الوطن

رخص الاستيراد... الحكومة تفتح نافذة لبروز ظاهرة الاحتكار، الرشوة والفساد الاقتصادي؟!

الآلية جيدة لكن الظروف المواتية لنجاحها لا تتوفر حاليا في الجزائر



من المنتظر أن يبدأ العمل برخص الاستيراد بداية 2016 أي بعد حوالي أسبوع من الآن، بعد أن ضبطت الحكومة آخر شروط وكيفيات تطبيق هذه الرخص التي ترى فيها الوسيلة الوحيدة للتحكم في التجارة الخارجية للبلاد، في ظل ارتفاع فاتورة الواردات وعدم قدرة الخزينة العمومية على تغطيتها بسبب الوضعية المالية للجزائر، ليبقى الرهان الوحيد على نجاح هذه الآلية في تنظيم التجارة الخارجية هو صرامة وحياد اللجنة المكلفة بمنح هذه الرخص وكذا قدرة الإنتاج الوطني على تغطية العجز الذي ينجرّ من تجميد استيراد بعض المنتجات التي تصنف في خانة الكماليات.
وبحسب العديد من المراقبين للوضع الاقتصادي فإن تدخل الدولة لتنظيم تجارتها الخارجية، كان أكثر من ضرورة بعدما بلغت فاتورة الواردات رقما قياسيا في ظل وضعية مالية غير مستقرة خلقها انخفاض أسعار النفط وهو ما دفع بوزارة التجارة لإقرار رخص الاستيراد التي ستخضع لها قائمة من المنتوجات التي تصنع محليا على غرار الأدوات الكهرو منزلية ومواد البناء وأعلاف وأغذية الماشية ومواد التجميل والتنظيف والتي تشكل في مجملها واردات تكلف ميزانية الدولة غاليا مع أنها تنتج محليا، كما ستخضع واردات السيارات لذات الرخص والتي سيلزم الوكلاء بموجبها بالتصريح بالضريبة على أرباح الشركات، لكن الإشكال بحسب الخبراء لا يكمن في قائمة السلع التي ستمسها رخص الاستيراد وإنما في مدى تطبيق هذه الأخيرة من أساسه كون نجاح رخص الاستيراد في تنظيم التجارة الخارجية مرهون بحيادية وصرامة اللجنة المكلفة بمنح هذه الرخص وهي العوامل التي عادة ما تكون مفقودة في الإدارة الجزائرية التي تعاني فسادا متجذرا منذ عقود، وتعاملات تحت الطاولة وبيروقراطية و"معريفة" تجعل من أي إجراءات تتخذها الحكومة لا شيء أمام منطق الرشوة والمحسوبية، ولعل عمليات استيراد الألعاب النارية التي تدخل بمئات الحاويات كل سنة رغم أنها ممنوعة قانونا خير دليل على أن هذه الرخص ستكون مجرد حبر على ورق وأن الغلبة ستكون لمنطق بارونات الاستيراد ما يجعل الآلية جيدة لكن الظروف المواتية لنجاحها لا تتوفر حاليا في الجزائر.
كما حذر العديد من الخبراء في الشأن ذاته من أن تكون هذه الرخص نافذة لبروز ظاهرة الاحتكار أي احتكار رخص الاستيراد من طرف متعاملين معينين دون غيرهم وخلق لوبيات جديدة تتحكم في التجارة الخارجية، خاصة أن هذه الرخص تعد حلا ظرفيا لا يمكنه أن يشكل الحل المرجعي والأمثل في تسيير التجارة الخارجية بالنظر أن نظام الرخص كان معمولا به في وقت سابق وأدى إلى تفاقم ظواهر البيروقراطية والرشوة والاحتكار. من جهة أخرى فإن الحكومة وبإقرارها لرخص الاستيراد وضعت نفسها أمام تحدي حقيقي لتشجيع الإنتاج الوطني بعيدا عن شعارات "استهلك جزائري" من أجل تغطية أي عجز يمكن أن يمس السوق الوطنية بسبب تقنين الاستيراد لبعض المنتوجات الكمالية، كما أن الحكومة مطالبة بضبط الأسعار والحفاظ على مستواها باعتبار أن أي عجز أو ندرة سيؤدي إلى ارتفاع جنوني في الأسعار وهو الأمر الذي يتضرر منه المواطن بصفة مباشرة.
 س. زموش

من نفس القسم الوطن