الوطن

الأحزاب الإسلامية وخياراتها بين المراجعة أو التثبيت

في انتظار ما ستسفر عنه مجالس الشورى التي ستعقد بداية العام القادم




تمر الأحزاب الإسلامية بفترة انتقال وتحول في الأداء والتعامل مع مختلف المستجدات الوطنية أهم ما يميزها الجنوح للمعارضة وبداية مسار الابتعاد عن السلطة بفعل التحول الموجود داخل النظام من جهة، وبسبب انتقال قيادة بعض الأحزاب لمن لا يملكون تجربة حقيقية في التعامل مع السلطة ويجنحون إلى رؤى نظرية مختزلة للفعل السياسي في خطاب معارض وأنه وحده بإمكانه كسب المصداقية داخل الرأي العام الوطني مما دفع بانخراط أغلب الأحزاب الإسلامية في مبادرة المعارضة فهي الأغلب في التنسيقية وما تبقى منها التحق بهيئة التشاور والحوار.
وتعد هذه الاختيارات السياسية مريحة التكلفة اتجاه المناضلين ولا تكلف أي جهد في شرح المواقف وتقلل كثيرا من الانتقادات الداخلية وترضي رغبات البعض في الضهور بشكل "متمرد" أو معارض لما تتيحه من مساحات في وسائل الإعلام المختلفة دون إنتاج أفكار جديدة ولا تموقع مجتمعي حقيقي ولا حتى نفع للمشروع الذي يفترض أن يناضل من أجله أصحاب التوجه الإسلامي عموما.
صحيح أن الانتكاسات التي حصلت في التعامل مع السلطة وعدم استفادة الأحزاب التي اختارت المشاركة من هذا الوضع عبر التمدد المجتمعي والمؤسسي الحقيقي وخاصة مؤسسات ذات النفع العام مثل ما يحصل في كثير من البلدان الإسلامية التي استطاعت الحركة الإسلامية فيها أن تقدم بدائل في الصحة والتعليم وحتى في مجال المال والأعمال عبر المؤسسات البنكية وغيرها من المجالات التي عملت الحركة الإسلامية على التجذر فيها وربط المواطن بإنجازاتها بعيدا عن خياراتها السياسية.
ولكن من الواضح أن استمرار خيار الابتعاد عن السلطة لا يمكنه أن يلبي حاجيات الإطارات والتي أصبح عددها كبيرا وترغب في أن يستفاد من تجربتها وخبرتها من جهة ولها أيضا بحكم تركيبتها الفكرية وقناعاتها توجه نحو خدمة المجتمع والدولة وهؤلاء يدركون بأنه لا بد من إيجاد بدائل سياسية في التعامل مع السلطة مع الاستفادة من تجارب الماضي، صحيح أمام هؤلاء عراقيل كثيرة أهمها جنوح البعض في تصنيفهم أنهم أصحاب حظوظ دنيوية وغيرها من التصنيفات المحبطة وسهلة التصديق رغم عطاءات بعضهم وثباتهم لفترات طويلة.
صحيح أن النظام الحالي لا يملك ربما رؤية متكاملة في تثبيت أركان الدولة عبر إشراك مختلف القوى والتيارات الأساسية في المجتمع إلا أن هذا التوجه يفترض أن يكون محل نقاش بيني وأن تساهم أطراف كثيرة في إعادة الحوار والتواصل لبناء جدار وطني إسلامي يتصدى للتحديات القائمة والمستقبلية.
بعض المؤشرات تشير إلى بدايات في هذا التوجه وقد يدخل مسعى سعداني ولقاءاته مع بعض الأحزاب الإسلامية ورغبته في لقاء آخرين أيضا تدخل ضمن هذا المسعى ولكن الطريق يبدو طويلا جدا وعوائقه أكثر بالمقابل التوجه في خط سياسي معارض ينتظر فترة توبة النظام أو زيادة تدهور الأوضاع بشكل ينهار فيها النظام كذلك مسار ليس مدروسا ولا واقعيا أيضا ولا يعني حتى في حالة حدوثه هو أن تكون المعارضة الحالية هي البديل للسلطة القائمة حاليا وهذه المقاربة يدركها عقلاء من القيادات الوسطى في الأحزاب الإسلامية.
أكيد أيضا أن رسائل كثيرة وجهت لقيادات الأحزاب الإسلامية تدعوها للتحاور والتعاون بعضها بشكل مباشر والبعض الآخر غير مباشر إلا انه لا يبدوا أن بعضها على الأقل قرأ الرسائل بشكل جيد بقدر ما أن هذا البعض مأسور في تجارب الماضي ويخاف من الاستئناف مرة أخرى وهو ما يجعل بعض المراقبين ينتظر موجات تحول داخل هذه الأحزاب عبر نداءات تصحيح مسارات أو مطالبة بتجديد الخطاب وحتى الممارسات، وقد تكون للقاءات مجالس الشورى في الأيام القادمة والتي في أغلبها عادية وتعقد بمناسبة نهاية العام ولتقييم سنة أداء ومواقف وسياسات قد تشهد هذه اللقاءات بداية حلحلة لوضع لا يبدو أنه سيستمر كثيرا عند بعض الأحزاب دون سواها

من نفس القسم الوطن