصة في الولايات الرعوية كتيارت، الجلفة، البيض، البويرة، وغيرها، وتجعل الموسم الزراعي لهذه السنة مهددا بالفشل، علما أن أكثر من 90 بالمائة من المحاصيل الزراعية تعتمد على السقي بمياه الأمطار فقط، وهو ما يجعلها معرضة للخطر خاصة في حال تواصل الجفاف وتأخر تساقط الأمطار، خصوصها وأن الأراضي المسقية في الجزائر لا تتجاوز 4 بالمائة من إجمالي المساحة المزروعة، كما أن تأخر تساقط الأمطار سيتسبب في ضعف الإنتاج وقلة المحاصيل الزراعية خلال الأشهر القليلة القادمة، وهو ما سيتسبب في ارتفاع جنوني للأسعار، نظرا للضغط الذي ستفرضه السوق التي تخضع لقانون العرض والطلب، ويؤكد عدد من الخبراء أن إنقاذ الموسم الزراعي الحالي يكمن في الاستعانة بمياه السدود من أجل توسيع عملية سقي المحاصيل الزراعية لتفادي هلاكها بسبب الجفاف، وضرورة التوجه نحو الزراعة الصناعية، والاعتماد على البيوت البلاستيكية، بالإضافة إلى تقنيات السقي، على غرار السقي بالتقطير من أجل انقاذ الموسم.
للإشارة فإن مصالح الأرصاد الجوية كانت توقعت هذه الظروف الطبيعية مؤكدة أن المناطق الشمالية للوطن ستشهد حالات عجز كبير في كمية تساقط الأمطار، في الوقت الذي ستشهد فيه المناطق الداخلية فائضا في ذلك، في حين ستكون كميات الأمطار المتساقطة "تقريبا عادية" في باقي مناطق الوطن.
•    مسعى الحكومة في "وضع اقتصاد بديل" مبني على الفلاحة في مهب الريح
لكن الأهم من ذلك أن هذه العوامل الطبيعية وتأثيرها على الموسم الفلاحي وعلى القطاع ككل ستفسد من مسعى الحكومة الفترة الأخيرة إلى "وضع اقتصاد بديل" عن اقتصاد المحروقات بالاعتماد على قطاعات أخرى لاسيما قطاع الفلاحة الذي تراهن عليه للعب دور هام في تنويع الاقتصاد الوطني خلال السنوات المقبلة، وهو ما دفعها لدعوة الفلاحين مؤخرا "بذل المزيد من الجهود للنهوض بالفلاحة، وعصرنة القطاع وتطوير الصناعات الفلاحية للتمكن من تلبية احتياجات البلاد ومن ثم التصدير". لكن الحكومة التي تريد وضع الحل لما يعرفه الاقتصاد الوطني من تدهور في يد الفلاحيين تغافلت عن المشاكل التي يعانها هؤلاء منها الظروف والكوارث الطبيعية التي جعلت من الفلاحة قطاعا متخلفا عندما يُرهن مصير آلاف الهيكتارات بظروف طبيعية لا يمكن بناء التوقعات عليها رغم أن الجزائر تملك مؤهلات طبيعية أخرى تمكنها من تجاوز أي اضطرابات منها المئات من السدود التي قد تجنب الفلاحيين أزمة الجفاف بالاعتماد على طرق السقي الحديثة والتقنيات المتطورة التي ظهرت، ما يجعل الأهم الفترة الحالية تطوير قطاع الفلاحة قبل محاولة بناء الاقتصاد الوطني عليه رغم أن ما تحاول الحكومة تمريره من مساعي لذلك فيه الكثير ما يقال.


س. زموش

من نفس القسم الوطن