الوطن

الشارع رهان الحكومة في التهدئة ومحول سقف مطالب المعارضة

تطورت الاحتجاجات الاجتماعية إلى درجة العنف والقتل




من المنتظر أن يعقد مجلس الوزراء خلال الأيام القليلة القادمة، اجتماعا يمضي فيه رئيس الجمهورية على قانون المالية لسنة 2016 وقد يعرض أيضا حوصلة أو حتى بعض البنود إن لم تكن الوثيقة كاملة لمشروع مسودة الدستور على مجلس الوزراء، وينهي حالة الترقب عند الموالاة ويفتح المجال بشكل واضح للمعارك الانتخابية والاستحقاقات القادمة بما فيها التجديد النصفي لمجلس الأمة وإجراء تغييرات عميقة في الحكومة وتكيفييها وفق الدستور الجديد الذي ينتظر أن تكون التعديلات فيه مجرد العودة للدستور 96 مع بعض التحويرات القليلة.
كما يتوقع أن يطالب الرئيس من حكومته النزول إلى الولايات وشرح قانون المالية الذي كثر عنه الحديث وبدأت آثاره السلبية تعرف ممارسات غير مسبوق، على غرار ما وقع في بلدية البسباس بولاية الطارف نهاية الأسبوع المنقضي وفي حي الرملي بالعاصمة حيث قتل نائب رئيس البلدية من طرف مواطن، وفي الثانية قام مواطن آخر بالانتحار وهي مؤشرات خطيرة في أشكال الاحتجاج التي يعرفها الشارع نتيجة وصول قناعة باليأس من جهة وأن الدولة أصبحت لا تملك الإمكانات التي تقدمها للشعب من جهة أخرى.
تحرك الحكومة يسبق أيضا تحركات المعارضة التي يبدو هذه المرة أن الشارع هو الذي يسبقها ويقودها أيضا وهو التحول المنتظر بعد المصادقة على قانون المالية ثم إمضاءه من قبل الرئيس ليصبح ساري المفعول، والذي ستعرف بموجبه تحركات كبيرة لمختلف القطاعات العمالية أمام عجز النقابة المركزية الممثلة في الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي لن يستطيع هذه المرّة إيقاف التحركات العمالية التي بدأت تظهر حتى وإن أخذت شكل الإشاعات، مثل ما حدث في قضية قانون المتقاعدين ونية الحكومة المساس به مما اضطر كل من عبد المجيد سيدي سعيد مع وزير العمل وقبله الوزير الأول لتكذيب الإشاعة، كل هذه التحركات والمؤشرات تنذر بصعوبة الحراك القادم الذي سيفرض على أحزاب المعارضة خيارات أخرى أهمها التخندق مع مطالب العمال بشكل خاص والنزول معهم في احتجاجاتهم وإعطاء الغطاء السياسي لمطالبهم أمام صعوبة الوضع المالي وأحاديث عن تدهور أكثر لسعر البترول ونزوله عن السعر المرجعي الذي حدد به قانون المالي 2016.
بدائل استيعاب التحركات والاحتجاجية أصبحت جد محدودة تنضاف إليها إشكالات كثيرة منها قلة الانسجام الحكومي وطغيان الطموحات الشخصية للطاقم الوزاري وغياب هيبة الوزير الأول بحكم استقواء وزراء في حكومته نتيجة علاقاتهم مع الرئاسة من جهة وقدرتهم على تجاوز قدرات الوزير الأول من جهة أخرى.
كما يفسر البعض الأزمة داخل الفسيو كما هي في الأحزاب الأساسية المساندة للرئيس إضافة إلى المناورات المختلفة في الأجهزة الحساسة في البلاد وربما عبر عنها اجتماع الأفريبول الذي لخص أدوار المؤسسات الأمنية في المستقبل حينما أجلس مدير الدياراس مع مدير الحماية المدنية ومثل الدرك مسؤول أقل رتبة والكل تحت قيادة عسكري أمني يمكن أن يتحول إلى رجل مدني اختزل المشهد القائم، وما يمكن أن يفرزه من نقاشات وردود فعل لا تسمح بالانسجام الكلي في الخيارات الكبرى التي يمكن أن يتفق عليها البعض مستقبلا.
الوضع غير المستقر داخل جماعة الرئيس يصعب من أداء الحكومة ويقلل من نجاعة عملها في الفترة القادمة ويزيد من واقعية خطورة الوضع في البلاد وصعوبة التحكم في مآلاته أن لم تسرع جهود الإصلاح الحقيقي والانتقال بالبلاد نحو حلول ديمقراطية توافقية تجمع مختلف القوى الوطنية

خالد. ش.

من نفس القسم الوطن